تساءل الكثير من المتتبعين للشأن السياسي المغربي، عن أسباب تعيين الملك محمد السادس، خلال المجلس الوزاري المنعقد أمس السبت بالعيون، الكاتب العام لوزارة الخارجية ناصر بوريطة، وزيرا منتدبا في الخارجية، على بعد أشهر فقط من موعد الانتخابات التشريعية المقررة يوم 7 أكتوبر القادم، والتي ستسفر عن خارطة سياسية جديدة. وتعددت قراءات المحللين بخصوص أسباب هذا التعيين بين من رأى فيه غضبة ملكية على وزير الخارجية الحالي صلاح الدين مزوار، و من رأى فيه تمهيدا لتعيين بوريطة وزيرا للخارجية في الحكومة المقبلة، خاصة و أن الأخير ظل منذ تنصيب حكومة بنكيران وزير الخارجية "الفعلي" الذي لا يمكن تجاوزه في كل قرارات الدبلوماسية المغربية الخارجية. فحسب المحلل السياسي عمر الشرقاوي، فموافقة الملك محمد سادس على ظهير تعيين ناصر بوريطة وزيرا منتدبا في الخارجية يمكن قراءته من زوايا متعددة :
- الزاوية الدستورية والتي تجعل تدبير الدبلوماسية ضمن المجال المحفوظ للملك طبقا للفصل 55 من الدستور كما هو الشأن بالنسبة للمجال الديني والأمني، وهذا فتح المجال أمام الملك للتحرك في مجاله المحفوظ في احترام تام للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالتعيين والتعديل الحكومي أو الإعفاء أو التعويض كما ينص على ذلك الفصل 47 من الدستور.
- الزاوية السياسية حيث يمكن قراءة هذا التعيين باعتباره تمهيدا للانتخابات التشريعية المقبلة، فالرجل الأول في التدبير الديبلوماسي صلاح الدين مزوار هو أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار، وهذا المنصب يحمله مسؤولية سياسية في تدبير الاستحقاقات التي يقودها حزب الحمامة والذي يتطلب تفرغا سياسيا لمدة تتجاوز شهر ستكون بلا شك على حساب مسؤوليته الدبلوماسية.
- الجانب التدبيري وأقصد به حسن تطبيق مرحلة تصريف الأعمال التي ستدخلها الحكومة بعد ستة أشهر، فتصريف الأعمال في القطاع الدبلوماسي ليس كباقي القطاعات الحكومية فهو مرتبط أساسا بالتزامات واتفاقيات دولية حساسة تتطلب استمرارية قوة حضور المرفق الدبلوماسي، ولذلك فإن شخصية بوريطة تسمح بتدبيره لهذه المرحلة بكل هدود ونجاعة.
- زاوية الاستحقاقات الدولية: فالمغرب ينتظره مؤتمر عالمي سيحوله إلى قبلة الطاقة النظيفة مع تنظيم مراكش لمؤتمر cop 22 وفي ظل الرهانات الانتخابية والتحول الحكومي الذي يمكن أن تنتجه يبقى وجود تقنوقراطي غير مشغول بالرهانات الانتخابية على رأس الدبلوماسية أحد الضمانات لحسن سير تنظيم وأعداد المؤتمر.
- زاوية مستقبلية تتجسد في كون تعيين بوريطة خلال الأشهر الأخيرة من ولاية حكومة بنكيران قد يفسر بكونه تمهيدا لقيادة الدبلوماسية المغربية خلال الحكومة المقبلة آو انتقاله للمحيط الاستشاري الملكي كما حصل مع سلف يوسف العمراني. فمنصب بوريطة الإداري ككاتب عام ساعده على ربط علاقات دبلوماسية كبيرة و امتلاك خبرة دبلوماسية حولته إلى علبة سوداء ممتلئة بالملفات الحساسة والسيادية وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية والعلاقة مع الاتحاد الأوربي.