أعلنت الحكومة السويدية، مساء الجمعة، تخليها عن فكرة الاعتراف باستقلال الصحراء المغربية "لأنها تختلف عن أوضاع مناطق أخرى"، في نصر دبلوماسي مغربي وانتكاسة لانفصاليي بوليساريو المدعومين من الجزائر. وكانت هذه المسألة موضع دراسة الدبلوماسية السويدية منذ أشهر. ففي مطلع أكتوبر، أعلنت الحكومة المغربية مقاطعة السويد وشركاتها بسبب حملة المقاطعة التي تقودها السويد ضد الشركات المغربية آو تلك التي لديها استثمارات في الصحراء المغربية. وفي هذا الصدد، يرى محمد بودن، باحث في القانون العام والعلوم السياسية، أن إعلان الحكومة السويدية، عن نيتها بعدم الاعتراف بالصحراء كدولة، جاء في لحظة مهمة للقضية، ومتضمنا لإشارات قانونية، مرتبطة بعدم استيفاء شروط الاعتراف. وأعرب عن اعتقاده، أن هذا التوجه السويدي، يرتبط من جهة بأثر الموقف المغربي الصارم، والتطورات التي رافقته، ومن جهة أخرى بالحملة الدبلوماسية، التي تخوضها السويد للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن برسم عامي 2017،و2018، وتطمح السويد للاستفادة من أصوات أغلب دول المجموعة العربية،ومن بينها المغرب. واعتبر الخبير المغربي، في تصريح ل"الأيام24"، أن الموقف السويدي من قضية الصحراء، هو استمرار، لما وصفه ب"لعب السويد لدور محوري في بعض القضايا الإقليمية، في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن صانع القرار السويدي، انطلق في اتخاذ القرار الجديد، من التعامل بحذر، مع التطورات الإقليمية والدولية، بالإضافة مرتكز المصلحة، دون الاصطدام بالمرتكزات الثابتة في السياسة الخارجية السويدية". وصدر إعلان الحكومة السويدية في بيان رسمي في ختام مشاورات داخلية استغرقت عدة أشهر. وكان التلفزيون الرسمي "إس في تي" نقل هذه المعلومة مساء الخميس استنادا إلى مصادر لم يكشف هويتها. وقالت وزيرة خارجية السويد مارغو فالستروم "إن جهودنا ستتوجه بالكامل نحو دعم عملية الأممالمتحدة". وأضافت "أن الاعتراف لن يسهل هذه العملية. إن الوضع في "الصحراء الغربية" يختلف عن أوضاع دول سبق وان اعترفت بها السويد في السابق. لذلك اختارت الحكومة عدم الاعتراف بالصحراء وتبني نفس التقييم الذي قامت به الحكومات السابقة بشأن هذه المسألة". وفي هذا الشأن، أكد بودن، أنه من خلال لغة البلاغ الرسمي السويدي، يظهر أن السويد، ركزت على المقاربة الأممية،في إنجاز أي حوار أو تغيير، مشيرا إلى أن المؤهلات الدبلوماسية المغربية، ساهمت بدورها في تعديل مرحلي للموقف السويدي من ملف الصحراء، بالرغم من تواجد السويد خارج دائرة الاستقطابات الإقليمية والدولية، كما أن مضامين البلاغ عكست معرفة سويدية بملف الصحراء. وأضاف أن السويد، بهذا التطور في موقفها من القضية الأولى للمغاربة، "استطاعت أن تبدد، الفتور، لكنه ليس موقفا نهائيا، وممتدا في الزمن من وجهة نظري، وهو ما يستدعي بناء علاقات مغربية_ سويدية، تتجاوز التفاعل الظرفي". وفي أول مغربي على إعلان الحكومة السويدية، أكدت وزارة الخارجية الجمعة أن القرار "يتطابق مع القانون الدولي وينسجم مع المسلسل الجاري في إطار الأممالمتحدة". وفي أواخر شتنبر، جمدت السلطات المغربية افتتاح أول مركز تجاري لشركة إيكيا السويدية، أكبر مجموعة لبيع الأثاث في العالم، بسبب عدم توفر شهادة المطابقة، ليتبين بعد ذلك الرباط بدأت فعليا في اتخاذ إجراءات اقتصادية ضد كل المصالح المرتبطة بالسويد. ويعتبر هذا الموقف حسب صحيفة "ميدل ايست أونلاين"، تحولا في موقف اليسار السويدي الذي صوت عندما كان في صفوف المعارضة في دجنبر 2012 في البرلمان على مذكرة تطالب بالاعتراف بالصحراء المغربية، مدعوما بأصوات اليمين المتطرف. ومع تشكيل حكومة جديدة في أكتوبر 2014 تضم الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر، بدأ التردد في دفع السويد لتكون الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تعترف بالصحراء المغربية. ويعرض المغرب على سكان الصحراء البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة حكما ذاتيا واسعا يبقى تحت سيادة الرباط، في حين أن البوليساريو المدعومة من الجزائر تطالب بالانفصال. ولم تتمكن الأممالمتحدة من تحقيق أي نتائج ملموسة حتى الآن لحل هذه المشكلة. وتشرف الأممالمتحدة، بمشاركة جزائرية وموريتانية، على مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، بحثا عن حل نهائي للنزاع المفتعل حول إقليم الصحراء منذ توقيع الطرفين اتفاقا لوقف إطلاق النار عام 1991.