بفضل الإرادة السياسية القوية والرصيد التاريخي الغني والالتقاء حول عدد من القواسم المشتركة، تتجه المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة بثبات نحو تأسيس تحالف استراتيجي بين بلدين عربيين شقيقين، يؤمنان بحتمية التعاون الثنائي الفعال وضرورة توحيد الجهود من أجل بلوغ التنمية المنشودة في كافة المجالات، وذلك على ضوء الطفرة النوعية التي اتسم بها التنسيق السياسي والاقتصادي والأمني رفيع المستوى بين البلدين الشقيقين. ولعل أهم ما يؤكد تميز العلاقات بين البلدين الشقيقين هو تبادل الزيارات رفيعة المستوى، لاسيما زيارة العمل الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس لهذا البلد الخليجي الوازن في أكتوبر 2012، والزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة للمملكة في مارس الماضي.
والأكيد أن هذه الزيارات تأتي لتأكيد جودة ومتانة العلاقات التي تجمع الرباط وأبو ظبي على جميع المستويات، والرغبة الأكيدة التي ما فتئت تحذوهما في إعطاء دفعة قوية للتنسيق القائم بينهما في عدة مجالات، وذلك في أفق جعلها ترقى إلى مستوى التحالف التقليدي الذي أسس أولى لبناته المغفور لهما الراحل الحسن الثاني والراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وبالموازاة مع العلاقات السياسية والدبلوماسية والثقافية المتميزة التي تربط بين المغرب والإمارات، والتي ما فتئت تتعزز بفضل علاقات الود المتبادل والأخوة القائمة بين الشعبين الشقيقين وقائدي البلدين الملك محمد السادس والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تسير العلاقات الاقتصادية بدورها وفق منحى تصاعدي يعزى، بالخصوص، إلى الارتفاع المشهود في حجم الاستثمارات الإماراتية بالمغرب.
ويرى الكثير من المتتبعين، أن الشراكة المغربية- الإماراتية تعيش أزهى فتراتها، كما تشهد على ذلك اتفاقيات التعاون الثنائي ال 21 الموقعة خلال الزيارة الأخيرة لشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمغرب، بالموازاة مع ارتفاع مستوى التعاون الاقتصادي والمالي القائم بين البلدين، والذي تجسد سنة 2013 من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم بين المملكة وصندوق أبو ظبي للتنمية يمنح المغرب بموجبه هبة بقيمة 25ر1 مليار دولار موجهة لتمويل مشاريع تنموية بالمملكة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تدفقا هاما للاستثمارات الإماراتية نحو المغرب، والتي تنفذها عدد من المؤسسات الكبرى، من قبيل صندوق أبوظبي للتنمية، والشركة المغربية- الإماراتية للتنمية، وشركة طاقة، وشركة المعبر الدولية للاستثمار، ومجموعة إعمار، وشركة دبي العالمية، وشركة القدرة القابضة، بما يجعل دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى أهم الدول المستثمرة بالمملكة.
والأكيد أن ثقة المستثمرين الإماراتيين في ولوج السوق المغربية، تعززت كثيرا بفضل الجهود الاستثنائية التي بذلتها المملكة خلال الآونة الأخيرة، سعيا إلى استقطاب كبريات الشركات الاستثمارية الخليجية في القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الطاقة المتجددة والسياحة والصناعة والعقار والبنيات التحتية الكبرى.
ومما لاشك فيه أن مناخ الاستثمار الإيجابي السائد في المغرب، والذي يتيح إمكانيات هامة لا تقتصر فقط على القطاعات التقليدية كالفلاحة والصيد البحري والنسيج والسياحة، دون إغفال موقعه الجغرافي الاستراتيجي وشبكة اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها خلال الآونة الأخيرة مع عدد من الدول، يفتح أمام الجانب الإماراتي بوابة سوق ضخمة يفوق تعدادها مليار مستهلك في أزيد من 60 بلدا.
ولعل من بين أهم معالم التعاون الثنائي الفعال بين البلدين الشقيقين، قرار المغرب القاضي بمنح الدعم لدولة لإمارات العربية المتحدة في إطار جهودها الرامية إلى مكافحة الإرهاب، والذي يشكل مبادرة إرادية قوية إزاء بلد شقيق تجمعه بالمملكة علاقات استراتيجية وأخوية متينة، فضلا عن كونه يأتي لتعزيز تعاون عسكري وأمني متعدد الأوجه يمتد على فترة طويلة مع بلدان الخليج.
والأكيد أن هذا الدعم الأمني النوعي يؤكد الحرص المشترك لكلا البلدين على التصدي الحازم لظاهرة الإرهاب، عبر نهج مقاربة تشاركية تقوم على التنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والوسائل، بما يضمن استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار الذي يعد أساس التنمية الشاملة والمستدامة.
ولعل الثقة في مستقبل أكثر إشراقا للعلاقات المغربية- الإماراتية، تتعزز أكثر فأكثر، على ضوء الحرص الأكيد للملك ورئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في الحفاظ على الإرث الذي خلفه الزعيمان العربيان الكبيران الملك الراحل الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومواصلة بناء علاقات متينة وتعاون مكثف على جميع الأصعدة، بما يعود بالرفاه والازدهار والنفع العميم على كلا البلدين، وبالسلم والاستقرار على مجموع الوطن العربي.