صدر مؤلف بعنوان "العلاقات المغربية-الفرنسية، تاريخ ممتد عبر العصور" الذي ألفته السيدة بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، والذي قدمته، الجمعة، للملك محمد السادس، خلال حفل الاستقبال الذي ترأسه جلالته بمناسبة عيد الشباب، باللغتين العربية والفرنسية، ويتألف من جزأين، الأول يغطي الفترة الممتدة من 1282 إلى 1873، والثاني الفترة من 1873 إلى 1912. ويتعلق الأمر بالمؤلف الأول ضمن سلسلة تعالج تاريخ العلاقات الخارجية للمملكة من خلال الوثائق الملكية، حيث تم إعطاء الأولوية للعلاقات المغربية-الفرنسية الاستثنائية، والمتميزة بجذورها العريقة، وبالاستمرارية التاريخية، وكذا بتقاسم البلدين تاريخا مشتركا غنيا. وكتب مقدمة هذا الكتاب، الذي تم تأليفه بمساهمة قيمة من مديرية الأرشيف الدبلوماسي التابعة لوزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسية، سعادة سفير الجمهورية الفرنسية بالمغرب وسعادة سفير المملكة المغربية بفرنسا. ويسلط الكتاب الضوء على عراقة واستمرارية الدولة المغربية ومكوناتها والأسس التي تجسد خصوصياتها، وكذا على الموقع الجيو-استراتيجي للمغرب في المنطقة المتوسطية، خاصة أنه اضطلع دائما بدور همزة الوصل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وجسرا لحوار الحضارات، وكذا انفتاحه مبكرا على الدول الغربية، وبالخصوص فرنسا التي يقيم معها منذ وقت مبكر علاقات جيدة، وذلك منذ القرن الثالث عشر. ويتوزع المؤلف على عدة فصول باللغتين العربية والفرنسية، تم تقديم كل منها بتحليلات حول رهانات هذه العلاقات وتنوع أوجه التعاون على مر العصور، إذ خصص الفصل الأول لصورة المغرب لدى واضعي الخرائط الغربيين، بين الواقع والخيال، في حين يتطرق الفصل الثاني إلى مرحلة بزوغ هذه العلاقات. وفي ما يتعلق بالفصل الثالث فيتطرق إلى المغرب وفرنسا في عهد الوطاسيين والسعديين، في حين يغطي الفصل الرابع العلاقات المغربية-الفرنسية في عهد السلطان مولاي إسماعيل (1672-1727) والملك لويس الرابع عشر (1643-1715). ويتوقف الفصل الخامس عند عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله (1757-1792) والملكين لويس الخامس عشر (1715-1774) ولويس السادس عشر (1774-1792)، وذلك لإبراز العلاقات الدبلوماسية الوطيدة بين المغرب وفرنسا. ويركز الفصل السادس من الكتاب على السلطان مولاي سليمان (1792-1822) ونابليون بونبارت، فيما خصص الفصل السابع للسلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام (1822-1859) في مواجهة التوسع العسكري الفرنسي. ويعالج الفصل الثامن فترة حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان (1859-1873) ونابوليون الثالث ومشكلة الحماية القنصلية. ويتمحور الفصل التاسع حول إصلاحات السلطان مولاي الحسن وفرنسا (1873-1894). ويبرز الفصل العاشر مواقف السلطان مولاي عبد العزيز تجاه النزعة التوسعية الفرنسية بالمغرب (1894-1907) ويتناول المؤلف في الختام فترة السلطان مولاي عبد الحفيظ وفرنسا (1907-1912)، حيث يسلط الضوء على ظروف فرض الحماية الفرنسية على المملكة. وتعتزم مؤلفة الكاتب نشر مجلد ثالث حول تاريخ هذه العلاقات والمسار الذي مر منه مسلسل الاستقلال منذ 1912 الى غاية 1956. وتكمن أصالة هذا المؤلف في كونه يغطي تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية عبر الحقب الزمنية، ويتضمن رصيدا هاما من الوثائق بشأن هذه العلاقات، تم استقاؤها من جهتين مختلفين، هما مديرية الوثائق الملكية والأرشيف الدبلوماسي الفرنسي. ويشكل الكتاب مصدرا استثنائيا ومادة لا محيد عنها للبحث في مجال العلاقات الفرنسية المغربية، حيث يضم مراسلات تبادلها سلاطين المغرب وملوك فرنسا ونصوص معاهدات واتفاقيات، وقصص رحلات وتقارير حول قضايا بالغة الأهمية، كإشكالية الحدود، فضلا عن مراسلات تبرز أنماط العيش والعلاقة بين الشعبين. ويسبر المؤلف أغوار التاريخ الدبلوماسي، وييسر فهم تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية، ويمكن من إنجاز قراءة جديدة لها. ويهدف أيضا إلى تسهيل علاقات التعاون والتبادل بين مديرية الوثائق الملكية ومؤسسات الأرشيف المماثلة. ويسلط المؤلف الضوء على موضوعات معززة بالوثائق من أجل إثارة اهتمام الباحثين قصد تعميق دراستها. ويشمل الرصيد الوثائقي لهذا المؤلف 470 وثيقة مكتوبة وأكثر من 70 وثيقة ايكونوغرافية، من ضمنها صور فوتوغرافية ورسومات أو خرائط، والتي من شأنها أن تحظى باهتمام الباحثين في مجال التاريخ السياسي والدبلوماسي وعلم الاجتماع أو في المجال الدبلوماسي وفن كتابة الرسائل وأدب الرحلات والعلاقات الدولية.