تحدث البعض من أنصار التمديد لعبد الإله بنكيران لولاية ثالثة على رأس العدالة والتنمية عما أسموه "مفارقة غريبة" سقط فيها وزراء الحزب في الاجتماع الأخير للأمانة العامة. والمقصود ب"المفارقة الغريبة" هو تصويت هؤلاء الوزراء ضد الولاية الثالثة لبنكيران لكنهم صوتوا لفائدة بقائهم أعضاء بالصفة في الجهاز التنفيذي للحزب: الأمانة العامة. ويبدو أن الأمر كذلك كما جاء في الكثير من التدوينات على الفايسبوك. وبالفعل، فقد اتصلت بأكثر من مصدر قيادي بالحزب لعلي أعرف طبيعة هذه الاعتبارات التي قادت إلى هذه "المفارقة" إذا صح أن توصف كذلك. فما هي خلاصة هذه الاتصالات؟ لقد قيل لي إن الأمر لا يتعلق بأي مفارقة. كل ما في الأمر أن الأغلبية داخل الأمانة العامة للحزب وزراء وغير وزراء أبقوا على "الستاتيكو" لأنه لا وجود لدواع حقيقية تدعو إلى تغيير القوانين الأساسية للحزب. و"لأنه لا وجود لهذه الدواعي فقد صوتت شخصيا على أن تبقى الأمور كما كانت عليه من قبل"، يقول مصدري قبل أن يضيف "ثم إن جميع الوزراء لم يسقطوا بمظلة من السماء. بل إنهم جميعا منتخبون من طرف مناضلي الحزب في المؤتمر عدا إثنين أو وزير واحد نجيب بوليف أو الصمدي الذي ألحق بالأمانة العامة". ولم يقف مصدري عند هذا الحد، بل أضاف أيضا "أن الأخ الأمين العام عبد الإله بنكيران هو الذي كان يدافع على أن يكون جميع الوزراء أعضاء في الأمانة العامة لئلا يقع أي تنافر أو تباعد بين القيادة السياسية للحزب وبين وزرائه". وذهب البعض في المنحى نفسه ليقول إن القضية هي أصلا مفتعلة من أساسها لأن وزراء الحزب ليسوا فقط منتخبين، بل إن مؤسسات الحزب هي التي تقوم بعملية انتقائهم. أكثر من هذا هناك من تساءل قائلا: "وهل يعقل أن يتم انتقاء أعضاء من قبل مؤسسات الحزب المعنية. وعندما يصبح هؤلاء الأعضاء مسؤولين في الدولة نرفض إلحاقهم بالامانة العامة؟ ولمح مخاطبي إلى وجود تقليد سياسي معتمد لدى جميع الأحزاب الوطنية بالمغرب. ويقضي هذا التقليد بإلحاق الوزراء بقيادات الأحزاب. فماذا يعني أن يخرج العدالة والتنمية عن هذا التقليد والحالة هذه؟ سؤال موجه بالطبع إلى أنصار الولاية الثالثة. لكن، ومهما يكن الجواب فإن هذا النقاش المفتوح على مصراعيه داخل أكبر سياسي في المغرب هو بالتأكيد ظاهرة صحية سليمة لأن أخطر ما يهدد التجمعات البشرية هو ذلك الهدوء الممهد العاصفة.