طرد الأمير مولاي هشام العلوي من تونس ليس مدعاة للسرور والبهجة، بل إنها واقعة مؤلمة وسلوك غير مقبول ومدان، بالنظر لما ينطوي عليه هذا الفعل النكوصي من تضييق خطير على حرية الرجل في التنقل، وفي التعبير عن مواقفه السياسية التي تكفلها له المواثيق الدولية لحقوق الانسان كفرد بغض النظر عن صفته كأمير، لا سيما، وأن السلطات التونسية التي أقدمت على إهانته لم تقدم أي تبرير لقرارها الأمني والسياسي الذي رفضت الافصاح عنه بأمر كتابي.. الأمير مولاي هشام العلوي فرد من أفراد العائلة الملكية الحاكمة في المغرب، وهو ابن الامير مولاي عبد الله شقيق الملك الراحل الحسن الثاني، وابن عم الملك محمد السادس، وعندما تقدم السلطات التونسية على قرار طرده بتلك الطريقة المهينة تكون قد تصرفت برعونة، وأساءت دبلوماسيا لشخص له وضعه الاعتباري مهما كانت مواقفه مزعجة للسلطة في البلاد. الامير مولاي هشام دخل إلى تونس الشقيقة عبر مطار قرطاج الدولي في واضحة النهار وبوجه مكشوف.كما أنه نزل في فندق موفنبيك المعروف بالعاصمة تونس من اجل المشاركة في ندوة بحثية صرفة منظمة من طرف جامعة دولية في موضوع معروف مسبقا لدى أجهزة المخابرات التونسية واجهزة دول الجوار التي سارعت الى نقل خبر طرده بسرعة البرق!! الأمير مولاي هشام العلوي ليس ارهابيا أو مجرما أو مطلوبا دوليا لدى الشرطة الدولية حتى تتم مداهمة الفندق الذي كان كان يقيم فيه، ومرافقته لغرفته قصد لم أغراضه، وأخذه لمخفر للشرطة في سيارة أمنية ومنه الى المطار لترحيله من البلاد كما لو انه ينتمي الى تنظيم مافيوزي يشكل خطر على أمن تونس القومي! إذا كانت السلطات التونسية تعتبر الامير مولاي هشام العلوي شخصا غير مرغوب فيه وهذا حق سيادي للدولة التونسية التي تحكمها اليوم نخبة سياسية تنتمي لفلول نظام بن علي الهارب من البلاد، فهناك من الطرق الدبلوماسية ما يكفي لتنفيذ هذا القرار بطريقة تراعي الوضع الاعتباري للرجل كمثقف وكشخصية مرموقة ولها مكانتها الدولية في المحافل والجامعات الدولية، عوض تعمد ايذائه نفسيا من خلال اللجوء الى ذلك الأسلوب البوليسي البائد والمستفز. لا أكتب هذا الكلام من أجل الدفاع عن "الأمير المنبوذ" ولكن اكتبه من أجل تذكير من وجدوا في قرار طرده فرصة للشماتة فيه. لأن الأمير مهما اختلفنا معه يظل مواطنا مغربيا وفردا من أفراد العائلة الحاكمة وليس هناك أي قرار يجرده من صفة الأمير التي توجب احترامه دستوريا وقانونيا بل تلزم الدولة نفسها بضرورة توفير الحماية الدبلوماسية له إن تعرض لأي إساءة مقصودة مهما كان مزعجا في مواقفه السياسية التي يعبر عنها بوجه مكشوف. يمكن للمرء ان يتفهم حجم الضغوط التي يمكن أن تكون قد مورست على صناع القرار السياسي والأمني في تونس، داخليا وخارجيا، غير أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بإهانة ابن عم ملك البلاد بتلك الطريقة الوقحة إن كانت الرواية التي تناقلتها وسائل الاعلام الدولية والوطنية صحيحة. من هذا المنطلق، عندما اهين وزير خارجية المغرب السابق صلاح الدين مزوار في مطار شارل ديغول الكل تحدث عن الإهانة بداعي أن الوزير له حصانة دبلوماسية لم تؤخد بعين الاعتبار -وهذا امر فيه نقاش كبير-، وعندما توجه رجال الشرطة في باريس إلى مقر البعثة الدبلوماسية المغربية فيما بات يعرف بقضية مدير المخابرات المدنية تم استنفار كل أركان الدولة المغربية بل إن التوتر بين المغرب وفرنسا تجاوز ما هو دبلوماسي ووصل إلى حد وقف كل أشكال التعاون القضائي بين الدولتين لأن المغرب دولة وحكومة رفض الإساءة لمسؤول أمني له مكانته واعتباره الشخصي والوظيفي لكن إلى حدود الآن لم نلحظ أي رد فعل حكومي ولا أي رد فعل دبلوماسي، مع العلم أن الأمر يتعلق بإهانة أمير ابن امير ابن عم الملك محمد السادس!! لا شك أنه في العلاقات الدولية هناك مبدأ دولي معروف يمنع على الدول التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض احتراما لسيادة الدول وفق ما ينص عليه ميثاق الأممالمتحدة ولا شك أيضا انه من حق الدولة التونسية أن تعتبر أي فرد شخصا غير مرغوب فيه عندما تشعر بأن تحركات وأفعال ذلك الشخص يمكن أن تشكل تهديدا لامنها الداخلي أو عامل تشويش على علاقاتها الدولية بدول صديقة او حليفة بسبب نشاطه السياسي أو الفكري داخل أراضيها، ولكن عندما تمتنع السلطات التونسية على تبرير فعلها تجاه الأمير مولاي هشام العلوي، والذي يمس بحقوق مكفولة له دوليا، فإنها تكون قد تعمدت الإساءة للرجل بخلفية سياسية لا استبعد شخصيا ان تكون لها علاقة بالمواقف التي ظل يعبر عنها الأمير في مناسبات عدة حول عودة الحرس القديم إلى الحكم في تونس ومصر بعد أن هدأت عاصفة الربيع العربي الذي انطلقت شرارته الأولى من تونس الياسمين.