معتدلو الحراك في السجون ومسيرة 20 يوليوز مفتوحة على رفع سقف المطالب للمحتجين للتاريخ وللأمانة ولو عرضني الأمر لانتقاد البعض قبل انطلاق مسيرة 20 يوليوز بالحسيمة،يجب أن نعلم جميعا أن أكثر شباب الريف اعتدالا ووطنية هم المعتقلون، فلقد تمكنوا من تحصين الحراك من الركوب السياسي والسياسوي بالرغم من بعض الأخطاء التي ارتكبوها في لحظات قهر وخذلان ساهم فيها الوطن ككل ولاسيما تصريحات الداخلية والأغلبية الحكومية وخطبة وزارة الأوقاف التي خونتهم ورغم كل ذلك فقد حافظوا على السقف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المعتدل لمطالب المنطقة.. لقد حصنوا أنفسهم على الرغم من قساوة ظروف العيش لمجملهم من اغراءات المساندة المادية لذوي السقف المرتفع جدا والذين كانوا يبحثون عن حصان طروادة من خلالهم.. ووالله لأجل هذا أشد على اياديهم واحدة وواحدا واحدا وأبوس الأرض تحت نعالهم (كما يقول الشاعر ). وأما الإصرار على اعتقالهم إنما هو فتح الحراك على كل الاحتمالات وحرمانه من فرصة الاعتدال وعلى الوحدة الوطنية واستقرار البلاد فليس كل سائر اليوم للحسيمة في مسيرة 20 يوليوز له نفس السقف وإن التمادي في عقاب الشباب وعائلاتهم قد يجعل من الرغبة في المعاقبة الجماهيرية للغيابات المتراكمة من جهة والتصريحات التخوينية ثم الإجراءات القمعية وإصدار قرار منع المسيرة بالإضافة لتصريح الأغلبية الحكومية المساندة لهذا المنع؛ كلها عناصر تجعل من هذه الجماهير المحتجة قابلة للاختراق وربما الاستعمال من جهات ليس لها نفس سقف الاعتدال الذي تبناه شباب الحراك المعتقلون؛ بما في ذلك بعض التنظيمات السياسية التي جعلت تغيير النظام السياسي للبلاد ضمن برامجها وواضبت على الإعلان عن ذلك لا سيما إبان الانتخابات خاصة تلك التي تفتقد منها للجماهير من أجل تمرير خطاباتها ومشروعها السياسي ولذلك ستسعى لاستعارة جماهير الحراك من أجل التوهيم وإيجاد ضالتها في هذه الجماهير التي ترغب في عقاب السلطات الحكومية والمنتخبين محليا ووطنيا وربما أكثر. كما لن يفوت نفس فرصة محاولة البحث عن نفس العينة من الجماهير من يشتغل لأجل نفس السياق المتعلق بالنظام وهذه المرة ليس من أجل تغييره بقدر ما هو الانفصال عن الوطن والترويج لهذه الأطروحة القادمة من المهجر والتي بدورها لطالما افتقدت للامتداد الجماهيري وتعول على هذه المسيرة لنفس الأهداف بقدوم الجالية. ولعل الطرفين لن يؤلوا جهدا في محاولة إثبات كون الاعتدال في المطالب لا تأتي سوى بالسجن والاحتقار والتخوين والقمع وسيرافعون من أجل إثبات أن وجهات نظرهم التي لا تؤمن بالتغيير إلا إذا تغير النظام هي الأسلم والأصح وللأسف كم من غاضب سيحرق ورقة الاعتدال كما أحرق الشباب أوراقه حينما ركب الموج وعبر البحر للمهجر والكارثة أن يكون الاحراق جماعيا لا سيما في ضل غضب الجماهير. إن الإصرار على إبقاء نشطاء الحراك وزعمائه في المعتقلات إنما هو إصرار على ترك الحراك بدون تحصين وتركه في مهب الركوب والاختراق من أقليات لم تتحرك منذ بداية القضية إلا بقدر ما يخدم مصالحها ولم تقدم أي دعم معنوي أو مادي أو ترافعي للقضية الرئيسية التي حركت جماهير الحسيمة عقب وفاة شهيد لقمة العيش محسن فكري واكتفى بعضها بأخذ الصور والتباكي في الساحات تاركا هؤلاء الشباب والحسيمة ومنطقة الريف المغربي لقدرهم أكثر من ثمانية أشهر للأسف من أجل مطالب حلها كان ممكنا في أقل من شهر. إن أخوف ما نخافه على الوطن هو أن الجهات التي تصر على ترك شباب الحراك في المعتقلات خوفا من هزيمة صغرى فيها صراعات في مفهوم السلطة وصراعات تموقع السلطات إنما يغفلون عن الهزيمة الكبرى المحتملة للوطن..كما أن إخراج المواطنين والجماهير في نفس الوقت له مخاطره فكم من ساع لبناء وطنه وساع من أجل الكرامة قد يتحول إلى قنص لأعداء الوطن من الخارج ومن الخوارج.