فجر كتاب صدر هذا الأسبوع في فرنسا خبرا على شكل حادثة تاريخية، لا شك أنها ستثير الكثير من الجدل في كل من المغرب والجزائر. وصدر الكتاب تحت عنوان «العالم كما يراه كارلوس» للكاتب الفرنسي لازلو ليزيسكاي، عن عملية اغتيال فاشلة استهدفت الملك الحسن الثاني، على يد الثوري الفنزويلي إليتش راميريز سانشيز، المعروف بلقب "كارلوس"، وذلك بعد تجنيده من طرف نظام الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين. وكشف كارلوس في كتاب «العالم كما يراه كارلوس» أن عملية اغتيال الحسن الثاني فشلت رغم التخطيط المحكم لها، بسبب وفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين قبل تنفيذ العملية بأسابيع فقط. وأشار الكاتب إلى أنه في "27 دجنبر 1978 خسر كارلوس واحدا من أقوى مناصريه وأكثرهم نفوذا بوفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين". وأضاف الكتاب " قام الرئيس الجديد الشادلي بن جديد بتعيين مقربين منه في أجهزة الأمن، وأقال الرجال الأقوياء في النظام السابق من أمثال أحمد داريا مدير الأمن العام، وصالح حجاب، قائد المفوضية المركزية في الجزائر". ووصف الكاتب الفرنسي صالح حجاب بأنه كان "قاطع طريق سابقا وقاتلا مأجورا في عهد نظام هواري بومدين، وكان يخطط رفقة كارلوس لاغتيال الملك الحسن الثاني". وحول تفاصيل خطة عملية اغتيال الراحل الحسن الثاني، قال كارلوس إنه خطط مع صالح حجاب لعملية الاغتيال بعد التنسيق مع «عميل» داخل الأراضي المغربية، وأرسلا «مجموعتين منفصلتين إلى المملكة المغربية لتنفيذ العملية، تتكون كل مجموعة من أربعة أشخاص، ولكن من دون أن تعرف كل مجموعة بوجود الأخرى». ويكشف الكتاب نقلاً عن كارلوس أن «لا أحد كان يعرف هوية مخبرنا. لقد كان هنالك شخص وحيد يمكنه أن يدلنا على الطريق التي سيسلكها الملك الحسن الثاني لمغادرة الرباط، وكل مجموعة كان عليها أن تتموقع وتتمركز عند أحد هذين الطريقين، وكان العميل يتولى مهمة إخبارنا في الوقت المناسب ما إذا كان الملك الحسن الثاني سيسلك الطريق ذات اللون الأحمر أو ذات اللون الأزرق». وأوضح كارلوس أنه هو وصالح حجاب وحدهما فقط كانا يعرفان اسم العميل المغربي وهو الجنرال أحمد دليمي الذي كان أحد المقربين جدا من الملك الحسن الثاني، الذي توفي في ظروف غامضة إثر حادث سير في مدينة مراكش يوم 22 يناير عام 1983. ويخلص كتاب «العالم كما يراه كارلوس» إلى أن فشل خطة اغتيال الحسن الثاني ترجع إلى عاملين أساسيين، أولهما وفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين الذي أوعز إلى كارلوس بتنفيذ العملية، والثاني إقالة الشاذلي بن جديد لرجال الأمن التابعين لهواري بومدين بعد وفاته، وهو ما وضع حدا للتنسيق الأمني بين النظام الجزائري وكارلوس وبالتالي إلغاء الخطة بشكل نهائي. يذكر أن القضاء الفرنسي كان قد حكم في مارس الماضي على كارلوس بالسجن المؤبد بعد إدانته بالضلوع في هجوم في باريس قبل أكثر من أربعين عاما، والحكم هو الثالث من نوعه لهذا الرجل المسجون في فرنسا منذ 1994. وصدر الحكم بالسجن المؤبد عن محكمة الجنايات الخاصة في باريس، ويتعلق بهجوم بقنبلة يدوية استهدف متجرا يهوديا «دراغستور بوبليسيس» عام 1974، وأسفر عن مقتل شخصين وإصابة العشرات. وكان الادعاء العام طالب بأقصى عقوبة لكارلوس البالغ من العمر 67 عاما، واسمه الحقيقي إليتش راميريز سانشيز، وقال إن كل الأدلة المتوفرة تشير إلى ضلوعه في الهجوم. يذكر أن الحكم الأول صدر بالسجن المؤبد ضد كارلوس عام 1997 بعد إدانته بقتل شرطيين ومخبر عام 1975. وصدر الحكم الثاني في 2011 وجرى تثبيته بعد ذلك بعامين، وهو يتعلق بضلوع كارلوس في أربعة تفجيرات وقعت عامي 1982 و1983، وأسفرت عن مقتل 11 شخصا وإصابة 150. وتجدر الإشارة أن كارلوس اعتقل في السودان عام 1994 ونقل إلى فرنسا.