بعد حكمين سابقين بالمؤبد، نطق القضاء الفرنسي بحكم جديد صباح اليوم الثلاثاء في حق الفنزويلي إليتش راميريز سانشيز المعروف بكارلوس الثعلب بالسجن الموبد في قضية اعتداءات باريس سنة 1974 الذي أوقع قتيلين و34 جريحا. واتبعت محكمة الجنايات الخاصة في باريس توصيات المدعي العام الذي طلب الاثنين انزال العقوبة الاشد في القانون الفرنسي في قضية الاعتداء على متجر "دراغستور بوبليسيس، ضد كارلوس (67 عاما) والذي سبق ان حكم عليه مرتين بالسجن المؤبد وهو مسجون في فرنسا منذ 1994. وكان المدعي ريمي كروسون دو كورمييه طلب الاثنين الحكم على كارلوس بعدما خلص الى ان "جميع الادلة التي جمعت في إطار هذا التحقيق تشير إليه". من جهتها كانت هيئة الدفاع عن كارلوس طلبت تبرئته لان لا شيء في الملف يسمح بتأكيد مسؤولية المتهم. وبين الشهود الذين فقدوا ذاكرتهم والضحايا الاموات والخبراء الذين تم استبدالهم، كشفت المحاكمة مدى صعوبة النظر في قضية بعد مرور 43 عاما على وقائعها. ورأت محكمة الجنايات ان التقادم المحدد بعشر سنوات بعد وقوع الجرم، قطع في هذه القضية بسبب اعمال اجرائية مرتبطة بملفات اخرى لكارلوس بينما تندرج الوقائع في اطار "اصرار على المشاركة في الارهاب". ويمضي كارلوس الذي كان من أشد المدافعين على القضية الفلسطينية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي والمسجون في فرنسا منذ 1994، حكمين بالسجن المؤبد لاتهامه بقتل شرطيين في 1975 في باريس واربعة اعتداءات بالمتفجرات اسفرت عن سقوط احد عشر قتيلا وحوالى 150 جريحا في 1982 و1983 في باريس ومرسيليا وفي قطارين . وقال المدعي العام "يتهموننا بالتنكيل به قضائيا وباهمال الحق في النسيان. لكن باسم الحقيقة وتكريما للضحايا (…) المقاضاة واجبة حتى بعد هذه الفترة الطويلة"، رافضا اتهامات الدفاع بان المحاكمة سياسية. اما الدفاع، فقد رأى انها "محاكمة سياسية مقررة مسبقا" و"تمسك القضاء بوقائع بالغة القدم". وفي قفص الاتهام، قام ايليتش راميريز سانشيز بعرضه المعتاد ملقيا خطبا طويلة تتضمن عبارات ثورية واستفز المحكمة بارسال قبلات او مصافحة مقربين جاؤوا لدعمه في الجلسة. وقال احد محاميه فرنسيس فويمان ان موكله فعل خلال المحاكمة كل ما بوسعه "لاستفزاز المحكمة" ليحكم عليه باقصى عقوبة. يشكل الاعتداء على متجر "دراغستور بوبليسيس" العملية الأقدم التي يحاكم عليها كارلوس أمام القضاء الفرنسي، والأخيرة التي سيحاكم بسببها في هذا البلد حيث يمثل امام المحكمة منذ 13 مارس. ومن ادلة الاتهام ان القنبلة اليدوية التي استخدمت في الاعتداء جاءت من المجموعة التي عثر عليها في شقة صديقة كارلوس وبين ايدي مجموعة مسلحة من الجيش الاحمر الثوري القريب من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجورج حبش الذي دعاه آنذاك إلى المشاركة في تدريبات عسكرية في الأردن، قبل أن يستقطبه. لكن الدفاع رأى ان هذه الحجة غير صحيحة لان 24 قنبلة يدوية من هذا النوع سرقت في المانيا ولم يعثر عليها وان نظام الاشعال الذي كشف بعد الانفجار يمكن ان ينطبق على اي نوع آخر من القنابل اليدوية الاميركية. واستند ممثل النيابة العامة الى شهادات صديقة كارلوس ورفاق سابقين له. لكن الدفاع اعتبر ان هؤلاء غيروا افاداتهم في مختلف الجلسات وبدوا مربكين امام الحضور.