أثناء درسه الذي افتتح به سلسلة الدروس الحسنية 1438. تبنى وزير الأوقاف بعض الآراء الشاذة المشهورة عند متأخري المالكية. ودافع عنها بنوع من الإفراط. وجنح به الكلام لوصم من يقول بها بنعوت لا يليق صدورها من عامي. بله أن تصدر من وزير في حضرة مجلس سلطاني. ومن القضايا التي أثارها الوزير المذكور. مسألة القبض في الصلاة. وهي لعمري من القضايا التي سال حولها مداد كثير. إلا أن المقلدة من أمثال الوزير. لا يميلون مع الدليل. ويتشبثون ب(إنا وجدنا آباءنا). وبالرجوع إلى الوراء. نجد وزارة الأوقاف ذاتها. تولت سنة 1975 طباعة كتاب (الصوارم والأسنة في الذب عن السنة). وكتب على غلافه أنه طبع بأمر من سيدنا أمير المومنين…. والكتاب من ألفه إلى يائه في نصرة قبض اليدين في الصلاة. فهل كانت وزارة الأوقاف حينها تكفيرية؟ وبنظرة عجلى على فصول الكتاب يتبين نزق الوزير التوفيق وجنوحه . الفصل الأول : في أدلة القبض من القرآن والسنة. الفصل الثاني : في نصوص المالكية على مطلوبيته. الفصل الثالث : في كونه هو الراجح والمشهور في مذهب مالك. والأكثر من هذا. أن حديث القبض مروي في الصحيحين. وأحاديث القبض بلغت التواتر. ومما لا يعرفه وزير الأوقاف. أن حديث القبض مروي في موطأ الإمام مالك. حيث روى (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) وأقوال المالكية في هذا الباب لا تنحصر. قال ابن عبد البر : لم يزل النبي يقبض حتى لقي الله تعالى . القرافي قال عن القبض : هو المشهور. القاضي عياض :القبض هو قول الجمهور. ابن العربي المعافري : القبض هو الصحيح. ابن رشد : القبض هو الأظهر. اللخمي : القبض هو الأحسن. العدوي : القبض هو التحقيق. المسناوي : اجتمع في سنة القبض في الصلاة قوة الدليل وكثرة القائل. وألف في القبض علماء المغرب. مثل المحدث الشريف سيدي محمد بن جعفر الكتاني والمحدث الحافظ سيدي أحمد بن الصديق والمسند عبد الحي الكتاني والصوفي سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني. وللعلامة المحقق سيدي عبد الله بن الصديق رسالة بعنوان (كشف أنواع الجهل فيما قيل في نصرة السدل)أتى بتحقيقات لم يسبق إليها. منها استدلاله بقاعدة أصولية (الأمر إذا دار بين التأكيد والتأسيس كان حمله على التأسيس أولى) من هنا يتبين لنا أن الوزير خالف النبي صلى الله عليه وسلم. وخالف إمام المذهب. وخالف علماءه الكبار شرقا وغربا. وخالف علماء المغرب. وخالف قواعد الأصول. وأشير في هذا الموضع. أن الوزير يريد إرجاعنا إلى عصور التخلف والتعصب. حيث كان الناس يعتقلون ويثلب عرضهم بناء على القبض في الصلاة. وأختم بإنشادات في الموضوع. قال العلامة المالكي محمد بن أبي بكر الديماني : واعلم بأن القبض في إنكاره خطر//فسلم. والموطا فانظرا. وقال الشيخ محمد سفر المدني المالكي: والوضع للكف على الكف ورد//عن النبي الهاشمي فلا يرد. رواه مالك وأصحاب السنن//ومسلم مع البخاري فاعلمن. ومن يقل هو بدعة فقد كذب//دعه ولا تذهب لما له ذهب. وقال الشيخ مربيه ربه بن الشيخ ماء العينين : لا يستوي المبطل والمحق//وفي نصوص القبض جاء الحق. ويمكن أن نورد في هذا المقام. أن الأغلبية الساحقة من رؤساء وأعضاء المجالس العلمية في المغرب يقبضون أيديهم في الصلاة. وفاقا للسنة والمذهب. وخلافا للوزير. والحمد لله.