في الوقت الذي كنا ننتظر من المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن يطلع علينا أمام ما يعترضنا من تحديات في منظومتنا التعليمية وتفشي الأمية وتزايد الهدر المدرسي بمقترحات تسير بنا نحو التدرج في إجبارية التعليم وإيجاد الحلول الذكية لأجل ذلك؛ إذا بنا نفاجأ بمصادقة جمعيته العامة على مشروع الرأي الذي كان قد تقدم به رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران، خلال ولايته المنتهية، بشأن القانون- الإطار للمنظومة التربوية المتعلق بإلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي. لاشك أننا وإن تعودنا على عدم انتظار الشيء الكثير من بعض المؤسسات التي فشلت في إيجاد حلول بديلة لفشل الوزارات المكلفة أصلا بنفس القطاع إلا أننا انتظرنا أمام حمق المقترح عقلا لهذه المؤسسة.. ولم نتوقع أبدا أن تضرب هذا المكسب الشعبي بخصوص مجانية التعليم. إن اختيارية اللجوء إلى التعليم العمومي أو التعليم الخاص هو جزء من الإدماج الطبقي في البلاد وبعض صناعة العيش المشترك بالرغم من كل المشاكل المرتبطة بذلك وصعوبة أو هشاشة ظروف الغالبية العظمى من الأسر المغربية؛ أما عدم ترك الخيار للأسر فهو قرار لم يأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات السيكولوجية والمجتمعية لقرار من هذا الحجم على المجتمع المغربي بجميع شرائحه. إن إلغاء مجانية التعليم مع استثناء الفئات الفقيرة والهشة هو بمثابة صناعة حزام بشري ناسف للمجتمع؛ وإقامة أسوار عالية بين أطفال نفس الوطن ويافعيه وشبابه؛ فيكفي تحديد انتماء التلميذ للتعليم العمومي للحكم عليه بالانتماء للفقر. إن هذا التمييز خرقٌ للدستور في حق المساواة وخرق لحق من الحقوق العالمية للإنسان وهو التعليم، كما أنه ضرب للعيش المشترك بين أطفال وشباب البلد الواحد وصناعة الخنادق بين أجيال الغد والكفر بالمساواة بين أبناء الوطن الواحد!