كشف تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عما حققه الميثاق الوطني للتربية والتكوين خلال ثلاثة عشر سنة من تنزيله، وعما لم يتحقق. وقال مجلس عزيمان إن الكثير من الملفات لا تزال في حاجة لإعادة النظر ومنها ما يتعلق بالتعلمات الأساسية وبالتعليم الأولي والهدر المدرسي. لذلك يسير المشروع المستقبلي لإصلاح منظومة التربية والتكوين في اتجاه هذه القضايا التي يعتبرها أساسية. لم يحمل التقرير الأخير الذي قدمه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الكثير من المفاجئات وهو يعرض لما حققه الميثاق الوطني للتربية والتكوين خلال ثلاث عشرة سنة على تنزيله. وقال تقرير مجلس عمر عزيمان ما سبق أن قاله مجلس الراحل مزيان بلفقيه، أو ما قدمته عملية التشخيص التي قام بها وزير التربية الوطنية في حكومة عباس الفاسي أحمد اخشيشن حينما جاء بمشروع المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، والذي كان مقررا له أن ينطلق في 2009 وأن يكمل سنواته في 2012، قبل أن يتوقف بقرار سياسي في منتصف الطريق. في التقرير الأخير للمجلس الأعلى نقرأ الخلاصات نفسها حول التعلمات الأساسية، التي لا تزال رهانا صعب التحقق، وحول الهدر المدرسي، الذي يجعل عددا من تلامذتنا يغادرون فصول الدرس في السنوات الأولى دون أن يكملوا المشوار الدراسي إلى أقسام الإعدادي والثانوي. وفي التقرير نفسه أرقام حول عدد هؤلاء الذين يغادرون خصوصا بالنسبة للعنصر النسوي. ومعطيات حول التعليم الأولي، الذي يكاد يغيب في العالم القروي، وإن كان بدرجة غير كافية في الوسط الحضري، مما يقلص من تكافؤ الفرص بين المتعلمين. وفيه أيضا حديث عن الجودة، التي لا تزال هي الأخرى هدفا تسعى إليه المدرسة المغربية. والخلاصة هي أن كل هذه المدة التي قضاها المجلس الأعلى في الدراسة والمشاورة وفي إشراك جل المتدخلين في القطاع من مدرسين وآباء وباحثين وأحزاب سياسية ونقابات مهنية، لم تقدم نتائج مفاجئة لما ظل يشكل إكراهات لا تزال تقف في وجه الإقلاع الحقيقي للمدرسة المغربية. لقد تزامن تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الأخير مع مرور أربع سنوات على إصدار المذكرة الوزارية المتعلقة بإرساء نظام الجودة بمنظومة التربية والتكوين في 21 من مارس من سنة 2011 حينما كان المخطط الاستعجالي يسير إلى تنزيل مشاريعه. وهي المذكرة التي اعتبرت الجودة أساسية في كل عملية إصلاح. كما أكدت المذكرة على ما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثالث. والذي نص على ضرورة الرفع من جودة التربية والتكوين، وضرورة التزام الدولة بالعمل على جعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجيات الأفراد والمجتمع، وذلك بوضع مرجعيات المناهج والبرامج ومعايير التأطير والجودة في جميع مستويات التربية والتكوين. أما الهدف الأكبر، فهو إعادة صياغة أدوار المدرسة، وجعلها مؤهلة لتحسين جودة التعلمات من خلال اعتماد مقاربات تدبيرية مبنية على مبادئ التعاقد، والشارك، والحكامة الجيدة. أما لتنزيل كل هذه الأفكار، فقد وضعت خطة لإرساء نظام الجودة بالمنظومة مبني على رؤية مستقبلية واضحة. وذلك من خلال وضع وحدة مركزية، وأخرى جهوية، وثالثة إقليمية وفق مخطط ممتد من سنة 2010 إلى سنة 2016. وعن التعليم الأولي، الذي لا تخفى كل التقارير أهميته لتحقيق الجودة المفترضة، يقول المجلس الأعلى إنه لا يزال لم يعرف تعميما كافيا خصوصا في الوسط القروي. لذلك كانت إحدى لجان المجلس قد توقفت مليا عنده. وسجلت في تداولاتها، ضرورة تحمل الدولة لمسؤولية التدريس الأولي تجاه أبناء المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و6 سنوات. مبررة ذلك بضرورة تكافؤ الفرص بين تلاميذ القرى والمدن. كما سبق أن خص الميثاق الوطني للتربية والتكوين، قضية التعليم الأولي بالاهتمام حينما تحدث على أن تعميم التعليم الأولي يجب أن ينتهي في 2015. وهو الرهان الذي لم يتحقق بالجودة التي كانت منتظرة. كما كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، قد أعطى لهذا الشق العناية الكبيرة، وخصص له مشروعا من مشاريعه بالنظر للدور الذي يلعبه هذا التعليم، رغم الكثير من الإكراهات التي تعترضه. لذلك عاد الحديث مجددا عن هذه النقطة في مشروع الإصلاح الذي من المقرر أن تدخله المدرسة المغربية، كما وعد بذلك وزير القطاع، وكما قال المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي. وقد سبق أن أنجزت وزارة التربية والتعليم دراسة أرادتها أن تكون مرجعا أساسيا لملف التعليم الأولي في المغرب، على اعتبار أنه ظل يحتل دائما مكانة بارزة في كل البرامج المتعلقة بالإصلاحات التعليمية التي تمت حتى الآن. وهي الدراسة التي خلصت في بعض فقراتها إلى أن هذا القطاع لا يزال مجالا للعديد من المبادرات التي يقوم بها متدخلون آخرون من مختلف القطاعات الحكومية، غير وزارة التربية والتعليم. ومن القطاع الخاص. أو من الجمعيات المهتمة، خصوصا وأن نسبة الأطفال الذين يستفيدون من التعليم الأولي بمختلف البنيات المتوفرة، لا تتعدى الثلثين ممن هم في سن ما قبل التمدرس. كانت الدراسة قد توقفت في تحليلها للمعطيات النوعية، عند بنيات الاستقبال، والبرامج والطرائق والنماذج، ونوعية هذه البنيات، ونوعية التدبير المتبع مركزيا وإقليميا. ثم نوعية تدخل الشركاء والجمعيات والجماعات الترابية. بالإضافة إلى القطاعات الحكومية المتدخلة ومساهمة كل منها وهي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومؤسسة التعاون الوطني، ووزارة الشباب والرياضة، وغيرها. هذا بالإضافة إلى تلك التقارير التي أنجزت حول الموضوع من قبل المجلس الأعلى للتعليم، واليونسكو، والبنك الدولي وغيرها. وهي التقارير التي خلصت إلى ضرورة إرساء تعليم أولي معمم وذي جودة؛ باعتباره مرحلة قائمة الذات من شأنها تهييء الأطفال للمرحلة الابتدائية. وذلك من خلال استهداف تنمية الكفايات الأساسية للطفل، ومهاراته اللغوية. مع التركيز على الأنشطة الحس- حركية، والتربية الفنية. وخلصت الدراسة، إلى أن الأطفال المغاربة الذين يدخلون السنة الأولى من التعليم الابتدائي، ينطلقون في مسيرتهم الدراسية انطلاقة متفاوتة، إذ أن أولئك الذين سبق لهم أن استفادوا من تربية ما قبل مدرسية ذات جودة، يتوفرون على فرص كبيرة للنجاح في المدرسة وفي الحياة الاجتماعية. ثالث الملفات الكبرى التي توقف عندها تقرير المجلس الأعلى الأخير هي المتعلقة بظاهرة الهدر المدرسي. فالأرقام تقول إن 400 ألف تلميذ يغادرون حجرات الدرس كل موسم دراسي إما بسبب الظروف الإقتصادية والاجتماعية كالفقر. أولضعف دخل الآباء، والطلاق وأمية الآباء والزواج المبكر بالنسبة للفتيات. هذا بالإضافة إلى بعد المدرسة، وضعف الوسائل البيداغوجية حيث تطغى المناهج التقليدية .وسوء العلاقة بين التلميذ والمدرسة والناتج عن الإكتظاظ الحاصل داخل المدرسة مثلا، وأنظمة الإمتحانات .وطبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف إضطرابا وتباينا، مع الخلل الحاصل في البنية التربوية، كعدم توفر بعض الأسلاك. وحينما نتأمل هذه الأسباب التي تقف وراء الهدر المدرسي نجد أنها تشترك فيما هو بيداغوجي صرف، وما يتعلق ببنيات الاستقبال. لذلك فمحاربة الظاهرة لا يمكن أن تعرف طريقها إلى النجاح إلا بإصلاح حال المنظومة التربية ككل. أما اعتبار التربية غير النظامية حلا للهدر فلا يعدو أن يكون حلا ترقيعيا لأنه لا يفي بالغرض. وبلغة الأرقام نجد أن هذه التربية غير النظامية لا تستقبل سنويا إلا قرابة الثلاثين ألف تليمذ، في الوقت التي تقول فيه الأرقام نفسها إن الذين يغادرون أقسامهم لهذا السبب أو ذاك يفوقون سنويا 400 ألف تلميذ. والفرق جد شاسع بين الرقمين. وتعتبر الظاهرة بالوسط القروي على الخصوص، والمتمثل أساسا في عدم التحاق الأطفال بالمدرسة، وانقطاعهم عنها لعدم التمكن من ولوج مستويات أعلى، قضية على غاية كبيرة من الأهمية، رغم كل الاعتمادات المالية التي توفرها الدولة في هذا الميدان. كما أن تعميم التعليم، أو التعليم للجميع، أو إلزامية التعليم، قد شكل أحد الأهداف التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الاستقلال إلى الآن، فوضعت لها مخططات، ونظمت منتديات للإصلاح تحت شعارات الجودة والقرب والجهوية. بل إن التعميم شكل، الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. إلا أن الهدر المدرسي الذي تزيد نسبته بالوسط القروي، يحول دون بلوغ الحاجيات المتزايدة لنظامنا التربوي في الآجال المناسبة. وتشكل الفتيات أولى ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب بنسبة تقارب اليوم الستين في المائة، لدرجة أن غياب مراحيض بداخل المؤسسات التعلمية قد يتسبب في مغادرة تلميذة حجرات الدرس. في تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول 13 سنة من أعمال الميثاق الوطني للتربية والتكوين، نكتشف كيف أن نسبة نجاح هذا الاختيار كانت ضئيلة مقارنة مع الأهداف الكبرى التي وضعت له. غير أن أهل التربية والتعليم يتحدثون على أن من بين أسباب فشل بعض إجراءات الميثاق، ضعف الإمكانيات المالية التي رصدت له. لذلك حينما جاء المخطط الاستعجالي على أنقاضه، وفرت له إمكانيات مالية كبيرة وصلت وقتها إلى أكثر من أربعين مليار درهم. غير أن بعض الاختيارات السياسية سارعت لتوقيفه قبل أن يكمل سنواته، ودون أن يخضع للتقييم.
نيابة الناظور تواصل لقاءاتها لتقاسم وإغناء التدابير ذات الأولوية شارك فيها عشرات الممثلين لمختلف الفئات الفاعلة في الحقل التعليمي عبدالقادر كترة تتواصل اللقاءات التواصلية المحلية على مستوى المؤسسات التعليمية لأجل تقاسم وإغناء التدابير ذات الأولوية، في الوقت الذي ختمت نيابة الناظور لقاءاتها التواصلية الإقليمية التي أقامتها خلال الفترة الممتدة من 6 إلى 15 أبريل 2015. شارك في هذه اللقاءات التي عقدتها النيابة عشرات الأفراد، الممثلين لمختلف الفئات الفاعلة في الحقل التعليمي، موظفون إداريون، مديرو المؤسسات التعليمية، مفتشون، منشطو التربية غير النظامية، تلاميذ، جمعيات آباء وأمهات التلاميذ، الهيئات النقابية الأكثر تمثيلية. وممثلو السلطات والمجالس المنتخبة. عبد الله يحيى النائب الإقليمي قدم، خلال اللقاءات، عرضا استهله بتقديم السياق العام للقاء والأهداف والنتائج المنتظرة منه، ثم تعريف موجز باللقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية التي عقدت إقليميا وجهويا ووطنيا خلال أبريل 2014، والتي أفرزت عددا من التوصيات والمقترحات ترجمت إلى أفكار ومشاريع هامة. ومن هذه التدابير التي تم ترتيبها في ثمانية محاور ذات أولوية، التمكن من التعلمات الأساس لتحسين العملية البيداغوجية ضمن غلاف زمني يمتد من 2013 إلى 2016، التحكم في اللغات الأجنبية للرفع من مستوى التحكم فيها لدى التلاميذ، وأيضا تدبير المسالك الدولية للباكالوريا المغربية، دمج التعليم العام والتكوين المهني لتحسيس التلاميذ بأهمية الأنشطة المهنية عبر اكتشاف المهن، وإحداث مسار مهني جديد بالثانوي الإعدادي وخلْق عرض تكويني على مستوى الثانوي التأهيلي، العناية بالكفاءات العرضانية والتفتح الذاتي لتحفيز التلاميذ على إبراز مواهبهم وتنمية روح المبادرة، تطوير العرض المدرسي من خلال تأهيل المؤسسات التعليمية من أجل ظروف استقبال ملائمة، تطوير التأطير التربوي بالتركيز على المصاحبة والتكوين عبر الممارسة لتحسين كفاءة المدرسين، العناية بالحكامة في تدبير المؤسسات التعليمية من أجل تعزيز القدرات التدبيرية لهذه المؤسسات، تخليق المدرسة بسيادة النزاهة والقيم من أجل محاربة السلوكيات اللاأخلاقية بالمؤسسة. وخلال هذه اللقاءات التواصلية، تم الاستماع إلى الآراء التي عبر عنها المشاركون في اللقاءات، التي برهنت على تفاعل قوي للمشاركين من كل الفئات حول هذه التدابير، ووعي بأهمية إثرائها، لأنها تندرج في إطار شمولي ومندمج، وتلامس مختلف جوانب المنظومة التربوية لأجل بلورة المشروع التربوي المتكامل. وبالمناسبة، نوه النائب الإقليميبالناظور، بمدير الأكاديمية الجهوية وعامل إقليمالناظور على توفيرهما شروط نجاح هذه اللقاءات، كما أثنى على كل الأطر الإدارية العاملة بالنيابة، والمفتشين ومديري المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية والتلاميذ والآباء وممثلي النقابات المهنية ومنشطي التربية غير النظامية، وكل الذين ساهموا في تنظيم اللقاءات والتحضير لها، أو تجشموا مشقة الحضور للمشاركة فيها، أملا منهم في مواصلة التعبئة والتفكير والالتفاف حول المؤسسة التعليمية، إسهاما في توفير شروط نجاح المشاريع والأوراش الإصلاحية التربوية. يشار إلى أن هذه اللقاءات ترأسها عبد الله يحيى النائب الإقليمي، وحضرها رؤساء المصالح النيابية، في حين ترأس عامل إقليمالناظور اللقاء الذي انعقد بمقر العمالة لفائدة فئة ممثلي المجالس المنتخبة والسلطات المحلية.
جنبوبي: نحذر من كل الرتوشات والإجراءات الإنفرادية لإصلاح المنظومة قال إن ما يروج حاليا حول النظام الأساسي هو مجرد إشاعات وعلى الوزارة أن تصدر بيانا للتوضيح حاوره- رضوان الحسني مازال النقاش محتدا حول القضايا المصيرية المرتبطة بقطاع التربية والتكوين. لذلك كان لا بد من طرح الأسئلة الحقيقية على مسؤولين نقابيين على اعتبار أنهم فاعلون مباشرون في جولات الحوار القطاعي، وأعضاء في اللجان الموضوعاتية التي تشتغل على مجموعة من الملفات داخل وزارة التربية الوطنية…في هذا الحوار يحدثنا محمد جنبوبي عضو المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل عن النظام الأساسي المرتقب، وعن ورأي نقابته في واقع القطاع، وعن مجموعة من القضايا المطروحة للنقاش حاليا عل الساحة التعليمية… – في البداية نود أن تطلعوا الرأي العام المتتبع لقضايا المنظومة التربوية عن موقف نقابتكم الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل من الواقع الحالي لهذه المنظومة ؟ لقد دأب المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل على الإعلان عن مواقفه بشكل صريح كلما سنحت الفرصة لذلك، وكلما جد طارئ أو جديد على الساحة التربوية سواء من خلال بلاغات وتعميمات وإخبارات أومن خلال تصريحات الكاتب العام الوطني للجامعة وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للإعلام أو من خلال مداخلاتهم في اللقاءات التواصلية والندوات النقابية. بل حتى في اللقاءات الرسمية التي تجمع مسؤولي الجامعة بوزير التربية الوطنية أوفي اجتماعات اللجان الموضوعاتية. لقد كنا دائما ننبه إلى الواقع التربوي المأزوم ونحذر من كل الروتوشات الترقيعية أو الإجراءات والمبادرات الانفرادية التي تلغي باقي الفرقاء وتقتصر على مشاورات لا يؤخذ بها عند ساعة الحسم ولحظة اتخاذ القرار. إننا في الجامعة الوطنية للتعليم ( إ.م.ش ) وانطلاقا من تحليل واقعي ومن داخل المنظومة نعتبر الواقع المأزوم الذي لا يختلف حوله اثنان ليس وليد لحظة ولا بفعل عامل واحد، كما لا يمكن تحديد مكامن اختلالاته بمؤشر واحد وبتجليات أحادية التشخيص والتقييم، فبتعدد المسببات ودرجات المسؤوليات تتعدد زوايا المعالجة ومصادر الإسهام في بناء تصور تقويمي لهندسة تربوية لها ثوابت محورية لا تتأثر بمتغيرات المشهد السياسي ولا بتعاقبات وانتقالات المسؤولية التدبيرية للشأن التربوي. فإلى متى سنظل أمام تكرار مزمن للحظة الانطلاق، نقف مكرهين المرة تلو الأخرى عند نقطة البداية لمعاودة ترتيب البيت التعليمي بعد مسلسلات التعثر المزمن والفشل المتكرر لكل إصلاح أو تقويم وفق مخطط طويل أو قصير أو مستعجل الأمد. مرة أخرى يقف المغرب أمام حصيلة اختبارات لم يتوفق فيها بالكامل، حيث ظلت منظومته التربوية محط نزال وجدل بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي والسياسي ذي الصلة أو التدخل المباشر وغير المباشر، بالمقابل شكل المستهدفون من خدمات هذه المنظومة على مر عقود من الزمن حقل تجريب تؤدي أثمنته أجيال من بنات وأبناء هذا الوطن، حتى أصبح الاتفاق معمما وموحدا بين كل الفاعلين والمتدخلين والمتتبعين للشأن التربوي حول هزالة التحصيل وتدني المستويات التعليمية لهذه الأجيال. إننا في الجامعة الوطنية للتعليم (إ.م.ش) لا ننظر بعين التجزيء أو التفييء لواقع المنظومة التربوية، بل ترتكز تحليلاتنا على شمولية المنظومة وترابط كل مكوناتها المنتظمة في متوالية تتبادل التأثير ولا يمكن فصل الواحدة منها عن الأخرى أو استثناؤها عند التعاطي مع أي من أوجه ومظاهر وتجليات الأزمة التي تنخر المنظومة التربوية سواء تعلق الأمر بالمتلقين والمتعلمين أو بالموارد البشرية أو بالتجهيزات والبنيات التحتية أو بالمكونات والبرامج والمناهج التعليمية. كما لا نقبل بتاتا حصر باب التدخل في جهة أو طرف دون غيره، المسألة التربوية شأن وطني بكل ما تحمله هذه الصفة من معنى، والمعنيون بها كما المسؤولون عنها متعددون. – كيف تتصورون أن يكون النقاش حول قضايا المنظومة، وسبل الخروج من هذا الوضع الذي وصفتموه بالمأزوم ؟ نحن نرحب بفتح حوار وطني مسؤول وشامل وعميق يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية ويقطع مع الروتوشات والترقيعات، حوار ينخرط فيه الجميع بدون إقصاء ولا إشراك صوري وشكلي من باب «شاورهم ثم افعل ما شئت». حوار يقف بموضوعية وتجرد ومنأى عن كل المزايدات والمشاحنات السياسوية والصراعات الإيديولوجية والمآرب المصلحية، حوار تتساوى وتتوازى فيه المسافات والمسالك بين كل الفاعلين والمتدخلين والأطراف المعنية. فلم يعد بمقدور المنظومة اليوم تحمل المزيد من التوافقات السياسوية الظرفية والتنازلات والترضيات التي تجعلنا نعيش الإجراء ونقيضه في الآن نفسه، نتتبع قرارات متسرعة ومرتجلة تحمل بين طياتها بؤر التوتر وبوادر الإلغاء. إن ما يهمنا بالدرجة الأولى هو العمل على إيجاد أجوبة مناسبة للمساءلة اليومية التي يواجهنا بها الواقع التربوي في بلادنا وليس الاقتصار على اجترار التشخيص والتركيز على لغة اللوم والعتاب وخطاب التراشق. نحن أمام لحظة تاريخية مفتوحة على كل الاحتمالات. – يتم أخيرا تسريب مجموعة من المعطيات حول ما يتم إعداده من بنود للنظام الأساسي الجديد الخاص بنساء ورجال التعليم المرتقب إخراجه؟ ما جديد موضوع النظام الأساسي؟ عن أي نظام أساسي يتم الحديث؟ ومن يردد الكلام عن هذا النظام الذي تتكاثر الإشاعات حوله وتتوالد كرات ثلجه وتكبر يوما بعد يوم؟ لماذا لم تخرج الوزارة عن صمتها المستفز وتبادر إلى إصدار بلاغ يؤكد أو يفند ما يروج، بل ما يُروًج له بين الفينة والأخرى؟ إننا ومن خلال مشاركتنا في اللجان الموضوعاتية لم نتوقف قط عن المطالبة بمسودة هذا النظام، ولن أخفيكم سرا إن قلت لكم إن التاريخ الذي أعطي للنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية للتوصل بمسودة النظام الأساسي كان هو شهر فبراير لسنة 2012. وكلما أثير الموضوع كان جواب اليوم شبيه بكلام الأمس «القانون الأساسي جاهز وسنمدكم في القريب بمسودته». مرت الأسابيع والشهور والسنوات لنفاجأ قبل أشهر بالوزارة تسلم لممثلي النقابات التعليمية نماذج عن أنظمة أساسية لعدد من الدول الأجنبية قصد الاستفادة من تجاربها والعمل على استخلاص ما يصلح منها ويتلاءم مع منظومتنا. ثم كيف يتم إعداد نظام أساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والحديث قائم على اشتغال وزارة الوظيفة العمومية على نظام أساسي لعموم موظفي الدولة؟ إننا أمام مفارقة لا يعرف خبايا طلاسيمها إلا البارعون في تدبير زمن الإلهاء والإشاعة وربح الوقت. ومن هذا المنبر نكرر مطالبتنا بالحسم في هذا الموضوع وبخروج الوزارة عن صمتها المزمن بإصدار بلاغ يضع حدا لتناسل الإشاعات حول التسريبات التي لا نعرف مصادرها ولا مستويات الصحة والمغالطة فيها. – هل صحيح أن الوزارة تتكتم حول بعض الإجراءات التي يتم إعدادها لإثقال كاهل نساء ورجال التعليم بمهام جديدة سيتم ربطها بنظام محاسبة جديد؟ أعتقد أن هذا السؤال يجب طرحه على الوزارة نفسها، أما نحن فلا نتعامل مع الأمور من منطلق «يتردد» أو»يقال ويروج». نحن نتعامل مع الحقائق والوقائع وواجبنا النقابي يجعلنا دائما في صف نساء ورجال التعليم، فأي إجراء يمس بمصالحهم أو يحاول الإجهاز على مكاسبهم أو إلحاق الضرر بأوضاعهم سنكون ضده وسنواجهه بكل حزم. وهذا لا يمنعنا بتاتا من قول حق مؤداه أن أسلوب الترهيب والتخويف وتسريب التهديدات لن يجد له من صدى ولا اعتبار، بل على الوزارة وكل من يشتغل حاليا على ملف المنظومة التربوية أن يعرف أن أي إصلاح لهذا الشأن لن يكتب له النجاح بدون انخراط فعلي وفعال لنساء ورجال التعليم فيه. – تتسارعت مجموعة من الفئات بقطاع التعليم، خلال هذه الفترة لإبلاغ أصواتها إلى طاولة التفاوض والنقاش الجاري حول النظام الأساسي الجديد، هل تأخذ النقابات بعين الاعتبار هذه الفئات وكيف تتعامل النقابات مع تعدد مطالب الفئات في مثل هذه المحطات الحاسمة في الحياة المهنية والإدارية لأكبر فئة من موظفي الدولة؟ نقابتنا لديها مرجعية أساسية تنبني على مبادئ من بينها الوحدة النقابية، الوحدة التي تشكل قوة فعلية وميدانية للطبقة العاملة، لذلك فكل تشتيت أو تفتيت لن يخدم بتاتا مصالح الأجراء ويجعلهم في مواقع تفاوضية ضعيفة وبالمقابل سيمكن الأطراف الأخرى إدارة ومشغلين من فرص الإجهاز على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة بفضل سنين طويلة من النضال والتضحيات الجسام. ومن ثمة فملفنا المطلبي في شموليته يتضمن مطالب كل الفئات التعليمية كما أننا في نسيجنا التنظيمي داخل الجامعة الوطنية للتعليم نفسح المجال لاشتغال الفئات وندعمها في نضالاتها التي ننخرط فيها جميعا كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وهياكلنا التنظيمية تضم إلى جانب المكتب التنفيذي للجامعة والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية مكاتب وطنية لمختلف الفئات التعليمية كالإدارة التربوية والمساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين وملحقي الإدارة والاقتصاد والملحقين التربويين والمبرزين وفئات أخرى إضافة إلى بعض اللجان التي يتم تكوينها وتنظيمها وتأطيرها عندما يظهر ملف لفئة تعليمية متضررة من إجراء أو مسطرة ما كما هو الشأن مثلا بالنسبة لإخوتنا ضحايا نظامي 1985 و2003 الذين نكرر المطالبة بإنصافهم والتسريع بالاستجابة لمطالبهم المشروعة والعرضيين وحملة الشواهد والدكاترة وغيرها من الحالات التي حتمت حركة نضالية لن تتوقف إلا باسترجاع أخواتنا وإخواننا لحقوقهم كاملة. كما أننا ومن منطلق تمكين كل فئة من فرص الدفاع عن ملفاتها المطلبية نقوم بإدماج ممثلين عنها في أشغال اللجان الموضوعاتية. وأي مكسب تحققه فئة من الفئات نعتبره مكسبا لنا جميعا وشريحة تعليمية نسعد كثيرا بإنصافها وتحقيقها لمطالبها المشروعة. المهم عندنا هو المصلحة المعممة على كل الفئات وتحقيق الانتصارات ورفع الغبن و»الحكرة» عن كل فئة مظلومة أو ضحية إجراء أو إجحاف ما. – ما موقفكم من قرار الوزارة إعلان الحرب على ممتهني الساعات الإضافية ؟ والحرب على المضربين عبر استهداف الرواتب عن طريق سلاح الاقتطاع ؟ موضوع الساعات الإضافية لايعني في عمقه كل نساء ورجال التعليم، فهم ليسوا جميعا ممتهنين لذلك، وقرار الوزارة منع ذلك له طبعا أسبابه ودوافعه ونحن قبل أن نكون أساتذة نحن آباء وأولياء تلاميذ نشترك مع باقي الأسر المغربية في واقعها وانشغالاتها، ونعلم جيدا ما ابتليت به المنظومة التربوية من ممارسات بعض من المحسوبين على مهنتنا الشريفة والاجتماعية بامتياز، لن أدخل في التفاصيل أوفي العرض لنماذج عن هذه الممارسات فالكل يعرف ذلك، لكن نحمد الله على أن هؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة داخل النسيج التربوي، وفي هذا المقام نشد بحرارة على أيادي أخوات وإخوان لنا من نساء ورجال التعليم يقومون في مختلف أرجاء الوطن بمجهودات جبارة خلال تقديم دروس للدعم والتقوية بشكل تطوعي مجاني لن يوفيهم أجرهم عنه إلا الله سبحانه وتعالى. فإذا كنا مع تكافؤ الفرص ومع الحس الوطني والشعور بالمسؤولية فتقديم الدعم والتقوية يجب تقنينه حسب مرجعيات تنظيمية وقانونية تحفظ للأستاذ وقاره ومكانته الاجتماعية وتجعله شاملا معمما غير خاضع لمنطق العرض والطلب أو للفوضى والتسيب، والاستفادة منه تكون مؤطرة وغير مشروطة أو مرهونة بخلفيات تحوم حولها الشكوك أو علامات الاستفهام.
متصرفو وزارة التربية الوطنية ضد الإقصاء المساء قال الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة إن حرمان المتصرفين من حقهم في اجتياز هذه مباراة الكفاءة المهنية، على غرار باقي الأطر ليعد ضربا صارخا لمبدئي المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص اللذين ينص عليهما الدستور. وأضاف الاتحاد في بيانه أنه على إثر مذكرة وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رقم 15×39 بتاريخ 02 أبريل 2015، والمتعلقة بفتح باب الترشيح لاجتياز مباريات الكفاءة المهنية بناء على الشهادات الجامعية لمختلف فئات موظفي قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني، والتي تبين بالملموس الإقصاء المفضوح وغير المبرر لفئة المتصرفين دون غيرهم من الفئات داخل هذا القطاع، أنه يشجب هذه المواقف تجاه هذه الهيئة، ويعلن أن هذا الحيف في حق متصرفي هذا القطاع، ما هو إلا حلقة من الحلقات البئيسة من مسلسل القهر الذي تمارسه الدولة المغربية في حق هيئة المتصرفين على المستوى الوطني وفي كل القطاعات. وأن رئيس الحكومة بتعامله المهين تجاه هيئة المتصرفين، وإعراضه عن تسوية ملفهم على غرار ما قام به لصالح فئات أخرى، قد أعطى الضوء الأخضر لكل وزرائه بممارسة مزيد من التحقير والإقصاء والظلم في حق هذه الفئة؛ وأن إشهار» ورقة الكلفة المالية» في وجه المتصرفين كتبرير لعدم تسوية ملفهم قد بات واضحا للعيان أنه مجرد خدعة لقهر المتصرفين وتحقيرهم. فعدد الأطر البيداغوجية التي استفادت وتستفيد من هذه المباريات تعد بالآلاف. فيما عدد متصرفي القطاع المستوفين لشروط المباراة لا يتعدى 32 متصرفا. لذلك يطالب وزير التربية الوطنية بفتح هذه المباراة فورا في وجه متصرفي وزارته، الحاملين لشهادة الماستر، على غرار باقي الفئات. ويطالب الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية بالتدخل ووقف هذا النزيف الحقوقي الذي لن يكون له من أثر سوى تدمير المرفق العام وسحق العنصر البشري ماديا ومعنويا ونفسيا. كما يطالب ممثلي الأمة من البرلمانيين وأعضاء مجلس المستشارين بالتدخل السريع لوقف هذه المهزلة التي ترجع بالوضع الحقوقي بالمغرب إلى العهود الغابرة من الممارسات المهينة؛ ويؤكد للحكومة أن الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة لن يهدأ ولن يستكين إلا بعد تحقيق كل المطالب المشروعة لهيئة المتصرفين، كما ينبه المتصرفات والمتصرفين إلى ضرورة التكتل حول إطارهم الوحدوي، الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، لمواجهة الاحتقار الحكومي الممنهج وسياسات التمييز والحكرة. وما لم يأت بالنضال يأتي بالإصرار على النضال.
«الأسرة والمدرسة معا لرفع تحديات المنظومة التربوية» عبدالقادر كترة أكد امعمر الأحمر رئيس فيدرالية وجدة أنجاد لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ على أهمية الملتقى الوطني الثاني لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ المنعقد بمدينة وجدة تحت شعار «الأسرة والمدرسة معا لرفع تحديات المنظومة التربوية»، والذي تميز بحضور مكثف لجمعيات الأباء من مختلف الجهات المغربية والمسؤولين عن القطاع التربوي التعليمي والفاعلين التربويين والشركاء. وأشار إلى أن الملتقى يهدف إلى بلوغ هدفين الأول تنظيمي والثاني تكويني يستهدف الجمعيات التي عليها أن تستوعب دورها وتشتغل في إطار صلاحيتها وميثاق العلاقة بالمدرسة وأن تعرف ما لها وما عليها، بشراكة وتنسيق مع الشركاء سواء مختلف المصالح والمؤسسات وإداراتها الوصية على الحقلين التربوي والتعليمي أو المؤسسات العمومية الأخرى الشريكة. كما توج الملتقى بتوقيع اتفاقيات شراكة بين فيدرالية وجدة أنجاد لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ ونيابة وجدة أنجاد من جهة، والمديرية الجهوية للتكوين المهني وإنعاش الشغل للجهة الشرقية. أما عبدالمالك عبابو رئيس المكتب الوطني للفيدرالية الوطنية المغربية، فقد أكد على أن هذا الملتقى الوطني «دورة وجدة أنجاد» يمثل فرصة للوقوف من خلالها على حصيلة خطة العمل التي تمت بلورتها خلال انعقاد المجلس الوطني الأول بجهة الرباطسلا زمور زعير بمناسبة مرور سنة على تأسيس الفيدرالية المغربية لجمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ وما تم إنجازه على أرض الواقع. وأشار عبابو إلى أن المكتب الوطني خلال إنجازه للتقرير التركيبي انطلاقا من تقارير منسقي الجهات، سجل اختلالات نظام التربية والتكوين ببلادنا، وأن الوضع أصبح على درجة من التأزم لا يمكن تجاوزها دون القيام بإصلاحات شجاعة عميقة وشاملة. وذكر ببعض هذه الاختلالات من نقص وتراجع الميزانيات المرصودة للأكاديميات وكذا الخصاص المهول في البنيات التحتية والموارد البشرية، مع التذكير بالإجراءات التي لجأت إليها الحكومة والمتمثلة في الاحتفاظ بالمتقاعدين حتى نهاية الموسم الدراسي والذين يعيشون أزمة حقيقية بسبب اضطراب أداء أجورهم. وأكد على أن الإصلاح ممكن، عكس ما أصبح يروج له البعض، شريطة تفعيل المبدأ الذي أتى به الدستور الجديد للملكة والذي عبر المسؤولون عن الالتزام به وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوفر الإرادة السياسية واعتماد الشفافية والديمقراطية التشاركية وإيقاف جشع لوبي التعليم الخاص بوضع آلية صارمة لمراقبته. واعتبر محمد عزاوي، مدير المديرية الجهوية لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل للجهة الشرقية أن انعقاد هذا الملتقى الوطني تحت شعار «الأسرة والمدرسة معا لرفع تحديات المنظومة التربوية» يكرس تكاملا في الأدوار بين جميع مكونات المنظومة التربوية في تعليم الشباب وتكوينه وتأهيله بما يتيح له فرص الاندماج في سوق الشغل. وأشار في عرضه «تنمية قطاع التكوين المهني على الصعيد الوطني» إلى أن مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل فاعل أساسي في رفع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا وحاضرا بقوة في كل مشاريع تأهيل وإنعاش اقتصادنا، حيث تبنى، لبلوغ هذا المسعى استراتيجية إعلامية وتواصلية تعتمد مبدأي القرب والفعالية والانفتاح على النسيج الجمعوي خاصة جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ باعتبارها شريكا أساسيا من منطلق الدور الأساسي للآباء والأمهات في التنشئة الاجتماعية لأبنائهم وتوجيه مسارهم الدراسي والمهني. كما تضمن عرضه حصيلة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والمستجدات التي تجعل منه مسارا متميزا بما يتيحه من إمكانيات من نظام الممرات، والبكالوريا المهنية، والإجازة المهنية، والسماح لحاملي شهادة التقني المتخصص المتفوقين بولوج مؤسسات التعليم العالي من مدارس للمهندسين ومعاهد عليا، ناهيك عن إحداث مؤسسات قطاعية توفر تكوينا ذا جودة عالية يستجيب لمواكبة المشاريع المهيكلة للبلاد ك»الأفشورينغ» (ترحيل الخدمات)، وإلكترونيك السيارات، ومهن صناعة معدات الطائرات والصناعة الغذائية تقنيات الإعلام والاتصال، والنسيج، والجلد، السياحة، والبناء والأشغال العمومية، والنقل واللوجستيك…
إطلاق طاقات الحياة قراءات في علم النفس الإيجابي محمد مستقيم باحث تربوي يواصل الباحث والمفكر اللبناني الدكتور مصطفى حجازي دعم المكتبة العربية بما استجد من معارف جديدة تهم البعد السيكولوجي للوجود الإنساني عبر تأليفه وترجماته، الشيء الذي يجعله أحد الأصوات المهمة في الثقافة العربية المعاصرة، ومن بين كتبه الحديثة الإصدار كتابه الموسوم ب»إطلاق طاقات الحياة: قراءات في علم النفس الإيجابي»، والذي صدر عن دار التنوير ببيروت. في مقدمة الكتاب يطلق المؤلف دعوة إلى الفاعلين في الثقافة والعلوم الإنسانية إلى أجرأة النظريات العلمية الغربية خاصة في مجال علم النفس حتى تصبح في خدمة الإنسان العربي عوض الاكتفاء بالترويج النظري لتلك العلوم، مع الوعي بحدودها مادامت قد نشأت في تربة مختلفة عن تربتنا. إن مهمة الباحث والعالم اليوم هي توظيف تلك المعارف لفهم خصائص إنساننا التي تكونت عبر تاريخ طويل من الفعل السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي لتصبح قادرة على خدمة قضايا إنمائنا. كما يعتبر المؤلف بأن هذا الكتاب هو امتداد لعملين سابقين هما :»سيكولوجيا الإنسان المقهور» و» سيكولوجيا الإنسان المهدور» ، حيث حاول فيهما الوقوف عند معوقات التنمية الذاتية والجماعية. يعرف المؤلف علم النفس الإيجابي بأنه فرع جديد من فروع علم النفس لازال في بدايته التي لم تتعد عشرين سنة (ظهر في سنة 1998 على يد مارتن سليغمان رئيس الرابطة الأمريكية لعلم النفس الإنساني)، ويسعى هذا العلم إلى اكتشاف الإيجابيات وأوجه الاقتدار وتنمية الإمكانات لدى الفرد والجماعة، وقد نشأ كرد على المبالغة في التركيز على أوجه الاضطرابات النفسية والعقلية خاصة في علم النفس المرضي الذي حول علم النفس عموما في أذهان الناس إلى مرادف لماهوغير طبيعي وغير سوي، مع تجاهل أوجه القوة والعافية وطاقات النماء والانطلاق. إن الأطروحة المركزية لهذا العلم هي أنه في مقابل أوجه الاضطراب والقصور والتشاؤم واليأس لدى الإنسان، هناك أوجه للصحة والقدرة والتفاؤل والأمل الصانع للمصير، فعلاج الاضطراب لايكفي لأنه يحتاج إلى تنمية طاقات الإنسان وفتحها بل تفعيلها أمام الإيجابيات. يتكون الكتاب من ثمانية فصول تسعى إلى تقديم قراءات في علم النفس الإيجابي قصد الاستفادة من معطياته ومحاولة توظيفها في مشروع إطلاق طاقات إنساننا وإمكاناته. هكذا يستعرض الفصل الأول الأسس التي قام عليها العلم الجديد ومختلف منطلقاته وتوجهاته ومجالات اهتماماته الراهنة. وبما أن هذا العلم قد نشأ في أمريكا أي في تربة حقق فيها المجتمع الكثير من الأساسيات التي توفر سعادة الإنسان وازدهاره اجتماعيا واقتصاديا، فقد خصص المؤلف الفصل الثاني لإطلاق طاقات الإنسان العربي التي تعرضت للهدر والقمع سواء عند الكبار أو عند الشباب حيث السلطة في المجتمع لازالت استبدادية ولاتهتم بنوعية الإنتاج وقدرته التنافسية كما هو الأمر في الدول المتقدمة، وهذا ماجعل المؤلف يعتبر بأن الغايات الأساسية لعلم النفس الإيجابي هو إطلاق تلك الطاقات من عقالها. يبحث الفصل الثالث في مقومات علم النفس الإيجابي باعتباره تفكيرا قادرا على إيجاد الحلول وفتح السبل في مقابل التفكير السلبي الذي ينشأ عن الانسداد والعطالة والاستكانة، وينطبق ذلك على الأفراد والجماعات، كما يدعو المؤلف في هذا الفصل إلى الحذر من أخطار الاستسلام لهذا النوع من التفكير الذي يسيطر بسهولة على وعي الإنسان طامسا بذلك ماتتضمنه القضايا والوقائع من إمكانيات إيجابية. الفصل الرابع خصصه المؤلف للبحث في التفاؤل والأمل الفاعل، انطلاقا من تعريف التفاؤل وتحويله من بحث الطبع المتفائل إلى عرض أسلوب التفسير المتفائل ومقوماته وصولا إلى التدريب على التفاؤل، هذه العملية الأخيرة تتم من خلال برامج معروفة تتصدى لنزعة التشاؤم المنتشرة في مجتمعاتنا، لذلك يكون التفاؤل هو سبيل النهوض إلى العمل. يعالج الفصل الخامس موضوع الدافعية الجوانية الأصيلة في مقابل الدافعية البرانية التي تدفع الإنسان إلى التحرك والنشاط بتحفيز القوى الخارجية، أما الدافعية الجوانية فهي عبارة عن نزوع داخلي إلى الانخراط في مهمات تشكل تحديا كبيرا لتحقيق أهداف محددة، ويحلل الفصل القضايا التي تطرحها هذه الدافعية وتدرجها وشروط تنميتها. أما موضوع الفصل السادس فهو التلازم بين الاقتدار الإنساني وإطلاق الطاقات الحية وتفعيلها، وهذا التفاعل هو شرط ملزم للإمساك بزمام المصير والقدرة على صناعته، وتكمن أهمية الاقتدار في الحاجة إلى التمرد على العجز الذي فرضته الأنظمة الاستبدادية على الإنسان العربي من أجل ضمان استمرار سلطتها واستحواذها على البلاد والعباد. ويعالج الفصل السابع إشكالية القيادة من منظور علم النفس الإيجابي ويقصد بها القيادة التحويلية التي تنمي الإدارة عن طريق تدريب المديرين وإدارة الأنشطة الشبابية، مستعرضا التحول من الرئاسة إلى القيادة التحويلية عبر إطلاق الفاعلية الذاتية والجماعية مما يضمن التنمية المستدامة للمؤسسات والمجتمع. أما الفصل الثامن فيحلل الانفعالات الإيجابية وتلازمها مع التفكير الإيجابي والتي تكون بدروها قابلة للتدريب، مما ينعكس إيجابا على الصحة الجسدية والنفسية إضافة إلى بناء مقومات الفاعلية والاقتدار. عموما فإن هذا العمل الرائد يسعى إلى نفض الغبار قصد الخروج من التاريخ الراكض نحو الضوء وصناعة التاريخ الحي الذي يحدد المصير ويحقق إنسانية الإنسان. إن النظرة الإيجابية للذات وللعالم أصبحت شيئا مطلوبا من أجل استعادة الثقة في النفس الفردية والجماعية قصد استدراك مافات من تأخر وركوض طال جميع مناحي الحياة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا خاصة مع طلائع الربيع العربي الذي سيساهم حتما في تحريك هذا الاستدراك وبناء الذات من أجل الانطلاق في عصر التنوير العربي المأمول.