للتو كانت قد انتهت السهرة السينمائية الأسبوعية ليوم الثلاثاء، ب "البيكولو تشينما" (منتدى الشاشة الفضية الصغيرة) في تورينو، حينما أخبر المخرج الإيطالي، دجان لوكا ديسيريو، الحاضرين بوفاة "شيخ" السينما الإيطالية، المخرج الفنان إطّوري سكولا، فتأسفنا جميعا للخبر. لم أعرف كيف أني أعقبت دي سيريو، بخبر حزين آخر، بين مجموعة أصدقائي، متحدثا عن رحيل ليلى العلوي، الفنانة الشابة، المصورة الفوطوغرافية،التي أصيبت بجروح في الحادث الارهابي ببوركينافاصو، خلال الأسبوع الماضي. وحده صديقي الإيطالي كويدو دزينغاري، مصور ومخرج وثائقيات، العائد قبل أسبوعين من واغادوغو العاصمة البوركينابية، كان يعرف ليلى العلوي، وصديقا لها، "مستحيل، إنني أعرفها جيدا، قمة في النشاط والحيوية…صديقة رائعة"، يقول كويدو، وقد أغمض عينيه مندهشا من الخبر. كويدو، لم يهدأ له بال، وبدا وكأنه لم يصدق الخبر. أشعل هاتفه النقال، الذي أطفأه قبل عرض الفيلم، وأخذ ينتظر متوثرا الإبحار عبر الإنترنت، لتقصي الخبر. فتح حسابه على الفايسبوك. زار صفحة الراحلة على الفضاء الأزرق، وأخذ يشير إلى صورتها قائلا: "أهذه من تقصد"، أومأت له برأسي إيجابا، ثم انطلق لزيارة صفحتي الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي ذاته ليطلع على آخر تدوينة، كنت قد نشرتها قبل ساعتين من لقائنا السينمائي في ذلك المساء الحزين. لم يكن أمامي من موقف سوى أن أعبر لصديقي الإيطالي عن مواساتي، الشديدة له، وهو الذي كان يواسيني أولا بحرارة، حينما كنت أتحدث بشكل مطلق عن يوم حزين أيضا في المغرب بسبب رحيل فنانة مصورة شابة، قبل أن أنطلق في ذكر اسم الفقيدة، والبلد الذي فارقت فيه الحياة. أخذت أتكلم أمام أصدقائي الإيطاليين عن فقدان شابة قمة في الحيوية والعطاء، تحدثت عن "مغاربة " باريس، والموقع الإلكتروني الخاص بالفنانة، حيث بورتريهاتها، شخوصها التي ترحل بالزائر في تجاعيد المغرب المتعدد، بعدسة إنسانية… لماذا يفعلون هكذا، إنها إنسانة متميزة… هكذا أخذت أتكلم بشكل متصاعد في الإنفعال… حينها قاطعتني صديقتي الإيطالية أليساندرا،الباحثة الأنتروبولوجية: "إنهم لايميزون… إنهم متوحشون". ولأن العالم أصبح قرية صغيرة، كما يقال، فقد أخبرتني أليساندرا، أنها هي الأخرى كانت هناك بالعاصمة وغادوغو قبل شهر لإنجاز بحث أنتروبولوجي بالمنطقة، وأنها مصدومة لما حدث هناك من أعمال إرهابية كان ضحيتها مسلمون ومسيحيون، مؤكدة مرة أخرى: "إنهم لا يميزون". أما كويدو، فلم يقو على مزيد من الكلام أمام هول الحادث، وهو الذي كان قبل أسبوعين يتردد كثيرا على نفس المقهى والمطعم المسمى كابوتشينو، حيث تلقت ليلى العلوي رصاصتين غادرتين من طرف إرهابيين… ظل الشاب الثلاثيني مشدوها حزينا لفقدان ليلى الفنانة الشابة المغربية، وكذلك باقي الشباب الإيطاليين وإن كانوا لا يعرفونها عن كثب، بالقدر الذي يعرفون ابن بلدهم الفنان الثمانيني سكولا، الذي غادر الشاشة الكبيرة، مثلما غادرت ليلى العدسة الكبيرة أيضا.