محمد طروس مشهد 1 ليل طويل، رتيب. دقائق بطيئة خانقة. ثوانٍ.. أنفاس متعبة متقطعة. صمت رهيب. السيد النايب المحترم في حالة متقدمة من التوتر والقلق، عيناه جاحظتان. جفونه مشرعة. المسألة مصيرية.. عليه أن يعود إلى القرية.. إلى حضن انتخابي طواه النسيان.. سيعود اضطرارا. يبتلعه ظلام الغرفة البهيم.. يبحث عن النوم.. يغري جسده بنعومة الفراش الحريري الوتير.. يتقلب., يتقلب. يقفز جالسا. يتسلل من تحت الغطاء الناعم. تتقلب زوجته نحو الجهة الأخرى من السرير. تجر الغطاء. تمتم بكلام غير مفهوم.. يتلمس طريقه في الظلام نحو الشرفة. يطل على الحديقة. يجيل النظر في الفضاء الناعس، في ظلال الأنوار الخافتة.. يأخذ نفسا عميقا.. يتلمس السكينة في العالم النائم.. يظل العالم ساكنا.. تدغدغه أحلام البسطاء. مشهد 2 يعود السيد النايب إلى هواجسه. يتناهى إلى مسمعه شخير الزوجة العابث.. تنتعش ذاكرته.. تتراقص الصور أمام عينيه.. طلعة السيد رئيس الحزب المبجل .. صلعته اللامعة.. نظراته المتراقصة خلف نظارتين سميكتين..جسده النحيف القصير.. الغارق في الكرسي الأسود الوتير.. على مكتبه العريض ركام من طلبات التزكيات.. من حوله يتأبط رهبان الحزب ملفات بالية.. في المقابل جلست جوقة النواب البرلمانيين المحترمين.. تقف ذاكرة السيد النايب عند اللحظة الحاسمة. يتذكر شفتي أمينه العام. تنطبقان. تنفرجان. تلتقط كلماته المتطايرة مع لعابه الرشاش.. تتسلل إلى أذنيه المرهفتين: – لقد منحتك التزكية لتترشح في قريتك الأصلية.. عليك أن تعود إلى القرية التي انتخبتك .. – لا يمكن أن أعود سيدي الأمين العام..إن لي نفوذا في الحي الراقي الذي أسكنه.. ونجاح الحزب مضمون في دائرتي. – أنا أدرى بمصلحة الحزب.. وكلامي لا ينبغي أن يراجع. ينهي السيد الرئيس عباراته المقدسة. يطأطئ رهبان الحزب رؤوسهم موافقين.. يحني رأسه انصياعا. يحمل تزكيته.. ينسحب.. يتبع