وفق تسجيل فيديو بثته الرئاسة التونسية، أدان الرئيس قيس سعيّد خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي "العملية الإجرامية الجبانة". وقال سعيّد "أود أن أطمئن الشعب التونسي بل العالم كله بأن تونس ستبقى آمنة مهما حاول هؤلاء المجرمون زعزعة الاستقرار فيها". وتابع الرئيس التونسي "غاية هذه العملية واضحة وهي زرع بذور الفتنة وضرب الموسم السياحي وضرب الدولة". وكانت وزارة الخارجية التونسية قد أفادت في بيان الأربعاء بأن الهجوم "البشع والجبان" أسفر عن "مقتل مدنيين اثنين تونسي (30 عاما) وتونسي-فرنسي (41 عاما) من دون أن تكشف هويتيهما، من بين الزوار، وثلاثة من أفراد قوات الأمن". وقالت وزارة الداخلية في بيان إن هجوم الثلاثاء نُفذ على مرحلتين. وهذا الكنيس هو الأقدم في أفريقيا وكان قد استُهدف عام 2002 بهجوم انتحاري بعربة مفخخة ما أسفر عن 21 قتيلا. والأربعاء انتشرت قوات أمنية حول محيط الكنيس، مما أدى إلى إغلاق جميع الطرق المؤدية إليه، وأوضحت الداخلية أن "عونَ حرس تابعًا للمركز البحري للحرس الوطني (…) أقدم مساء اليوم الثلاثاء على قتل زميله باستعمال سلاحه الفردي والاستيلاء على الذخيرة". وأضافت أنه بعد ذلك "حاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمَدَ إلى إطلاق النار بصفة عشوائية على الوحدات الأمنية المتمركزة بالمكان والتي تصدت لهُ ومنعته من الوصول إلى المعبد وأردتهُ قتيلا". وذكرت الوزارة أن اثنين من "زوار" المعبد قُتِلا برصاص المهاجم قبل أن يتم إرداؤه، مشيرة إلى "إصابة 4 أشخاص آخرين بجروح متفاوتة، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج". وفتحت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس تحقيقا بشأن مقتل فرنسي-تونسي يبلغ من العمر 41 عاما في اعتداء وقع مساء الثلاثاء أمام كنيس الغريبة في جربة بشرق تونس وأسفر عن سقوط ثلاثة قتلى آخرين بحسب بيان صدر الخميس. وأوضح البيان أن النيابة المختصة بسبب الجنسية الفرنسية التي يحملها أحد الضحايا، فتحت الأربعاء "تحقيقا بتهمة القتل بما يتصل بمجموعة إرهابية. أوكلت التحقيقات الى المديرية العامة للأمن الداخلي". والهجوم نفذه أحد رجال الأمن وقتل ثلاثة من زملائه وزائرين اثنين (إسرائيلي-تونسي وفرنسي-تونسي) خارج الكنيس خلال موسم الحج اليهودي قبل أن يُقتل بالرصاص. في أعقاب الهجوم، أعلنت السفارة الفرنسية في تونس أنها أنشأت "خلية أزمة" ورقما للطوارئ. وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بمكافحة "معاداة السامية"، قائلا "دائما، وبلا كلل، سنكافح معاداة السامية". وأضاف ماكرون في رسالة على تويتر "الهجوم على كنيس الغريبة يقلقنا. نفكر بألم بالضحايا، بالشعب التونسي، بأصدقائنا. نقف إلى جانب عائلة مواطننا الذي قتل". ومن الجانب التونسي، أفاد المتحدث باسم محكمة مدنين (جنوب شرق) تتبع إليها جربة، فتحي البكوش لوكالة الأنباء الفرنسية بأنه "تم فتح بحث وتحقيق في عملية اجرامية مبدئيا". وذكر وزير السياحة التونسي السابق رينيه الطرابلسي وهو من بين المسؤولين عن الجالية اليهودية التونسية في جربة وكان موجودا في الكنيس حين وقع الهجوم، أن القتيلين تربطهما قرابة عائلية وهما أفييل حداد يهودي تونسي يبلغ من العمر 30 عاما، وبنيامين حداد (42 عامًا) ويعيش في فرنسا وكان في جربة للمشاركة في الحج. وقال لإذاعة "موزييك إف إم" الخاصة إن مرتكب الهجوم كان يرتدي زيا رسميا أمنيا وبزة واقية من الرصاص، لكن بفضل تدخل قوات الأمن تم التنبه والتصدي له بسرعة كبيرة. وأضاف "لولا التدخل السريع لحدثت الكارثة لأن مئات الزوار كانوا في المكان". من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكية ماثيو ميلر على تويتر إن "الولاياتالمتحدة تندد بالهجوم الذي وقع في تونس ويتزامن مع موسم الحج اليهودي السنوي الذي يجتذب مُصلين من كل أنحاء العالم إلى كنيس الغريبة". وأضاف "نعرب عن تعازينا للشعب التونسي ونُثني على التحرك السريع لقوات الأمن التونسية". ونُفذ الهجوم في وقت كان مئات المصلين يشاركون في موسم الحج اليهودي السنوي في الغريبة والذي كان يوشك على الانتهاء مساء الثلاثاء في هذا الكنيس. وحسب الخارجية الإسرائيلية فإن أحد اليهوديين القتيلين يحمل الجنسية الإسرائيلية. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في بيان أن بلاده "تقف إلى جانب الجالية اليهودية في الأوقات الصعبة". وفقا للمنظمين، أتى هذا العام أكثر من خمسة آلاف يهودي، معظمهم من الخارج، للمشاركة في حج الغريبة الذي استؤنف السنة المنصرمة بعد انقطاع دام عامين بسبب كوفيد-19. يُنظم الحج إلى كنيس الغريبة سنويا في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهودي، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيين الذين لا يزيد عددهم عن 1500، يعيشون بمعظمهم في جربة، في مقابل مئة ألف قبل الاستقلال عام 1956. ويأتي حجاج أيضا من الدول الأوروبية أو الولاياتالمتحدة أو حتى إسرائيل، لكن عددهم تضاءل إلى حد كبير بعد اعتداء عام 2002. ويأتي هذا الهجوم في وقت تُسجل السياحة انتعاشا قويا في تونس بعد تباطؤ حاد خلال الجائحة. وعلى أثر سنوات عدة من التدهور بسبب عدم الاستقرار الذي أعقب ثورة عام 2011، تأثر هذا القطاع الرئيسي للاقتصاد التونسي إلى حد كبير بعد هجمات في عام 2015 استهدفت متحف باردو في تونس وفندقا في سوسة، وأسفرت عن 60 قتيلا بينهم 59 سائحا أجنبيا. (أ ف ب)