قال رشيد حموني، رئيس الفريق التقدمي بمجلس النواب، إن "مسألةَ الأمن الغذائي مُرتبطة، أساساً، بالسياسات العمومية الهادفة إلى ضَمَانِ العيش الكريم، من خلال الإجراءات الواجب اتخاذُها لمواجهة غلاء الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمغاربة، واعْتِبَار ذلك أولويةً لا تَقِلُّ أهميةً عن الإصلاحات الكبرى التي تقولون بها". ولفت رشيد حموني خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب، إلى أن "الأوضاع الاجتماعية تشهد تدهورا خطيرا للقدرة الشرائية للمواطنين، واستمرارا للغلاء الفاحش، وتوسعا كبير لدائرة الفقر والبطالة، فضلا عن تصاعدٍ للاحتقان والغضب في كل أوساط المجتمع"، مشددا على أن هذه المظاهر تؤكدها تقارير ومعطيات مؤسسات وطنية رسمية،"بينما بعضكم نعتها بنقاش الكاميلة"، في احتقار صارخ وغير مقبول لمعاناة المواطنين. وأبرز رئيس الفريق النيابي للحزب، على أن المغرب ليس في وضعية جوع والمغاربة منذ حصولهم على الاستقلال لم يعانوا من مشكل توفر الأغذية، ولكن اليوم أكبر تحدي يواجهونه هو كيف سيذهبون إلى الأسواق ويقتنون مشترياتهم بالثمن المناسب. وأكد في المقابل، أنه رغم وفرة المنتوجات فإننا نشاهد غلاء غير مسبوقا يفوق إمكانيات المواطنين، ونضطر اليوم إلى استيراد اللحوم والأبقار والسكر والزيت والحبوب، لذلك ينبغي التساؤل أين هي مقومات الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي؟. وأضاف أنه من الإخفاقات أيضا أن معظم أشكال الدعم المالي في القطاع الفلاحي استفاد منها في المقام الأول كبار الملاكين، في حين لايزال الفلاحون الصغار يعانون، وثلث أرباع الفقراء بالمغرب موجودون بالعالم القروي. وتابع "ما نصدره يستهلك كميات مائية هائلة تفوق مواردنا المائية المحدودة أصلا والمهددة بفعل الجفاف الهيكلي، والتغيرات المناخية، وحتى إذا افترضنا التجهيزات السريعة للإنجازات المائية المبرمجة التي توفرت لها جميع الإمكانيات، فذلك لا يبرر الاستمرار في الاستهلاك المفرط والعشوائي للمياه في الزراعات التصديرية". وألح الحموني على ضرورة منح الأولوية لمياه الشرب مع عقلنة وتأطير الماء الموجه للقطاع الفلاحي، مستغربا من اعتبار مناقشة مخطط المغرب الأخضر موضوعا مقدسا ومحرما، يثير حساسية مفرطة، وكأنه موضوع شخصي لا يحق لأحد الاقتراب منه أو المطالبة بتقييمه ومراجعته. وشدد على ضرورة الحفاظ على حق الأجيال اللاحقة من الموارد الطبيعية، والتوازن بين السوق الداخلية والخارجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحسين ظروف معيشة الفلاحين الصغار ومربي الماشية، والرفع من دخل العمال الزراعيين، والاهتمام بالفلاحة الأسرية والتضامنية، والاستمرار في الزراعات المستدامة. ودعا رئيس فريق الكتاب، إلى التركيز أكثر على إنتاج ما يستهلكه المغاربة، وعلى استهلاك ما تنتجه المملكة وفق مواردها، ووفق الاحتياجات الوطنية، رافضا الخضوع إلى مصالح من وصفهم "المتحكمين الكبار" في سوق الأغذية دوليا ووطنيا، كما سجل أن السيادة الغذائية تفرض إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية. وخلص حموني خلال مداخلته إلى أن "هذه المقاربة، التي تُقَدِّرُ حَقَّ التقدير الأوضاعَ الاجتماعية، وتنسجم فعليًّا مع "مفهوم الدولة الاجتماعية" الذي تعتمدونه شعارًا، هي ما جَعَلَ حزبَ التقدم والاشتراكية يُوجِّهُ إليكم رسالةً مفتوحة، بعد العشرات من المبادرات من داخل البرلمان وخارجه، من أجل تحسيسكم بِدِقَّةِ هذه الأوضاع".