أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، اليوم الخميس بالرباط، أن بنك المغرب اشتغل مع قطاع المالية من أجل تخفيض تكاليف التحويلات المالية للجالية المغربية المقيمة بالخارج وتنويع قنوات تقديم هذه الخدمة. وأوضح الجواهري، في كلمة له خلال افتتاح أشغال منتدى الرباط لتخفيض تكاليف التحويلات المالية للمغتربين الأفارقة، أنه تم إحداث بنية تحتية بنكية ترتكز على القرب وطدت العلاقة بين المغاربة المقيمين بالوطن ومواطنيهم بالخارج، مشيرا إلى أن "المغرب كان سباقا إلى التفكير في التحدي الذي يطرحه ارتفاع التكاليف المقترنة بهذه التحويلات، ما حذا به إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية للشركات العاملة في المجال". وأضاف، في السياق ذاته، أن المغرب استشرف "في وقت مبكر جدا" مسألة ارتفاع تكلفة التحويلات المالية، مبينا أن بنك المغرب "قرر خلال 2009 رفع أي بند ينص على حصرية الفاعلين الدوليين في مجال تحويل الأموال نحو نظرائهم بالمغرب، مما أفضى إلى تخفيض التكاليف بشكل كبير". وسجل والي بنك المغرب أن المملكة طورت منذ عدة عقود بنية تحتية بنكية تقوم على أساس الحضور العابر للحدود من أجل دعم الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لافتا إلى أن الأبناك المغربية حاضرة في 27 دولة إفريقية ولها فروع في 7 دول أوروبية فضلا عن خمسين مكتبا تمثيليا عبر مناطق مختلفة من العالم. وبخصوص العائدات المتأتية من تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أوضح الجواهري أنها سجلت قفزة تاريخية بنسبة 37 في المائة خلال 2021، و 13 في المائة في 2022، لتشكل بذلك نسبة 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولدى حديثه عن المعيقات التي تكرس مشكلة التكاليف العالية، استحضر والي بنك المغرب مشروع قانون في بلدان الاتحاد الأوروبي ينص على منع البنوك الأجنبية من تقديم خدمات بنكية لزبنائها المقيمين في إحدى دول الاتحاد. كما أشار، في هذا الإطار، إلى أن بعضا من الدراسات المتعلقة بسؤال التحويلات والتنمية تؤكد أن الاستثمار الإنتاجي للمغتربين الأفارقة في بلدانهم الأصلية "ما يزال ضعيفا". وأكد أن انعقاد هذا المنتدى يتزامن مع "سياق تخوف وتحول عالمي على مستوى الباراديغمات"، الأمر الذي عزز بروز الآليات الرقمية لتحويل الأموال، والتي من شأنها توفير خدمات "أقل تكلفة وأكثر سرعة وأمانا"، مبرزا أن بنك المغرب "وإدراكا منه لأهمية رقمنة الخدمات المالية، وضع هذه المسألة في صلب انشغالاته، حيث تم اتخاذ مجموعة من المبادرات لتشجيع هذه الدينامية وتسريعها خلال سياق الأزمة الصحية". ولتلافي التحديات المطروحة،دعا الجواهري إلى القيام بعمل دبلوماسي واسع النطاق من قبل البلدان الإفريقية للتحذير من هذه التطورات الدولية المقلقة والعمل على الحفاظ على الإنجازات وصيانة الروابط مع البلدان الأصلية، لاسيما مع الأجيال الأخيرة من المهاجرين. ويقدر عدد المغتربين الأفارقة بأكثر من 150 مليونا في سنة 2021، ثلثاهم في القارة الإفريقية، وبلغ إجمالي تحويلات هذه الفئة خلال الفترة ما بين (2010-2020) أكثر من 610 مليارات دولار أمريكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و 440 مليار دولار أمريكي في أفريقيا جنوب الصحراء. وفي ما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، تمثل هذه التدفقات في المتوسط 1.7 في المائة بالنسبة للمنطقة الأولى خلال الفترة المذكورة، و 2.4 في المائة في المنطقة الثانية. ومع ذلك، يتم استثمار 10 في المائة فقط من التحويلات في مشاريع.