أكد رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، اليوم الجمعة بالرباط، أن التنمية المشتركة والتعاون جنوب-جنوب يشكلان، برعاية وقيادة الملك محمد السادس، بعدا محوريا في علاقة المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة، وفي العقيدة الديبلوماسية الوطنية المبنية على الوضوح والطموح. وقال ميارة، في كلمة له في افتتاح أشغال "منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب" لمجالس الشيوخ والمجالس المماثلة بإفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب، الذي ينظمه مجلس المستشارين، أن هذا البعد أكده الملك في خطابه الموجه لقمة إفريقيا-وأمريكاالجنوبية الأولى المنعقدة بأبوجا، حيث دعا إلى "بلورة رؤية مستقبلية، تخدم المصالح المشتركة لدولنا"، كما أشار الملك إلى أن هذه القمة "تتيح لنا الفرصة المواتية للاتفاق على إقامة شراكة إستراتيجية، ترتكز على قيمنا المشتركة، المتمثلة في الحرية والديمقراطية والتضامن، وتطمح إلى تجسيد تعاون جنوب – جنوب، قائم على الاحترام المتبادل والتنمية المستدامة، وتحقيق الرخاء لشعوبنا ". وتوقف ميارة، الذي يتولى رئاسة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، كذلك، عند تأكيد الملك في خطابه الموجه إلى المشاركين في أشغال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكاالجنوبية، المنعقدة بالرياض بالمملكة العربية السعودية في نونبر 2015 على أن : "المملكة المغربية، قد انخرطت منذ البداية وبإرادة وعزم، في آليات منتدى التعاون العربي- الجنوب أمريكي، إيمانا منا بجدوى التكتلات الجهوية، وبدورها في تعزيز علاقات الشراكة التضامنية والتعاون بين دول الجنوب، التي ما فتئنا نعمل على تكريس مفاهيمها، وبلورة مشاريعها على أرض الواقع". وأضاف ميارة أنه وفق هذا التصور، تعمل المملكة المغربية على المساهمة في بناء نظام قاري "للتنمية المشتركة" والتضامن الفعال مع الأشقاء بالقارة، مما جعل المغرب أول مستثمر إفريقي بإفريقيا الغربية والثاني على المستوى القاري، وفاعلا أساسيا في منظومة الأمن الاستراتيجي الافريقي، الى جانب تمتين علاقاتها التاريخية مع الدول العربية الشقيقة من خلال تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في البرامج الاقتصادية والتنموية وتقوية المنظومات المالية والبنكية، مشيرا الى أنه فضلا عن ذلك تحظى المملكة بمكانة طيبة وتقدير كبير لدى دول أمريكا اللاتينية. وأبرز أن هذه المكانة تتجسد وتتعزز من خلال حجم الحضور القوي للمغرب بمنطقة أمريكا اللاتنينية والكراييب، عبر انخراطه كعضو ملاحظ بالعديد من التجمعات السياسية الجهوية والتكتلات الاقتصادية الإقليمية بالمنطقة، منوها إلى أن المغرب عضو ملاحظ بتحالف المحيط الهادي، ولدى مجموعة دول الأنديز، وكذا عضو مراقب في نظام التكامل لأمريكا الوسطى (سيكا)، وعضو مراقب دائم بمنظمة الدول الأمريكية،كما تجمعه علاقات متميزة مع دول (الميركوسور) . وعلى مستوى ديناميات التعاون البين إقليمية، أكد رئيس مجلس المستشارين أن المغرب عضو فاعل في قمة بلدان افريقيا وأمريكاالجنوبية " ASA "، وقمة قادة ورؤساء الدول العربية ودول أمريكاالجنوبية (A.S.P.A)، وكذا في القمة الإيبيرو أمريكية،كما أن الممكلة تعتبر، على مستوى دائرة الحضور العربي، عضوا فاعلا وملتزما بمبادئ جامعة الدول العربية لتحقيق تطلعات الشعوب العربية في التكامل والتقدم والازدهار، وتحضى بمكانة متميزة وشراكة استراتيجية مع مجلس التعاون لدول الخليج العربي الشقيقة. وسجل أن هذه المرتكزات والاعتبارات هي التي حكمت البرلمان المغربي وضمنه مجلس المستشارين في سعيه وطموحه الى تعزيز التعاون مع البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية لدول الجنوب، مسجلا أن مجلس المستشارين باعتباره ركيزة مؤسساتية أساسية في الفلسفة الدستورية المغربية، المقرة لنظام الثنائية البرلمانية، أراد أن يجعل من تركيبته الغنية والمتنوعة والمتفردة، أرضية مؤهلة لاستثمارها في تعزيز التقارب البرلماني وتمتين التعاون بين مجالس الشيوخ بالمجموعتين العربية والافريقية مع نظرائها بمنطقة أمريكا اللاتينية. وأعرب ميارة عن الأمل في أن يشكل منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب، انطلاقة حقيقية ولبنة أساسية "في مسار الاضطلاع بمسؤولياتنا الأخلاقية والسياسية كمجالس شيوخ ومجالس مماثلة في اقتراح المبادرات وطرح البدائل من خلال ترسيخ مؤسسات الحوار وبرامج التعاون البرلماني جنوب-جنوب"، ودعا إلى التفكير في إحداث "آلية برلمانية دائمة للتعاون والتكامل الاقتصادي بين مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة، بالمجموعات الجيواستراتيجية الثلاث، من تعزيز الابتكار التشريعي على مستويات تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وتقوية تبادل الممارسات الفضلى بين مؤسساتنا البرلمانية، إلى جانب العمل بشكل عملي وسريع على تقديم "مقترح خارطة طريق متكاملة للتعاون المشترك" إلى قمم قادة الدول والمؤسسات والهيئات والمؤتمرات الحكومية الافريقية والعربية والأمريكو لاتينية. وخلص ميارة إلى القول إن مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة، مع اختلاف موقعها في الهرم السياسي في كل بلد على حدة، تعتبر مرتكزا أساسيا في البناء المؤسساتي وامتدادا للجهات والتمثيليات الترابية، فضلا عن دورها المحوري في استكمال وتجويد المسارات التشريعية في إطار الثنائية البرلمانية،"مما يؤهلها للعب أدوار طلائعية في الدبلوماسية البرلمانية وتعزيز الثقة في قدرتنا الجماعية كبلدان للجنوب على صياغة مستقبلنا المشترك وبناء نماذج ناجحة وناجعة للتعاون والشراكة". ويتميز هذا المنتدى، الذي يروم خلق فضاء بين-جهوي مستقل للحوار، بمشاركة ممثلي مجالس الشيوخ لأزيد من 31 دولة عن المجموعات الجيوسياسية الثلاث. وتتمثل أهداف المنتدى في تعزيز دور مجالس الشيوخ في ترسيخ الدبلوماسية الاقتصادية وتنمية الحوار البرلماني جنوب-جنوب بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ وتقاسم التجارب والخبرات وتعزيز برامج التعاون جنوب-جنوب؛ والمساهمة في تقوية المسار الاندماجي الجهوي؛ وتطوير دور هذه المجالس كسلط تشريعية في تعزيز الحكامة الديمقراطية والترابية. ومن ضمن أهدافه أيضا، إصدار الآراء واقتراح تدابير تشريعية وتوصيات إلى قمة قادة الدول والمؤسسات والهيئات والمؤتمرات الحكومية الإفريقية والعربية والأمريكولاتينية في شأن مختلف القضايا. وسيتناول المشاركون في أشغال هذا المنتدى محاور رئيسية تتعلق ب : "دور مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في تعزيز التعاون جنوب-جنوب"، و"المبادلات التجارية والاقتصادية بين إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكراييب: الواقع والآفاق"، و "العدالة المناخية والصحية: أي دور ترافعي لمجالس الشيوخ بدول الجنوب".