منذ إطلاق النقاش حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وانفصاليو كاتالونيا، الذين يحكمون هذه الجهة منذ أواخر سنة 2015، مقتنعون بأن مصير الاستفتاء حول البريكسيت، لاسيما فيما يتعلق باسكتلندا، قد يفتح آفاقا جديدة لانفصال جهتهم عن بقية اسبانيا. وأكد رئيس حكومة هذه الجهة، الواقعة شمال شرق إسبانيا، كارليس بودجمونت، مؤخرا، أن مكتبه سيتابع عن كثب رد فعل الحكومة الاسكتلندية بعد نشر نتائج هذه الاستشارة، مضيفا "لأننا لا نحدث ضوضاء فذلك لا يعني أننا لا نتقدم". ويدرك انفصاليو كاتالونيا جيدا أن التصويت لصالح البريكسيت سيؤدي إلى تغييرات في جميع الاتجاهات داخل المملكة المتحدة، بما في ذلك إمكانية تنظيم استفتاء حول استقلال اسكتلندا، التي اختارت خلال هذه الاستشارة البقاء داخل أوروبا، وهو وضع سيجبر بروكسل على اتخاذ قرار بشأن انتماء جهة من دولة عضو أو عضو سابق للاتحاد الأوروبي. والأكيد أن قرار الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المسألة سيحدد، على الأرجح، الاستراتيجية الواجب اتباعها من قبل حكومة جهة كاتالونيا، التي تسعى لضمان البقاء في أوروبا في حال نجحت في الانفصال عن إسبانيا. واقتناعا منه بأن الاتحاد الأوروبي "سيتخذ قرارات عملية تتكيف والواقع"، يعتقد رئيس حكومة جهة كاتالونيا أن تنظيم استفتاء تقرير المصير في اسكتلندا سيشكل سابقة في هذا الشأن، مشيرا إلى أن كاتالونيا قد تسير على خطى ادنبره بتنظيم استشارة مماثلة. وتلعب المؤسسات الأوروبية دورا حاسما في استراتيجية كاتالونيا الرامية لإطلاق مسلسل الاستقلال، رغم أن الأحزاب القومية التي فازت في الانتخابات بأغلبية مطلقة في شتنبر الماضي، ترى أن الاتحاد الاوروبي لن يسمح بكاتالونيا مستقلة على أبواب المجموعة. وقد بدا نائب رئيس حكومة كاتالونيا، أوريول جونكيراس، متفائلا في الآونة الأخيرة بشأن "مرونة أوروبا" أمام التغيرات السياسية التي تشهدها القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة، معتبرا أن تأسيس دولة كاتالونية مستقلة قد يعزز الاستقرار في الاتحاد الأوروبي خروج لندن. ومع ذلك، فإن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لا يعني بالضرورة تعزيز حركة الانفصال في كاتالونيا، على اعتبار أن الاتحاد الأوروبي لن يدعم مسلسلا انفصاليا يسعى لتقسيم أحد أعضائه، هو إسبانيا، لاسيما بعد عدم اليقين وعدم الاستقرار الناجم عن البريكسيت. وإدراكا منه بصعوبة مهمته، سافر بودجمونت، مؤخرا، إلى بروكسل للاجتماع بمسؤولي الاتحاد الأوروبي حول قضية استقلال كاتالونيا، لكن جميع القادة الاوروبيين تقريبا رفضوا مطالبه، بما في ذلك رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر. وفي هذا السياق، شددت المفوضية الأوروبية وعدد من الزعماء الأوروبيين، في الأشهر الأخيرة، على حقيقة أنه يتعين على أغنى جهة بإسبانيا الانتظار، في حال انفصال ممكن عن إسبانيا، لإطلاق مسلسل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وإلى جانب هذه الانعكاسات على المستويين الأوروبي والوطني، فإن البريكسيت، الذي يبدو أنه أحيى طموحات انفصاليي كاتالونيا، يمثل مصدرا إضافيا لقلق حكومة مدريد التي تعارض بشدة أي مبادرة تسعى إلى دعم أو تشجيع هذه القومية بهذه الجهة.