أضحى الولوج إلى سكن لائق وملائم اليوم أكثر من أي وقت مضى أحد الأولويات في السياسات الوطنية، خاصة وأن الأمر يتعلق بهدف من أهداف التنمية المستدامة. ويشكل اليوم العالمي للإسكان، الذي يتم تخليده هذه السنة تحت شعار "السكن للجميع: مستقبل حضري أفضل"، مناسبة للتفكير في حالة المدن في العالم وكذا في السبل الكفيلة بضمان سكن لائق بالنسبة للجميع. ويهدف هذا الحدث العالمي، الذي تم إقراره في أول يوم اثنين من أكتوبر من كل عام من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1985، إلى تذكير المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه مستقبل السكن، وتقييم المكتسبات التي تحققت في هذا القطاع الذي له وقع اجتماعي قوي، فضلا عن التأكيد على الحق الأساسي للجميع في الولوج إلى سكن ملائم. ويوجد محور السكن في صلب الهدف ال11 من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تم تبنيها في القمة العالمية للتنمية المستدامة، حيث يتجلى الطموح في ضمان ولوج الجميع بحلول سنة 2030 إلى السكن والخدمات الأساسية وتعزيز عقلنة الموارد والقدرة على الصمود في مواجهة الكوارث، وكذا تحسين أنظمة السلامة الطرقية والنقل، وذلك وفقا لمنظمة الأممالمتحدة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للإسكان، إنه "خلال هذه السنة يسلط الاحتفال الضوء على الأهمية المحورية للإسكان كعامل محرك للتنمية الحضرية المستدامة". وأضاف غوتيريس أنه " يعيش حاليا 1 مليار شخص في مستوطنات مكتظة ذات مساكن غير ملائمة. وبحلول عام 2030، سيرتفع هذا العدد إلى 1,6 مليار شخص"، مشددا في هذا السياق على أنه يلزم القيام الآن باتخاذ إجراءات لتزويد الأسر المنخفضة الدخل والفئات الهشة بمساكن ميسورة التكلفة تضمن لهم أمن حيازة الحقوق العقارية وسهولة الولوج إلى المياه ومرافق الصرف الصحي ووسائل النقل وباقي الخدمات الأساسية. ولفت إلى أن " الحاجة الملحة إلى تحسين الظروف المعيشية أضحت تحتل مكانة الصدارة بسبب جائحة كوفيد-19 التي دمرت حياة ملايين الأشخاص في المدن "، معتبرا أن " الولوج إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي واحترام التباعد الاجتماعي، هما من أهم التدابير المتخذة لمواجهة الجائحة. ومع ذلك فقد تبين أنه من الصعب تنفيذ تلك التدابير في الأحياء الفقيرة". ودعا بالمناسبة إلى مضاعفة الجهود لتعزيز الشراكات وسن السياسات المراعية لاحتياجات الفقراء، ووضع ما يلزم من أنظمة لتحسين السكن في المدن. وعلى الصعيد الوطني، فقد وضعت المملكة مسألة الإسكان في صلب اهتماماتها من خلال السياسات المعتمدة والبرامج الاجتماعية التي يتم تنفيذها، والتي تهدف بشكل رئيسي إلى مكافحة السكن غير اللائق، وتنويع العرض، وتحسين ظروف عيش المواطنين والاستجابة لاحتياجاتهم في مجال السكن. ومن ضمن هذه المشاريع الرئيسية هناك البرنامج الوطني "مدن بدون صفيح "، ومشاريع التأهيل الحضري للأحياء الناقصة التجهيز وبرنامج المباني الآيلة للسقوط، فضلا عن مجموعة من المشاريع المتعلقة بسياسة المدينة. وفي السنوات الأخيرة، مكنت مختلف أوراش الإصلاح التي تم إرساؤها في إحراز تقدم كبير في هذا القطاع، مما يساهم بشكل كبير في محاربة الفوارق الاجتماعية وتحقيق إقلاع للنشاط الاقتصادي في البلاد. ويتموقع قطاع الإسكان باعتباره رافعة مهمة للاقتصاد الوطني، حسب وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، لكن التحدي الذي يواجهه القطاع يكمن في تطوير سوق العرض بما يتماشى مع خصوصيات الطلب.