آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    مجلس الجالية يثمن التعديل المرتقب لمدونة الأسرة ويتطلع لتشريع في مستوى الانتظارات    إغلاق بورصة البيضاء على وقع الأحمر    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    المغرب الفاسي يقيل المدرب "أرينا"    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    منيب: لجوء رئيس الحكومة للقضاء الاستعجالي لوقف الإضراب يكرس السلطوية وضرب الدستور    مصالح الأمن الوطني فككت خلال السنة الجارية 123 شبكة تنشط في تنظيم الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    حركة النقل الجوي عبر مطارات المغرب ارتفعت ب30 في المائة هذا العام بحسب الوزير قيوح    اتفاقية لتدوير نفايات سجن تامسنا    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب        الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة    توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي            يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد        العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة            مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع اقتراب عيد الحب.. هل تستعيد ورود “مارشي النوار” بالرباط عطرها
نشر في الأول يوم 03 - 02 - 2020


فاطمة شنوفي (و م ع)
يقع في وسط مدينة الرباط، ويطل على ساحة مولاي الحسن (ساحة بيتري سابقا)، مثل قلعة من الروائح والألوان، يبدو أن سوق الورود قد فقد بريقه. في هذا الموقع الأسطوري، غير بعيد عن كاتدرائية سان بيير، رأى “مارشي النوار” النور سنة 1940 وتم نقله لمدة ثلاث سنوات إلى نزهة حسان، في وقت يتم فيه إعادة تهيئة ساحة بيتري القديمة.
تستوقف الروائح العطرة التي تنبعث من الأكشاك الساحرة لبائعي الورود المار للحظات، ومزهريات وباقات ورود جميلة منتظمة بشكل رائع، ولكن سرعان ما يعبر طريقها المارة دون اكتراث. أولئك الذين يأخذون وقتهم للاستفسار عن الأثمنة نادرا ما يقصدون صندوق الأداء. وعلى الرغم من إلحاح أصحاب محلات بيع الورود الذين يكيلون المديح لبضاعتهم إلا أنهم لا يجدون آذانا صاغية لهذا الإطراء.
ومن الواضح أن بيع الورود أضحى لا يشكل موردا للعيش. هذا لا يعني أن الرباطيين لا يفتنون بجمالية ورمزية هذه النباتات الجميلة، ولكن يبدو أن إنفاق ما بين 100 و200 درهم على باقة من عشرة أو عشرين وردة مدة حياتها لا تتجاوز بضعة أيام، ما يعني ذهاب أموالك سدى. فقليل من المغاربة هم فقط على استعداد للقيام بذلك. “مارشي النوار” الذي كان مزدهرا من قبل، يقدم اليوم مشهدا محزنا لبائعي الورود الذين كسدت تجارتهم، وباتوا يقضون أيامهم في انتظار زبون لعله ينقذ ورودهم من الذبول.
وعلى مدار السنة، لا يستعيد هذا السوق نشاطه إلا في بضعة أيام فقط، خاصة مع اقتراب المواسم و”عيد الحب” والثامن من مارس واليوم العالمي للمرأة.
وبالنسبة لهذا المعبد المهجور من الورود، ليس هناك فرق بين موسم انتعاش وآخر للركود، لأن الكساد يخيم عليه طوال السنة. ولكن، مع الأيام الأولى لموسم الصيف، يهب نسيم عليل على ساحة “بيتري” حيث تنتعش مبيعات التجار. باقة واسعة من الورود وروائح وألوان وأصناف متنوعة تؤثث فضاءات الأكشاك.
وتتفنن أنامل الباعة في تقديم الورود وتعمل جاهدة طوال الوقت على ترتيب وتزيين باقات رائعة لإغراء المارة ودفعهم لاقتناء واحدة منها تدر عليهم دراهم معدودة كانت مفقودة في فصول أخرى من السنة.
وفي المقابل، يعد فصل الشتاء أكثر المواسم “كسادا” ليس فقط بسبب المشترين القلائل، ولكن أيضا نظرا لتعذر العثور على العديد من أصناف الورود جراء موجة البرد باستثناء البعض منها التي تتأقلم مع هذا الطقس.
وتستمر هذه الفترة العجفاء (حوالي خمسة أشهر) تقريبا، ما بين شهري أكتوبر وفبراير. ويتم تحديد مواعيد وصول البضائع كل 48 ساعة ولكن بكمية محدودة، نظرا لانخفاض الإنتاج بسبب القدرة المحدودة للبيوت المغطاة.
وبالتالي، يتعرض ممونو السوق للإكراهات المتعلقة بالتقلبات المناخية، التي تتسبب في انخفاض إنتاج الورود بشكل عام والزهور، خاصة خلال فصل الشتاء.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال عزيز محسن، رئيس جمعية بائعي الورود في “مارشي النوار”، إن الورود تأتي، أساسا، من مدن بني ملال ومراكش وأكادير. وهي تغرس عموما في المناطق التي ترتفع فيها درجة الحرارة، وهو ما يفسر ندرتها خلال الفترة الشتوية.
وبضواحي مدينة الرباط، فإن مزودي محلات الورود هم بستانيو ومزارعو الصخيرات وسيدي بوقنادل، المعروفون، أساسا، بمشاتلهم التي يخصص كل منها لنوع معين من الورود أو النباتات، ويتم إنتاجه طيلة السنة، بغض النظر عن الفصول والظروف المناخية.
من جهته، أوضح مراد، بائع شاب للورود، أن “هؤلاء الممونين المحليين الذين يتقاضون أثمنة منخفضة هم مصدر الإمداد الدائم الذي لا محيد عنه لبائعي الورود، وأن الورود المستوردة من هولندا، مثل شتلات الفاكهة، تباع بأسعار مرتفعة جدا، تبلغ حوالي 500 درهم لكل منها”.
وورث هذا الشاب الصغير هذه المهنة عن والده وكان معلمه الوحيد في المحل. وقال “لم أتلق أي تكوين مهني، لأنه ببساطة غير موجود”. وبالاعتماد على التعلم التقليدي من الأب إلى الابن أو المعلم إلى المتعلم، يكتسب بائعو الورود الخبرة لترتيب وصيانة وتخزين السلع والورود والنباتات الخضراء.
“بعد وفاة معلمينا الحرفيين الكبار، بمن فيهم الحاج مبارك، الحاج عياد، سي بوبكر، سي طالبي وغيرهم … لا نزال نبحث عن (أمين) جديد يمكن أن يعوض سلفه، لكن دون جدوى” يقول عزيز محسن، الذي أكد أن “الأمين” الذي ينتخبه بائعو الورود يجب أن يكون حرفيا ماهرا وذا خبرة وحكيما وجديرا بالثقة. ويكون بائع الورود-الرئيس قادرا أيضا على حل أي مشاكل أو نزاعات بين المهنيين. في غياب “الأمين”، فإن جمعية بائعي الورود في ساحة بيتري هي التي تدبر الإجراءات الإدارية بالقرب من الجماعة الحضرية للرباط.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن كل وردة لها سعرها. هذا الثمن لا يعتمد فقط على “جودة” البضاعة، ولكن أيضا على موهبة بائع الورود وإبداعه وإتقانه لفن تنسيق الورود. ويتراوح الحد الأدنى لسعر الوردة الواحدة بين 03 و 05 دراهم، في حين أن الحد الأقصى للسعر هو من 15 إلى 20 درهم. وتعد مشتلات الفاكهة من أغلى الأنواع وتباع بحوالي 600 درهم لكل باقة أو مزهرية. واعتمادا على عدد من الورود المنتظمة، يتراوح سعر باقة تحتوي على الورود بشكل رئيسي بين 50 درهم و 150 درهم.
بيد أن باقة أكبر أو مصممة بعناية فائقة وتحت الطلب يمكن أن تصل إلى ما بين 1000 و1500 درهم. ويدخل أيضا في السعر الإجمالي تكلفة التغليف على أساس الخزف أو الورق أو “السيلوفان” والشريط البلاستيكي الصغير والتي تتراوح ما بين 30 درهم و5 دراهم. ويبقى التغليف الذي لم يتغير على مدى عقود ويعتمده بائعو الورود في ساحة “بيتري” “أساسيا” بالمقارنة مع التصميمات المبتكرة والتوجهات الجديدة التي تعرفها سوق الورود.
وبالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن المالكين يستفيدون من محل مجاني ولا يدفعون سوى فواتير الماء والكهرباء ومستحقات مستخدميهم، إلا أنهم يدفعون ضرائب سنوية تتراوح، بحسب رقم المعاملات المحققة، بين 2000 و7000 درهم. وبرغم هذه الصعوبات التي تواجه هذا النشاط منذ سنوات، لا يزال سوق الورود بالرباط “مارشي النوار” صامدا، وذلك يعود، بالأساس، إلى ماضيه المجيد ومكانته العظيمة التي يحتلها في قلوب الرباطيين، كموقع ضارب في التاريخ وزاه بالألوان وعبق بالروائح الزكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.