تنظم الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة فرع سلا وجمعية سلا المستقبل، سلسلة من اللقاءات الفلسفية الرمضانية حول “الدين والتدين”، وقد عرفت ليلة الاثنين الماضي لقاء نشطه كل من أستاذي الفلسفة اسماعيل مجغيط، و حمادي أنوار. حيث تحدث اسماعيل مجغيط عن موضوع “الدين في حدود العقل”، من خلال طرح إشكالية الدين في حدود العقل. حيث اعتبر أن “الناس درجوا على اعتبار أن الدين هو قضية تنتمي إلى مجال فوق العقل، إلا أن كانط يرى العكس، فلا دين حق إلا في حدود العقل، لهذا يميز كانط بين الأديان الوضعية التاريخية والتي ترتبط بظروف تاريخية وسياسية محدودة في الزمان والمكان وبين الدين الخالص والذي نجده مبثوتا في كل الأديان على اختلافها، بل إنه دين يحمله كل فرد فرد داخله إلى جانب الدين المخصوص الذي نشأ فيه. وهكذا فهذا الدين الخالص والعقلي لن يكون سوى دين ذا طابع أخلاقي حيث لن نجد فيه لا شعائر ولا فرائض ولا كفارة، اللهم السيرة الحسنة والعمل الصالح. والحالة هذه فإن تصورنا لله وللجزاء والعقاب والمعجزات والصلوات سيتغير كليا تبعا لتغير مفهومنا عن الإنسان باعتباره الكائن الحر والمستقل. إن دينا مثل هذا هو دين رجال أحرار، في مقابل الدين التاريخي الذي هو دين العبيد”. وأضاف مجغيط، “إن هدف كانط ليس هو هدم الدين التاريخي بل هو تخليص الدين من الخرافة ومن البواعث السياسية العالقة به، بسبب التاريخ والجغرافيا، فكل دين نشأ وترعرع داخل جماعة وداخل دولة، ومن ثم عنصر الإكراه والخوف الذي نجده في الأديان التاريخية الوضعية، في حين أن الدين الحق هو دين الحرية والمحبة”. من جهته اعتبر حمادي أنوار في تدخل حمل عنوان، “الدين خارج حدود العقل”، حيث عالج إشكالية العلاقة بين الدين والعقل، و بالضبط محاولة الإجابة عن سؤال أساسي هو : كيف يمكن التفكير فلسفيا وعقليا في التجربة الدينية؟ ثم ما هي العلاقات الممكنة بين التجربة الدينية والتفكير العقلاني؟ حيث قال أنوار، “إن التفكير الفلسفي في الدين يثير سؤالا أساسيا في صيغة مفارقة لطالما كانت محط نقاشات فلسفية وكلامية ولاهوتية، و المتعلقة بمسوغات التفكير العقلي، القائم على الحد والتعريف الجامع والمانع، في التجربة الدينية التي تتجاوز كل حدود. من هنا نحاول من خلال هذه الورقة أن ندافع عن أطروحة أساسية مفادها أن منطق العقل في منأى عن كل اعتقاد ديني، وأن للتجربة الدينية منطقها الخاص الذي لا يستطيع العقل الإحاطة به أو الخوض فيه. إن الدين عبارة عن تجربة روحية ووجدانية وقلبية تقع خارج حدود العقل، وبالتالي فهي تجربة لاعقلية بالأساس، تخضع لمنطق قلبي وحدسي قوامه الحب”. وختم أنوار بالقول، “إن دين الحب هو الدين الكفيل بتجاوز كل انغلاق مذهبي وتزمت عقلي قد يؤديان إلى التعصب والتطرف الدينيين، وهو ما لا يمكن أن ينتج إلا العنف والحقد والكراهية. إن الدين المتجاوز لحدود العقل هو دين الحب والعشق، دين الإنسان والإنسانية، إنه الدين الكوني بامتياز”.