تطالع متصفح منصة “اليوتوب” المغربي عناوين لأشرطة فيديو أغلبها يفتقد للذوق السليم ولا يتوفر على الحدود الدنيا من معايير الإبداع والرقي والأفكار الخلاقة، إذ يكاد ينحصر محتوى أغلب الفيديوهات التي يغص بها اليوتوب المغربي في نشر التفاهة وتعميم الحماقة والانتشاء بالأمية أمام عدسات الكاميرات؛ عبر المتح من معجم الشارع وأسلوب المتحدثين به، لكن المثير هو أن هذا النوع من “المحتوى” دون غيره يلقى إقبالا وتفاعلا منقطع النظير من لدن المغاربة، ما يطرح عدة إشكالات تستدعي أن يجد لها أصحاب الاختصاص تفسيرات سوسيولوجية عميقة ورصينة حول تحول منظومة القيم والذوق السليم لدى فئات الشعب المغربي. ولطالما كان ما يقع في اليوتوب المغربي محط انتقادات بعض نشطاء عالم الويب، سيما متصفحوا مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن حدة هذا النقد ارتفع منسوبها مع شريط فيديو لإحدى السيدات المغربيات ممن يقدمن أنفسهن بصفة “يوتوبرز”، تناولت فيه بالشرح والتحليل، سردا وحكيا، اللحظات الأخيرة لوفاة زوجها وعنونته، في سابقة من نوعها، ب”بالدموع كيفية وفاة زوجي (تحت طلبكم)/ اللحظات الأخيرة له قبل الوفاة”. وأثار الفيديو الذي ظهرت فيه صاحبة قناة تحمل اسم “شهيوات ندى نور” وهي ترتدي لباس الحداد بعد وفاة زوجها، موجة جدل واسعة على “فيسبوك”، حيث انتقد رواد الموقع الأزرق ظهور المرأة، أثناء فترة عدتها، تسرد ما دار بينها وبين زوجها قبل وفاته وتحكي للعموم عن تفاصيل موته. صاحبة الفيديو المذكور تعرضت لانتقادات لاذعة من طرف نشطاء الفيسبوك الذين لم يستسيغوا ما أقدمت عليه، وراحت أغلب تعليقاتهم إلى التنديد بهذا السلوك، ومن هذه التعاليق نطالع جملة كتبها أحد النشطاء يدعى إلياس مرفوقة بشريط الفيديو المذكور “هاد العبث اللي ولى مع تكنولوجيا الأنترنيت خاصهم يلقاو ليه الحل حيت هادشي لا يبشر بخير .. هاد السيدة عندها قناة على اليوتوب ديال الطبخ و الشهيوات مات ليها راجلها الغد ليه ضربت البيض و شوية ماكياج من أجل الإضاءة و التصوير و طلعات بكل بساطة تعاود للناس كيفاش حتى مات راجلها على طريقة ” ياختي كنا جالسين … “، كتعاود تفاصيل مملة لشنو آخر حاجة كلاو و شنو دارو و شنو قاليها و شنو خلاليها لناس ما كتعرفهمش في سبيل نسبة المشاهدة يعني بنادم تجرد من الأحاسيس و المشاعر و مابقاتش عندو شي حاجة مقدسة او خصوصية ممكن يدير أي حاجة فسبيل اللايكات و نسبة المشاهدة”. ونحت ناشطة أخرى تدعى أسماء ذات المنحى، معبرة عن استيائها بالقول: “هل مشاعر الناس تحجرت لهذه الدرجة، لم يمر على وفاة زوجها سوى عشرة أيام وسجلت فيديو تحكي فيه عن ظروف وفاته.. ماذا سنستفيذ من ذلك نحن.. على العموم رحم الله زوجها والله يعفو علينا”