بعد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح جاء دور شخصيات أخرى من المخلصين المقربين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتخلي عنه، ويتعلق الأمر يرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى وحزبه الذي طالب باستقالته أمس الأربعاء. ويواجه بوتفليقة موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ 22 فبراير، للمطالبة برحيله من الحكم الذي يمسك بزمامه منذ 20 عاما. لكن يمكنه رفض الاستقالة ووحده المجلس الدستوري هو القادر على تحريك الاقالة المنصوص عليها في المادة 102 من الدستور ما يسمح باستبعاد الرئيس في حال “المرض الخطير والمزمن”. ولكن الرئيس المريض بدأ يفقد أوفى المقربين منه، الواحد تلو الآخر، فبعد رئيس أركان الجيش الذي فتح الباب لعزله، أوصى حزب التجمع الوطني الديموقراطي، الحليف الرئيسي لجبهة التحرير الوطني، باستقالته. وجاء في بيان موقع من الامين العام للحزب أحمد أويحيى “يوصي التجمع الوطني الديموقراطي باستقالة السيد رئيس الجمهورية طبقا للفقرة الرابعة من المادة 102 من الدستور بغية تسهيل دخول البلاد في المسار الانتقالي المحدد في الدستور”. والفقرة الرابعة في المادة 102 تتحدث عن حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته. والثلاثاء، اقترح الفريق أحمد قايد صالح تطبيق المادة 102 من الدستور كمخرج للأزمة التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، ويتمثل بآلية يعلن في نهايتها عجز الرئيس عن ممارسة مهامه، بسبب “المرض الخطير والمزمن” أو “الاستقالة”. وبذلك يبقى أمام الرئيس الذي تنتهي ولايته الفعلية في 28 أبريل خياران بحسب هذه المادة: إما الاستقالة او الدخول في إجراءات طويلة -وربما مهينة- لعزله من الحكم بسبب “استحالة ممارسة مهامه”. ولكن في الوقت الحالي لا شيئ يجبر بوتفليقة على الاستقالة، والدستور في مادته 102 يعطي كل الصلاحيات للمجلس الدستوري وخصوصا رئيسه الطيب بلعيز، وهو من المخلصين المحيطين بالرئيس، في “إثبات المانع” واستحالة ممارسة وظيفة الرئيس. وذكر التجمع الوطني الديمقراطي إنه سبق أن طلب من السلطة “المزيد من التنازلات” لتنفيذ خطة بوتفليقة الذي أجبرته الاحتجاجات الحاشدة على إعلان العدول عن الترشح لولاية خامسة وإقالة الحكومة التي كان يترأسها أحمد أويحيى في 11 مارس. لكنه إلى جانب ذلك ألغى الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل ومدد، بحكم الأمر الواقع، ولايته الرابعة التي يفترض أن تنتهي في 28 أبريل، مع وعد باصلاحات سياسية بما فيها تعديل الدستور في إطار “ندوة وطنية” غير أن الأحداث المسجلة كل يوم، قد أثبتت انسداد الطريق أمام هذا المسعى السياسي الذي رفضه المحتجون مثل كل القوى السياسية المعارضة المشاركة فيها. وجاء دور الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد الذي كان حتى الآن من المؤيدين لبوتفليقة ورحب بدعوة رئيس اركان الجيش لاقالة بوتفليقة. واعتبر محرز بويش أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة بجاية (180 كلم شرق الجزائر) أن بيان التجمع الوطني الديمقراطي “استمرار للنظام الذي يريد إنقاذ نفسه قبل شهر واحد من انتهاء ولاية بوتفليقة”. وأضاف “لكن ما يريده الشعب هو وسيلة لتغيير النظام بالكامل وبجميع مكوناته” مشيرا إلى أن “الاحتجاج سيستمر، وستستمر المسيرات”. وساد الحذر في وسط العاصمة الجزائرية التي تشهد كل جمعة تظاهرة حاشدة للمطالبة برحيل بوتفليقة ومحيطه و”النظام”. ورأى حسن زناتي، المختص في اقتصاد الصحة، ان الجهود المبذولة لعزل بوتفليقة “هدية مسمومة” لأن تفعيل إجراء تنحيته بتطبيق المادة 102 “سيبقي نفس النظام” في الحكم. من جانبه، ذكر يحيى، 64 عاما، وهو فني مختبرات، أن “رحيل بوتفليقة “قد يهدئ الوضع”، والمادة 102 “قد تكون بداية للحل” ولكن في الوقت الحالي لا يوجد “شيء ملموس” و “ربما سيطلب الشعب أكثر” من رحيل بوتفليقة. أما زناتي فاق إنه متأكد من أن “الاحتجاجات السلمية” هي في الحقيقة “انتفاضة شعبية” ستستمر “حتى رحيل النظام”. والأربعاء خلال زيارة جديدة لوحدات الجيش على الأرض، أعلن قائد الجيش أن المؤسسة العسكرية لن تبتعد “أبدا” عن “واجباتها الدستورية”. وقال “يتعين بل يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة، حل من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع ويكون مقبولا من كافة الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102”. والاربعاء عادت الاحتجاجات في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة مع تجمع للأساتذة الباحثين للتعبير عن رفضهم للحلول المقترحة للأزمة وهم يرددون “سئمنا من هذا الحكم”.