بالموازاة مع قرب المصادقة على مشروع مرسوم لتفعيل الرؤية الاستراتيجية التي وضعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، حذر المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، الذي يرأسه احمد عصيد، مما "يحاك ضدّ اللغة الأمازيغية الرسمية داخل كواليس الدولة"، معتبرا أن هذه المصادقة ستتم في غياب القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، الذي لم يوضع حتى الآن. واتهم مرصد عصيد، المجلس الأعلى للتربية والتكوين بضم "تيارات عرفت بعدائها للحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية، مما أدى إلى التراجعات المذكورة، وهو نفس ما حدث مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أشرك فيه الجميع سنة 1998 باستثناء الحركة الأمازيغية، وقد تمخض عن هذا الإقصاء آنذاك ميثاق أسند "للهجات" الأمازيغية مهمة كاريكاتورية وهي "تسهيل تعلم اللغة العربية".". وقال المرصد في بيان استنكاري توصل موقع "الأول" بنسخة منه إن "أية محاولة لإصدار مرسوم قانون بناء على رؤية تمييزية ضدّ الأمازيغية، وقبل صدور القانون التنظيمي الذي سيحدّد كيفيات تفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة في التعليم وكل القطاعات، نعتبره شرعنة للميز اللغوي والثقافي بالمغرب، وسعيا لتقزيم وضعية الأمازيغية في النظام التربوي وداخل المؤسسات، وعودة خطيرة إلى الوراء سيكون لها أثر سلبي على السلم الاجتماعي في بلادنا. مضيفا أن "إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور، والعمل مع ذلك على وضع قوانين تمييزية ضدّها، سلوك متناقض ينمّ عن انعدام الرؤية الواضحة لدى الدولة ومؤسساتها، كما يشير إلى مقدار الارتباك الذي أصبح يطبع سياسة الدولة في تدبيرها للوضع اللغوي." وأعلن مرصد عصيد أن "ما ينصّ عليه الدستور هو أن القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية هو الذي سيحدّد كيفية ومراحل إدراج اللغة الأمازيغية في التعليم والمجالات ذات الأولوية، وأنّ أية جهة أخرى تتولى ذلك في غياب هذا القانون تعتبر خرقا للدستور ومناورة استباقية لخلط الأوراق وعرقلة تفعيل الترسيم المطلوب، وإعدام المكتسبات المتحققة سابقا". وإذا كان المرصد قد اعتبر أن "ما أقرّته الدولة المغربية حتى الآن في موضوع الأمازيغية قد تمّ في إطار مصالحة وطنية تهدف إلى جبر الضرر في المجال الثقافي واللغوي الناتج عن سياسات الميز السابقة".. فإنه عاد للتحذير من أن "كل محاولة للالتفاف على هذا المكتسب من شأنه أن يؤدي حتما إلى عودة النزاع في المجتمع". واعتبر المرصد أن "رؤية المجلس الأعلى للتربية والتكوين المراد تمريرها تتواجد -فيما يخص اللغة الأمازيغية – خارج الدستور، كما تمثل تراجعا خطيرا عن وضعية الأمازيغية في التعليم التي تم إقرارها منذ 2003، والتي تسندها النصوص السياسية الممثلة في الخطب الرسمية، والنصوص التربوية والتنظيمية المنبثقة عن وزارة التربية الوطنية"، واصفا التوجّه الذي يسعى المجلس المذكور إلى تكريسه "مجهضا لأهم مكتسبات دستور 2011، حيث لم يعتبر الوضع الرسمي للغة الأمازيغية، التي تعامل معها كما لو أنها لغة غير ذات أهمية في النظام التربوي". وتابع المرصد قائلا أن "المقاربة التي اعتمدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتي مفادها أن الدولة بصدد الانتقال من ازدواجية لغوية عربية / فرنسية إلى تعدّدية لغوية عربية / فرنسية / انجليزية، تتسم بالغرابة وتكريس الميز ضدّ اللغة الأمازيغية الرسمية، ذلك لأن ما ينصّ عليه الدستور هو أنّ الدولة قد انتقلت من الازدواجية عربية / فرنسية إلى التعددية اللغوية التي أساسها الاعتراف بأكثر من لغة رسمية قبل الحديث عن الانفتاح على اللغات الأجنبية". وشكك المرصد في نية الدولة ترسيم اللغة الأمازيغية وقال إن "جميع القوانين التنظيمية والعادية التي وضعت حتى الآن في تجاهل تام للوضع الرسمي للغة الأمازيغية لا تخلو من أحد أمرين: إما أن الدولة لا تنوي تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، أو أنها ستعمل على مراجعة جميع تلك القوانين التي لم تراع ما ينصّ عليه الدستور".