د. مُحمّد نبيل مُلين كان الأندلسيون وسكان بعض مناطق المغرب الأقصى يحتفلون بالعديد من الأعياد المسيحية لاسيما مولد عيسى و رأس السنة و مولد يحيى و الفصح. و كانوا يعدون لذلك الولائم و يلبسون أحسن الثياب و يتبادلون التهاني وينظمون الأشعار وما إلى ذلك من مظاهر البهجة. و قد أثار ذلك انتقاد العديد من الفقهاء و المتصوفة الذين كانوا يعتبرون هذه الطقوس بدعا تهدّد هوية المسلمين ومعتقداتهم. لذلك حاربوها بشتّى الأشكال لا سيما باقتراح عيد المولد النبوي كبديل “شرعي” في القرن الثالث عشر… مقتطفات من بعض النصوص المعاصرة: “ليلة ينير التي يسمونها الناس الميلاد ويجتهدون لها في الاستعداد ويجعلونها كأحد الأعياد ويتهادون بينهم صنوف الأطعمة وأنواع التحف والطرف المثوبة لوجه الصلة ويترك الرجالُ والنساءُ أعمالهم صبيحتها تعظيماً لليوم ويعدونه رأس السنة” (الونشريسي، المعيار المعرب). “فإني رأيت الجمهور اللفيف والعالم الكثيف من أهل عصرنا قد تواطؤوا على إعظام شأن هذه البدع الثلاث: الميلاد وينير والمهرجان وهو العنصرة تواطؤا فاحشا والتزموا الاحتفال لها والاستعداد لدخولها التزاما قبيحا فهم يرتقبون مواقيتها ويفرحون بمجيئها واستسهلوا هذه البدع حين ألفوها وعظموها وصارت عندهم كالسنة المتبعة وسكت العلماء عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها وتأنى السلطان في تغييرها وكان الناس في هذه الأعياد يتبادلون الهدايا حتى إن الطلبة كانوا يهدون شيوخهم كما كانوا يذبحون الذبائح وكان الناس يجتمعون ليلة قبل ينير أو ليلة بعده مع أقاربهم وأصهارهم فيأكلون الإدام والفاكهة وكانوا كذلك يصنعون الصور في هذه الأعياد وكانت النساء في عيد العنصرة يرششن بيوتهن بالماء ويلقين في ثيابهن ورق الأكرنب ويغتسلن”. (العزفي، الدرّ المنظمّ) “ومن ذلك ما يفعلنه في مُوافقة النَّصارى فِي مولد عيسى – عليه الصلاة والسلام- مع أنه أخفُّ مما تقدَّم ذكره. لكن اتخاذ ذلك عادة بدعة، وهو أَنهن يعملن صبيحة ذلك اليوم عصيدة لا بد من فعلها لكثير منهن ويزعمن أَن من لم يفعلها أو يأكل منها في ذلك اليوم يشتد عليه البرد في سنته تلك ولا يحصل لَه فيها دفء ولو كان عليه من الثّياب ما عسى أن يكون ومع كون فعلها بدعة فالشاهد يكذب ما افترينه من قولهن الباطل والزور فكأنهن يشرعن من تلقاء أنفسهن نعوذ بالله من الضلال”. (ابن الحاج الفاسي، المدخل) سنة سعيدة!