ثمة ارتباط بين زيت الزيتون والثقافة عبر البحر الأبيض المتوسط، لكن موسم حصاد الزيتون كان ضعيفا هذا العام في أكبر دولتين منتجتين، وهما إسبانيا وإيطاليا، مما يعني أن المستهلكين سوف يتحملون تكاليف إضافية بسبب زيادة في الأسعار. وتشهد أسعار زيت الزيتون البكر زيادة حادة، وذلك عقب التراجع الحاد في الإنتاج بسبب موجات الطقس المعاكسة في إسبانيا، وانتشار ذبابة ثمار الزيتون في إيطاليا. ووفقا لتقديرات المجلس الدولي لزيت الزيتون، فإن الحصاد الذي بدأ قبل بضعة أسابيع في أسبانيا سوف يصل 800 ألف طن من زيت الزيتون، أي أقل من نصف حجم محصول الموسم السابق. وتنتج إسبانيا أكثر من ثلث زيت الزيتون البكر الممتاز في العالم، حيث يأتي نحو 73٪ من ذلك من منطقة أندلوسيا في الجنوب. ويتوقع أن تشهد تلك المنطقة تراجعا بنسبة 56٪ في إنتاج هذا العام. وقالت إلينا فيبوراس، وزيرة الزراعة في أندلوسيا، ان «ذلك سيتسبب في تراجع بنسبة 42٪ أقل من متوسط حجم إنتاج الأعوام الخمسة الماضية». وأثرت ندرة سقوط الأمطار إلى جانب الطقس الحار غير المعتاد في أيار/مايو والبرد في حزيران/يونيو سلبا على نمو الزيتون. لكن الطقس ليس المشكلة الوحيدة، حيث أن الحصاد الوفير في 2013 والذي اقترب من 1.8مليون طن قد تسبب في إنهاك الأشجار، مما يعني أنها تنتج كمية أقل كثيرا من الزيتون. وفي الوقت نفسه تضرر الإنتاج في إيطاليا بسبب ذبابة ثمار الزيتون التي يطلق عليها اسم «باكتروسيرا أولايا» في الأوساط العلمية، التي تخلف يرقات تلتهم ثمار الزيتون. ولا يوجد علاج لتلك الآفات، والخيار الوحيد هو حرق الأشجار المتضررة لكي لا تنتشر اليرقات بشكل أكبر. وعرض الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة مالية إلى إيطاليا للتعامل مع تلك الأزمة. ويتوقع اتحاد المزارعين الإيطاليين «كولديريتي» أن ينكمش الإنتاج بنسبة 35٪ مقارنة بالموسم الماضي، بإجمالي يصل إلى نحو 300 ألف طن. وإيطاليا هي ثاني أكبر منتج لزيت الزيتون البكر الممتاز بعد أسبانيا، ولكنها في الوقت نفسه أكبر مستورد عالمي له. وهناك اتهام للمنتجين المحليين بعدم الأمانة لاستخدام الزيتون المستورد الرخيص لبيعه كمنتج إيطالي. وذكر اتحاد «كولديريتي» أن الظاهرة ستتزايد بسبب ندرة المحصول هذا العام. وقال رئيس الاتحاد روبرتو مونكالفو «ثلثا الزجاجات التي تعبأ في إيطاليا تحتوي على زيت من الخارج»، داعيا إلى تشكيل مجموعة عمل لمنع الغش وغير ذلك من سبل الاحتيال. ويقول الاتحاد، الذي أشار إلى أن الزيتون أصبح مثل الألماس، ان السرقة من جانب العصابات المنظمة تشهد ارتفاعا، حتى أن بعض المزارعين تناوبوا على حراسة بساتين الزيتون الخاصة بهم، ويعتمد الكثيرون على رجال الشرطة في حماية شحناتهم من الزيتون. ويبقى الوضع أكثر إشراقا في دول منتجة أخرى. فبينما بلغ إنتاج الزيتون في اليونان العام الماضي 135 ألف طن، يتوقع أن يصل إنتاجها هذا العام من زيت الزيتون النقي نحو 280 ألف طن، بحسب ما ذكرته جمعية منتجي زيت الزيتون. لكن رغم تلك التوقعات الإيجابية، من غير المحتمل أن يستطيع المزارعون اليونانيون تعويض عجز الإنتاج الإسباني والإيطالي، ويبدو أن زيادة الأسعار ستكون حتمية.