بتعمليات ملكية.. المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى المملكة العربية السعودية    هام للتجار.. المديرية العامة للضرائب تدعو الملزمين إلى تقديم التصريح برسم سنة 2024 قبل هذا التاريخ    3504 أطنان من منتجات الصيد البحري المفرغة بالسواحل المتوسطية للمغرب.. ارتفاع ب 9% وقيمة تجارية تناهز 192 مليون درهم    المتصرفون التربويون يواصلون نضالهم ضد الحيف والإقصاء والتدليس في لوائح الترقيات    بورصة البيضاء تنهي التداول بأداء إيجابي    بعد تراجع أسعار النفط عالميا.. نقابي يكشف السعر العادل للوقود في المغرب    مطار ‬محمد ‬الخامس‮:‬ ‬استبدال ‬التفتيش ‬المزدوج ‬بالبوابات ‬الأوتوماتيكية ‬    تنسيق أمني يبحث مسار نفق قرب سبتة    "الجمعية" تطالب بعقوبات قاسية ضد مغتصبي 14 طفلة في بلدة "كيكو" بإقليم بولمان    الألكسو تكرم الشاعر محمد بنيس في اليوم العربي للشعر    المغاربة يتصدرون قائمة المسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني    القضاء الاستئنافي يثبت حكما بالحبس ثلاث سنوات بحق "ولد الشينوية"    ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي بعد الهجوم الأمريكي على الحوثيين    الذهب يقترب من أعلى مستوى مع ترقب اجتماع البنك المركزي الأمريكي    "طنجة تتألق في ليلة روحانية: ملحمة الأذكار والأسرار في مديح المختار"    "دخلنا التاريخ معًا".. يسار يشكر جمهوره بعد نجاح "لمهيب"    بوانو ينتقد إقدام وزارة الصحة على إلغاء صفقات مالية ضخمة عبر رسالة نصية    الاتحاد السعودي يستهدف عبد الصمد الزلزولي    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين في حادثة سير ضواحي طنجة    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    الترجمة في المغرب و''عُقْدة'' الفرنسية    رجة قوية بوزارة التربية الوطنية!    منخفض جوي جديد يرافقه أمطار ورياح قوية في عدة مناطق بالمغرب    إسرائيل تجعل دخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين "شبه مستحيل"    الطائرات الصينية تعيد تشكيل ملامح صناعة الطيران: منافسة قوية تنتظر إيرباص وبوينغ    ليبيا.. "الكتب المدرسية" تتسبب في سجن وزير التربية والتعليم    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. شباب المحمدية ينهزم أمام ضيفه حسنية أكادير (4-0)    الدبلوماسية الناعمة للفنون والحرف التقليدية المغربية.. بقلم // عبده حقي    قرعة متكافئة للهلال والنصر في ربع نهائي أبطال آسيا    ‬دينامية ‬الدبلوماسية ‬ترفع ‬أسهم ‬المغرب ‬في ‬البورصة ‬الأفريقية    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    المغرب يعزز مكانة جواز سفره بإضافة وجهات جديدة دون تأشيرة    إلغاء مباراة مونبلييه وسانت إيتيان في الدوري الفرنسي بسبب الأعمال النارية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    ترامب يطرح فكرة "التقسيم" مع بوتين    نتانياهو يعتزم إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي    رسالة محمد بن عيسى ومسؤلية "الأصالة والمعاصرة" أمام الله والتاريخ بشأن مستقبل مدينة أصيلة    البطلة برطال: أهدي الميدالية الذهبية للملك محمد السادس والشعب المغربي    تقرير بريطاني: ثلث الهواتف المسروقة في المملكة المتحدة تُهرب إلى الجزائر    محاولة للإساءة للمغاربة: كشف مجرم جزائري ادعى الجنسية المغربية بعد اعتقاله في فرنسا    حادثة سير خطيرة قرب طنجة تسفر عن وفاة وإصابات خطيرة    هاليفي يٌثني على "حماس".. ونتنياهو يٌقيل رئيس جهاز أمن "الشاباك"    واقع الأطفال في ألمانيا.. جيل الأزمات يعيش ضغوطات فوق التكيفات    فوز الحسنية و"الجديدي" في البطولة    وفد برلماني نسائي يروج للمناصفة    نشرة جوية إنذارية بالمغرب    مدرب الوداد موكوينا يتحدث عن إمكانية الرحيل بعد التعادل مع اتحاد طنجة    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم : أحمد منصور - «توبة» فاروق حسني
نشر في عالم برس يوم 03 - 06 - 2009

كل فروض الطاعة والولاء والتوبة والندم التي قدمها فارق حسني إلى إسرائيل يمكن أن تذهب هباء
منذ واحد وعشرين عاما وفاروق حسني يجثم علي قلب وزارة الثقافة في مصر، ومنذ أن تولى منصبه والإشاعات تلاحقه من هنا وهناك، لكنه في زمن الجمود وتوسيد الأمر إلى غير أهله الذي تعيشه مصر بقي في منصبه لا تهزه الريح أو الإشاعات أو الأخطاء أو التصريحات التي تنال من التقاليد أو الدين حتى بعد تطاوله على الفريضة الربانية الحجاب حينما وصفه بكونه عودة إلى الوراء وأخذ لمكانة المفتي حينما أفتى بأن الإسلام لم يفرض على المرأة ارتداء الحجاب، لكن الجدل الدائر حول الحجاب حسب فتوى فاروق حسني «يعود إلى أسباب سياسية».
وبعدما قامت الدنيا ضد فتوى حسني رفض في 19 نوفمبر من عام 2006 الاعتذار عن الانتقادات التي وجهها إلى الحجاب. وأعرب في تصريحاته عن استعداده لطرح استقالته على مجلس الشعب ردا على مطالب بعض النواب له إما بتقديم الاعتذار أو الاستقالة، لكن حسني، الذي رفض الاعتذار عن تطاوله على فرض رباني من فروض الدين، قدم كل فروض الطاعة والولاء والتوبة للصهاينة حتى يسحبوا اعتراضهم على ترشيحه لرئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» بعد تصريحات أدلى بها في مجلس الشعب ردا على سؤال من أحد الأعضاء حول وجود كتب إسرائيلية في مصر، فقال إنه سيقوم بحرقها إن وجدت، وكانت مصر قد رشحته لرئاسة اليونسكو مقابل الجهود العظيمة التي قام بها في خدمة الشعب المصري طوال الواحد والعشرين عاما التي قضاها على رأس وزارة الثقافة في مصر، فالرجل يحمل كافة المؤهلات التي تجعله يبقي على رأس هذا المنصب الحساس طوال هذه المدة متحديا كافة العواصف والأنواء التي عصف ما هو أقل منها، بكثير، بحكومات كاملة في الدول الغربية التي تحترم آدمية شعوبها ومؤهلات وزرائها ومن يمثلونها في المحافل الدولية، لكن المؤهلات في بلادنا لها مواصفات أخرى من المؤكد أن فاروق حسني رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين يملكها بجدارة لم توقفه عند حدود المنصب الذي جمد عنده واحدا وعشرين عاما بل دفعت ولاة الأمر في مصر إلى أن يقدموه إلى منصب دولي بل ويدافعوا عنه ويطالبوا الدنيا كلها بدعم ترشيحه وتحويل الأمر إلى قضية وطنية تمس مصر ومكانتها الدولية، حيث تناقلت الروايات أن الرئيس المصري حسني مبارك قد أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثناء لقائه الذي جرى مؤخرا في شرم الشيخ، بأن تسحب إسرائيل اعتراضها على ترشيح حسني لرئاسة اليونسكو، لكن إسرائيل لا تقدم شيئا دون ثمن ودون إذلال لمن تقدمه إليه. ومع تسريب معلومات من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نشرتها صحف إسرائيلية من أن إسرائيل قد قبضت الثمن وفق صفقة سرية لا ندري كنهها حتى الآن، فقد اشترطت إسرائيل بشكل علني أن يقدم حسني كافة أشكال الندم والتوبة والولاء إلى إسرائيل حتى تقوم بسحب اعتراضها عليه، وبالفعل قام حسني بتقديم فروض التوبة والطاعة لإسرائيل بأشكال مختلفة، منها دعوته لأحد المؤلفين الموسيقيين الإسرائيليين إلى تقديم عروضه للمرة الأولي فى دار الأوبرا، ومنها تصريحاته يوم الثلاثاء 28 مايو الماضي التي قال فيها إنه: «يحلم بتطبيع ثقافي مع إسرائيل بمجرد أن توقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين». واعتبر حسني أن عدم ترجمة الكتب الإسرائيلية هو خطأ كبير، ووصف التطبيع مع إسرائيل بأنه «حلم، لكن علينا انتظار اللحظة المناسبة التي ستأتي عندما توقع إسرائيل السلام مع الفلسطينيين، وإذا حدث ذلك سأكون بعد غد في الصف الأول من أجل التطبيع». ولم يكتف حسني بذلك، بل إنه قال إن التطبيع فرصة لا ينبغي إضاعتها.
ولم يقف حسني عند هذا، بل نشر مقالا في 29 مايو في صحيفة «لوموند» الفرنسية، أبدى فيه ندمه على ما كان قد ذكره من قبل ردا على سؤال في مجلس الشعب المصري من أحد الأعضاء عن وجود كتب إسرائيلية في مكتبة الإسكندرية، فقال حسني جملته التي يحاكم بسببها من قبل الصهاينة: «أحضر هذه الكتب وفي حال وجودها سأحرقها أمام عينيك»، بعدها فرض الإسرائيليون عليه شروط ومراحل التوبة بعدما أعلنوا أن تصريحاته «معادية لإسرائيل». وبقي حسني طوال الأشهر الماضية يكفر عن خطيئته ويقدم فروض الطاعة والتوبة بدءا من اعتذاره وإعلانه عن استعداده لزيارة إسرائيل وتوضيح الأمر لهم، ثم إصدار الأوامر بترجمة الكتب الإسرائيلية ونشرها في مصر، وإعلانه أنه طلب رسميا القيام بذلك ولن يهتم إذا «احتج البعض» على هذا الأمر، إلى قيام الرئيس المصري بالطلب من نتنياهو أن تصفح إسرائيل عن الوزير صاحب المؤهلات العظيمة مع عقد صفقة سرية حسب الصحف الإسرائيلية لا ندري ما هي تفصيلاتها، إلى كتابته المقال الاعتذاري فى صحيفة «لوموند»، إلى تأكيده أنه في حالة اختياره رئيسا لليونسكو فإنه سيبذل كل ما في وسعه «للمحافظة على التراث اليهودي في مصر وترميم المعابد اليهودية».
بعد كل ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فى بيان صدر يوم الأربعاء 27 مايو، عن قبولها اعتذار فاروق حسني دون تعهد بدعم ترشيحه، لكن رغم حصول حسني على القبول الإسرائيلي للتوبة وليس الرضى عنه، فإن هذا لا يعني أن طريقه إلى رئاسة اليونسكو مفتوح، فهناك جبهة كبيرة في ألمانيا تقف ضد ترشيحه، على رأسها مجلس الثقافة الألماني والمجلس المركزي لليهود في ألمانيا، كما أن المتحدثة باسم اليونسكو سو وليامز أعلنت في باريس أن المنافسة على خلافة المدير العام الحالي لليونسكو كويشيرو ماتسورا تشمل، بالإضافة إلى الوزير المصري، ستة مرشحين آخرين من بينهم وزير الخارجية الروسي ألكسندر جاكوفينكو وباقي المرشحين من ليتوانيا وبلغاريا وتنازانيا والجزائر وبنين، علاوة على هؤلاء ففي اليوم الذي نشر فيه حسني توبته الكبرى في «لوموند»، أعلن عن ظهور أقوى مرشح للمنصب هو المفوضة الأوربية للعلاقات الخارجية النمساوية بنيتا فيريرو فالدنر، وهذا يعني أن فرصة الوزير صاحب المؤهلات الكبرى ليست كبيرة وأن كل فروض الطاعة والولاء والتوبة والندم التي قدمها إلى إسرائيل يمكن أن تذهب هباء، حيث إن الفرصة الأخيرة لطلبات الترشيح تنتهي في متم مايو 2009 على أن يجتمع المجلس التنفيذي لليونسكو لتحديد قائمة المرشحين لطرحها في أكتوبر القادم لاختيار المدير العام الجديد عبر المؤتمر العام للمنظمة.
توبة حسني التي قدمها إلى الإسرائيليين والتنازلات التي قدمتها مصر إن صحت ووعوده الكثيرة برعاية إسرائيل وثقافتها وتراثها ليست سوى الخطوة الأولى في طريق الذل الذي سينتهي، كما يقول كثير من المراقبين، باختيار رئيس آخر من المرشحين الأقوياء الآخرين ليكمل حسني مهمته العظيمة في الارتقاء بالثقافة في مصر ملازما لزمن الجمود والتردي الذي يعيشه الشعب المصري بل تعيشه الأمة كلها... إلى أن يشاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.