أصوليون ويساريون يرهنون دخولهم السياسة ب "توفير الديمقراطية" المقاطعون لإنتخابات المجالس البلدية في المغرب عالم برس عن ايلاف - أيمن بن التهامي من الدارالبيضاء: في الوقت الذي ينشغل فيه أزيد من 30 حزبا سياسيا برسم خرائط طرق موصلة إلى المجالس البلدية بالمغرب، اختارت فعاليات إسلامية ويسارية مقاطعة الانتخابات وشحذ همم الناخبين من أجل تحقيق ذلك، بعد أن تأكدت أن شروط " اللعبة الانتخابية " لم تتغير، وتدار بنفس الأدوات السابقة. ويتعلق الأمر هنا بكل من حزب النهج الديمقراطي الذي ظل، منذ ظهوره في أواسط التسعينيات، متشبث بموقف الرفض والدعوة إلى المقاطعة، وجماعة العدل والإحسان الأصولية ( المحظورة )، التي ما زالت بدورها على موقفها الرافض للمشاركة في أي استحقاق، وعدم دعم أي تيار في هذا الصدد. وبالنسبة للنهج الديمقراطية، الذي تأسس الديمقراطي في 1995 من طرف مجموعة من المناضلين من المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية "إلى الأمام"، ومناضلين جماهيريين متعاطفين مع تجربة الحركة الماركسية – اللينينية المغربية، فيبني موقف الدعوة إلى المقاطعة على مجموعة من الأسباب، أحدها أن "جميع المجالس الجماعية تعيش على إيقاع الطعن في ميزانياتها السنوية نتيجة سوء تدبير المالية المحلية، وهذا دليل قاطع على الممارسات المشبوهة والاختلاسات التي تتعرض لها هذه الميزانيات، خاصة فيما يتعلق منها بالجبايات المحلية التي يسهر رؤساء المجالس على استخلاصها، إضافة إلى أن المصاريف المسجلة في هذه الميزانيات تكون في الغالب صورية لا تعكس مصاريف أنجزت بالفعل، ويشهد على ذلك العجز الكبير الذي تعرفه هذه الجماعات في المرافق العمومية المحلية من طرق وتطهير ومدارس ومستشفيات ومناطق خضراء ودور الشباب ومكتبات جماعية، رغم أن موارد الميزانية الجماعية تطورت بوتيرة سنوية تصل إلى 15 في المائة، وهي نسبة أعلى مرتين من وتيرة نمو مداخل الميزانية العامة". وفي هذا الإطار، يقول عبد المومن الشباري، المسؤول الإعلامي بالحزب، "موقفنا من الانتخابات ليس دائم وأبدي، وهو مرتبط بالظرفية الحالية التي يعيشها المغرب، وكيفية ممارسة اللعبة السياسية"، مشيرا إلى أنه "إذا توفرت الشروط ونظام مؤسساتي سليم، فلن يكون لدينا مشكل في الدخول إلى المنافسة". وذكر الشباري، في تصريح ل "إيلاف"، أن "الانتخابات في المملكة لا تتوفر فيها الديمقراطية"، مضيفا أنه "في استحقاقات 7 أيلول (شتنبر) 2007، وضعت الأحزاب برنامجها الذي عرضته في حملاتها جانبا، وعملت ببرنامج آخر". أما على مستوى انتخابات المجالس البلدية، يشرح الشباري، "فهناك سلطة مطلقة لوزارة الداخلية التي لا تتيح للأحزاب أن تطبق برنامجها، وفق الوعود التي قطعتها للناخبين، وهو ما يجعل الناخبين والأحزاب رهائن لدى الوزارة المذكورة، وبالتالي تصبح مؤسسات صورية فقط". وأضاف المسؤول الإعلامي بالحزب "نحن لا نشكك في الناخبين بشكل عام، رغم أن فئة منهم غير نزيهة، لكن ليست هناك إمكانية للأحزاب لتطبيق ما التزمت به أمام الناخبين"، مبرزا أن "انتخابات 7 أيلول أظهرت أن هذه اللعبة فقدت مصداقيتها". وأكد أن الحزب ليس لديه شروط للدخول إلى الانتخابات، بل تصور يتمثل في توفر الحد الأدنى من الديمقراطية". ويتبنى النهج الديمقراطي، على المستوى الفكري، الماركسية كمنهج للتحليل، ويعتبر أن بناء الاشتراكية ثم الشيوعية لن يجري بواسطة تطبيق نموذج مسبق، بل بواسطة الحركة الفعلية التي تقضي على النظام الرأسمالي. ويشكل النهج الديمقراطي، الذي يقوده عبد الله الحريف، استمرارا، على المستوى السياسي والفكري، لتجربة الحركة، وخاصة منظمة "إلى الأمام". "العدل والإحسان" الأصولية (المحظورة)، التي تعد أكبر تنظيم إسلامي بالمغرب، تصر هي أيضا على رفض المشاركة في اللعبة الانتخابية. ويؤكد الناطق الرسمي باسمها، فتح الله أرسلان، أن "موقف الجماعة ما زال كما هو لم يتغير لأن الأوضاع لم تتغير، إذ أن الانتخابات ما زالت تجري كما كان عليه الوضع في السابق"، أي بطريقة متحكم فيها وتنبثق عنها مجالس ليس لها أي سلطة". وأضاف أرسلان، في تصريح ل "إيلاف"، أن انتخابات المجالس البلدية المقبلة ستكون كسابقاتها، ما يعني أننا سنستمر على النهج نفسه". وقال الناطق الرسمي باسم الجماعة "نحن لسنا ضد الانتخابات أو المنافسة، بل هذا ما نسعى إليه، لكن نرى أن ما يقع في هذه الاستحقاقات لا يعكس الانتخابات الحقيقية في الدول الديمقراطية. فعندما تتوفر الشروط الدنيا لخوض غمار مثل هذه المنافسات يمكننا الدخول، لكن عكس ذلك سنبقى على موقفنا". وزاد مفسرا "نحن ضد الظروف التي تجري فيها الانتخابات، وعندما تتغير سنتراجع عن مقاطعاتنا لها". يذكر أن العدل والإحسان تأسست عام 1974 مع بدء الشيخ عبد السلام ياسين في نشر أفكاره، في حين يعتبر المراقبون أن عام 1981 هو تاريخ بداية هيكلة العدل والإحسان مع صدور كتاب "المنهاج النبوي" الذي نظر فيه ياسين لأسس قيام جماعته. وتستمد جماعة العدل والإحسان الكثير من دعمها من الطبقة الوسطى الكبيرة والفقيرة نسبيا. وضربت محاولة لحركة العدل والإحسان، العام الماضي، لاجتذاب أعضاء جدد في المهد، إذ فرقت الحكومة الاجتماعات واعتقلت مئات الأعضاء الذين أفرج عنهم في وقت لاحق. يشار إلى أن الحكومة المغربية كانت قد منعت جماعة العدل والإحسان في عام 1990 من تسجيل نفسها كحزب سياسي، وأرغمتها على الحد من نشاطاتها والتحول إلى العمل الخيري والاجتماعي.