إذا أَعْتَمتْ دروب الفيافي، وكاد السالكون أن يَضلّوا الطريق برز لهم بين الظلام ضوء قريب يظنونه دليلاً مرشداً أو مأوى آمناً، وكلما اقتربوا منه ابتعد عنهم، فزاد في ضلالهم، وأبعدهم عن جادة الطريق، ولذلك يسمونه شيطان الليل، وكنت أظنه خرافة حادثة، لكن المراكشي في كتابه "التكملة" يحكي عن الأديب الإفريقي من مملكة كانم جنوبي الصحراء الكبرى أبي إسحاق إبراهيم الكانمي، أنه يظهر ببلاد الكانم في الليل أمام الماشي بالقرب منه قُلَلُ نارٍ تُضيء، فإذا مشى بَعُدت منه فلا يصل إليها، ولو جرى، بل لا تزال أمامه، وربما رماها بحجر فأصابها، فيتشظّى منها شرارات… واليوم يكثر أمام أولئك المظفّرين بريق الشياطين الخاطف، يستدرجونهم إلى متاهات الطريق، يريدون صرفهم عن جادة الصواب، فأضيئوا على الدوام بأقوى الكواشف وأمتن الحبال، ولا تحملوا أنفسكم على نار الشيطان.