يوماً بعد يوم تثبت إسرائيل أنها دولة إرهابية عنصرية تحكمها عصابة نازية إجرامية مدعومة من طرف الأمبريالية العالمية والماسونية المجرمة، هؤلاء الصهاينة الغاصبون أرض فلسطين، السارقون لحقوق أهلها، المجرمون القتلة، غجر ومشردي أوروبا الذين لفظتهم لتتخلص من نجاستهم وعهرهم، أكره مخلوقات الله تعالى، حان وقت رحيلكم من فلسطين طالما أنتم على قيد الحياة، فقد خدعكم من أغراكم بالقدوم إلى مصارعكم، أنتم تقيمون بين ظهراني أشرس شعب يحب الموت في سبيل الله أكثر مما تعشقون أنتم الحياة، طال الزمان أو قصر ستُسحقون كالصراصير وربما تُحَوّلون إلى طعام للكلاب إن لم تأنف الكلاب من رائحتكم، ولن تجدوا من يحميكم، فهذا جيشكم القدوة قد بال في سرواله من صوت القصف، لا تخالوا أنكم ذهبتم هناك لأن الله جل وعلا يحبكم، بل غضبُ الله تعالى وضعكم هناك لتذوقوا الويلات، فخير لكم أن ترحلوا طالما أنتم على قيد الحياة… لقد مثلت المواجهة التي بدأها الكيان الصهيوني بمحاولات مدعومة حكومياً لتدنيس الأقصى و تهويد القدس، خصوصاً حي الشيخ جراح، والعمل على طرد سكانه الأصليين من الفلسطينيين الذين يقطنونه منذ قرون، استطاعت هذه المواجهة أن تجذب بسرعة مئات الملايين من الشعوب حولها، لأنها تمس ركناً أساسياً من أركان عقيدتها وهو المسجد الأقصى، لذلك حدث هذا الإلتفاف والإجماع غير المسبوق فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، ولقد مثل هذا الإجماع قوة مضافة مهمة، مما وضع النتن ياهو وبعض زعماء العالم كبايدن وآخرين في مأزق والذين يحاولون الآن الخروج منه بطريقة ما، تحفظ ماء وجوههم… من الصعب على النتن ياهو القبول بالوضع الحالي بعد عجزه وفشله في تحقيق ولو صورة نصر باهتة، الأمر الذي يعني ذهابه فوراً إلى السجن بعد انتهاء العدوان، إضافة إلى فقدان كرسي رئاسة الوزراء، مع توجيه كل تهم الإهمال والتقصير له في إدارة المعركة من لجنة التقييم المزمع تشكيلها بعد أن تضع الحرب أوزارها، كما يضاف إلى ذلك فشله الذريع في تقدير المواقف والأوضاع قبل بدء العدوان، خصوصاً في مناطق مفصلية وحساسة للأمن القومي الصهيوني مثل القدسوغزة وأراضي 48، وبعض الدول العربية المحيطة، الآن هو يحتاج ويبحث عن سلم للنزول عن الشجرة، أو آلية خروج مشرفة من الورطة التي أوقع نفسه فيها، ويحتاج بالتأكيد إلى مساعدة آخرين له في ذلك على المستويين الإقليمي والدولي كالعادة، وكما في اعتداءات الحروب السابقة… التسليم بالوضع الراهن بالنسبة إلى النتن ياهو ودون تحقيق صورة انتصار مقبولة ومعقولة لدى شعبه، يعني ببساطة الإقرار بالهزيمة من جانب، إضافة إلى الإقرار والتسليم الضمني بانتصار الخصم من جانب آخر، في معركة غير متكافئة من حيث ميزان القوة، لكن الصراع فيها يهدف للوصول إلى معادلة الردع الذي من الممكن تحقيقه حتى في ظل غياب التكافؤ في ميزان قوة الطرفين، وهو الأمر الذي يخشاه، ويعني الإعتراف بالهزيمة، تعقيدات هذا السيناريو تحمل مخاطر مختلفة وشديدة عليه وعلى كيانه، وهو بالتأكيد لا يرغب في دخول هذه الدهاليز، ومن أهمها أن القدس قد أصبحت تحت السيادة الوطنية الفلسطينية معنوياً ونفسياً و ضمنياً وأخلاقياً، وأن المستوطنيين خصوصاً المتدينين منهم، لن يعود بإمكانهم اقتحام الأقصى وتدنيسه تحت سمع وبصر الحكومة، وبموافقتها ودعمها، كما هو الحال لسنوات عديدة خلت، هذا الأمر يعني ببساطة إضعاف للوبي الإستيطان والمستوطنين، وهو اللوبي المتنفذ في السياسة الداخلية خصوصاً من ناحيتي الوزن الإنتخابي، ومعضلة تشكيل الحكومة خلال السنتين المنصرمتين، والذي ينعكس سلباً بالطبع على النتن ياهو مما يزيد في إضعافه وتهديد مستقبله السياسي أو حتى انتهاء هذا المستقبل، وهو الحريص دائماً وشخصياً طبعاً على تتويج نفسه ملكاً للكيان بعد أو في نفس مستوى مؤسس الكيان بنغوريون، وذلك قبل الوصول إلى المحطة الأخيرة في ختام حياته السياسية… تدمير الأبراج والمساكن المدنية وغيرها من المؤسسات الإقتصادية، لا تصلح أن تمثل له سيناريو الخروج الآمن، بعد أن نجح نشطاء الإعلام البديل الإجتماعي في نقلها بطريقة تثير اشمئزاز المتابعين والمهتمين في معظم دول العالم، إضافة إلى الإحتجاجات التي عمت مئات المدن والعواصم العالمية، مع انهيار الرواية الصهيونية وعدم قدرتها على الصمود مقابل الرواية الفلسطينية لاحتواء الأخيرة على مشاهد غير إنسانية يرفضها الضمير الإنساني والفكرة البشرية، يضاف إلى ذلك تصنيف هذه المشاهد تحت بند جرائم حرب خصوصاً في محكمة الجنايات الدولية، وهي البعبع الذي يخشاه الكيان وحليفه الأميركي، في ظل تشديدهم، وتهديدهم للسلطة الفلسطينية بعدم اللجوء لهذه المحكمة مقابل امتيازات سياسية ومالية… يبدو أن مشهد إنهاء العدوان وهو الصيد الثمين المنتظر في تصوراتهم، قد أصبح في حكم العدم، وذلك لاعترافهم بفشل المحاولات المتعددة خلال الأسبوع المنصرم من العدوان، نتيجة إجراءات احتياطية ووقائية معقدة جداً كما يبدو، قد اتخذها المعنيون بالخصوص كنوع من الدروس المستفادة من تجارب سابقة، لذلك فإن الخروج الآمن من الورطة التي وقع بها النتن ياهو عن طريق هذا المشهد الذي لم يعد كما يظهر قابلاً للحدوث أو التحقق… ربما لجأ النتن ياهو إلى بايدن خلال اتصالاتهم الأخيرة، والتي تبجح النتن ياهو بتأييد بايدن له في تصريحاته الإعلامية، وكما يبدو فقد طلب النتن من بايدن المساعدة في إخراجه من ورطته بإعطائه فرصة أسبوع إلى عشرة أيام لمحاولة صناعة صورة النصر المزيف أو إتمام إخراج المشهد كما حدث في عدوان سنة 2008 بمبادرة وقف إطلاق النار من طرف واحد، من خلال بيان مشترك بين وزيري خارجيتهما، ويبقى الخيار قبل الأخير لديه، وهو دخول الوسطاء العرب، بحيث تتم فيه صياغة المشهد بما يضمن للطرفين، الخروج بمكاسب معينة لكل منهما، وهذا دأب السياسة والمفاوضات والوساطات الدبلوماسية، هذه المكاسب يستطيع اللوبي الصهيوني ترويجها على أنها انتصار، رغم أن المقاومة ليست في حاجة إلى سيناريو على هذه الشاكلة، إلا أنها ربما توافق على ذلك باعتبارها حصدت العديد من صور النصر الواضحة والجلية والتي لا يختلف عليها إثنان، بينما لم يستطع النتن ياهو أن يحصل على إحداها رغم محاولاته اليائسة والمستميتة من أجل ذلك، وهناك خيار أخير يتمثل في استمرار الإشتباكات لمدة أطول، لكن بوتيرة أقل، ضرب ورشق، أي سياسة التنقيط ولفترة زمنية أطول، حتى تتوفر ظروف تخدم النتن ياهو بالنزول عن الشجرة، هذا ربما لن يكون مقبولاً إقليمياً ودولياً، خوفاً من انعكاساته على الأوضاع خصوصاً في المدن المختلطة في أراضي 48، إضافة إلى تسخين الوضع في الضفة الغربية نحو انتفاضة شعبية، سوف يبذل كل من الإحتلال وكذلك سلطة (التنسيق) جهوداً كبرى في سبيل منعها أو وأدها خوفاً من انتفاضات ومظاهرات في بعض المدن والدول العربية والإسلامية تضامناً مع القدس، الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة والإقليم… ما زال النتن ياهو يريد الحصول على مشهد النصر بأي ثمن ممكن وخلال أقصر وقت، حتى ولو بعد اعتراف نخبة وازنة من سياسييه وأمنييه وقادة عسكرييين سابقين، وصحفيين وكتاب ومستشارين ومثقفين وموظفين كبار، أن كيانهم لم يتلق ضربة قاسية كهذه منذ نشأته قبل حوالي 73 سنة، الأمر الذي جعل ثلثي السكان يغادرون بيوتهم، و يدخلون الملاجىء والمآوي، مما كان له أثر كبير في تعطيل الحياة العادية اقتصادياً واجتماعياً وسياحياً، وهذا معيار من معايير عدم قدرة الدولة على إدارة الشأن العام خلال هذه الفترة، وهذه من المرات النادرة والتي تعد سابقة حيث يتجرأ فيها أشخاص أصحاب مواقع بارزة كما ذكرت على انتقاد الموقف الذي لا يحسد عليه الكيان الصهيوني، وهم كالآتي: المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي:"الصواريخ التي استهدفتنا في هذه الحرب هي الأكثر عدداً في تاريخ إسرائيل" ضابط الشاباك السابق، جونين بن يتسحاق:"مهما فعلنا، لن نحقق النصر هذه المرة…لقد هزمنا" آفي يسسخاروف، الصحفي الإسرائيلي:"فيما تسعى إسرائيل لتحقيق انتصارات تكتيكية بهدم الأبراج، تحقق المقاومة انتصاراً استراتيجياً، وأسبقية بين الفلسطينيين والعرب، وبجانب وابل الصواريخ المتواصل في العمق الإسرائيلي، فقد حققت إنجازاً غير مسبوق، مما يبعد إمكانية تحقيق نصر إسرائيلي حاسم ضدها". غيلي كوهين المراسلة العسكرية الإسرائيلية:"من الواضح أن الرأي العام الإسرائيلي ينظر لساعته، ويترقب تنفيذ حماس لوعدها بإطلاق الصواريخ نحو تل الربيع، ولذلك بات يثق ببيانات الحركة أكثر مما يصدر عن الجيش والحكومة لدينا". روعي شارون المراسل العسكري الإسرائيلي، متهكماً:"من الواضح أننا بحاجة لخبير جيولوجي كي يشرح كيف أن تربة الأراضي التي تغطي مساحة قطاع غزة ال 365 كم2 لم تنهار بعد". صحيح أن الإحتلال يكذب، لكنه غبي أيضاً، فعقب مزاعمه عن تدمير 100كم من أنفاق المقاومة تحت الأرض في غزة. تمار زنجر عضو الكنيست من حزب ميرتس:"منذ 15 سنة نسمع بالكلام نفسه يتردد مع كل مواجهة مع حماس، من ردع حماس، وتدمير قدراتها العسكرية، بدون فائدة إلى أين تأخذوننا؟" الكاتب الصهيوني الشهير (آري شبيت) يقول: "يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الإعتراف بحقوقهم وإنهاء الإحتلال" قال المحلل السياسي الإسرائيلي أمنون أبراموفتش: "إن أخطر ملف تواجهه إسرائيل ليس ملفّ فساد نتنياهو ، بل ملفّ خراب إسرائيل الثالث"