في تقريرٍ نشرته اليوم في الرباط، دعت اللجنة الدولية للحقوقيين إلى إزالة المعيقات القانونية والقضاء على المواقف القضائية التمييزية التي تحول دون قدرة النساء والفتيات على الولوج إلى العدالة في قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في المغرب. ويبحث التقرير الذي أعدّته اللجنة الدولية للحقوقيين تحت عنوان “معيقات ولوج النساء والفتيات إلى العدالة في قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي في المغرب” (وهو متوفّر باللغتين الإنجليزية والعربية) في معيقات الولوج إلى العدالة التي تواجهها النساء في المغرب، ويتضمّن توصياتٍ إلى الحكومة المغربية والسلطتين التشريعية والقضائية في المغرب ترمي إلى تحسين سبل الولوج إلى العدالة وإتاحة وسائل انتصاف فعالة للنساء والفتيات ضحايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي. وفي هذا السياق، علّق سعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين بقوله: “على السلطات المغربية تعديل القانون رقم 103.13 والقانون الجنائي أيضاً لضمان توافقهما مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية ذات الصلة. وينبغي على النيابة العامة المغربية والسلطات القضائية العاملة في البلاد، بما فيها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن تضمن إعداد مبادئ توجيهية مفصّلة للتحقيق في جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي والتقيّد بها، كما ويجب إطلاق برامج جديدة لنشر الوعي ومكافحة الصور النمطية السائدة ضمن القضاء وثقافة إلقاء اللوم على الضحايا.” وعلى الرغم من إقرار القانون رقم 103.13 المتعلّق بمحاربة العنف ضد النساء، لم تعالج قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي بالشكل الملائم في المغرب بل بقيت هذه الظاهرة منتشرةً في أرجاء البلاد، بكلّ ما لها من تبعات تمس حقوق الضحايا والمجتمع ككلّ. فالقانون رقم 103.13 لا يتضمّن تعريفاً للاغتصاب يتوافق مع مقتضيات القانون الدولي والمعايير الدولية ذات الصلة، إذ لا يزال ينظر إلى الجريمة من منظور الآداب واللياقة العامة عوض اعتبارها انتهاكاً لسلامة الجسد واستقلاليته. كذلك الأمر، لا يجرّم القانون الزواج المبكر وزواج الأطفال، الأمر الذي من شأنه أن يكرس استمرار هذه الممارسة الضارّة. بالإضافة إلى القوانين والإجراءات التمييزية، تجد النساء والفتيات الساعيات إلى العدالة والانتصاف كناجيات من العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي أنفسهنّ في مواجهة قضاء غالباً ما تنبني قراراته على افتراضات وتصورات نمطية سلبية القائمة على النوع الاجتماعي، بما في ذلك من عاداتٍ وتقاليد متجذرة في الثقافة الذكورية. من هذا المنطلق، يقدّم التقرير تحليلاً لمدى تساهل العقوبات وليونتها، كما في حالات اغتصاب الزوجة على سبيل المثال، والمخاطر التي تواجهها النساء والفتيات كأن يتهمن بممارسة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج الأمر الذي يمنعهنّ من الولوج إلى العدالة والتماس الجبر في قضايا العنف الجسدي والجنسي الذي يتعرّضن له سواء على يد أزواجهنّ أو أفراد آخرين. وللبدء في عملية إزالة العقبات التي تواجهها النساء والفتيات في هذه الجوانب وغيرها المرتبطة بالعنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، يدعو التقرير السلطات المغربية إلى اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل: اعتماد التشاريع التي تقرّ بالعلاقات المتساوية بين الرجل والمرأة في الشؤون المتعلقة بالعلاقات بحيث تقوم على الموافقة الحرة والكاملة والمستنيرة لكل الطرفين؛ اعتماد تعريف واضح لأفعال الاغتصاب وتجريمها بالكامل من خلال تعريف مراعٍ للنوع الاجتماعي، بما في ذلك عن طريق تجريم الاغتصاب الزوجي كجريمة منفصلة؛ ضمان التقيّد الصارم بالمادة 19 من مدونة الأسرة بشأن السن الأدنى للزواج وإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات خارج إطار الزواج؛ إقرار السياسات وغيرها من التدابير التشريعية والإجرائية الرامية إلى تعزيز فعالية الخدمات القضائية وسائر الخدمات العامة المتعلّقة بولوج النساء إلى العدالة بما في ذلك تعزيز التكفّل بالزوجات والأطفال، وتقديم المساعدة القانونية المجانية لضحايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وإصدار أوامر الحماية، واعتماد أيّ إجراءات عاجلة أخرى ؛ إعداد وتنفيذ مبادئ توجيهية للتحقيق في جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي وملاحقتها؛ وضع بروتوكول وطني لفحوص الطب الشرعي المتعلّقة بالعنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي وضمان توفّر خدمات فحوص الطب الشرعي وإتاحتها بأسعار مقبولة؛ توفير برامج تدريب وتوعية فعالة للتصدّي للتصورات النمطية القضائية، وإلقاء اللوم على الضحايا وغير ذلك من الممارسات الضارّة.