قام أخنوش بتخيير الريفيين بين الاستثمار، بمواصلة المشاريع التي عارضتها الساكنة وتعمل لصالح الريع والشركات الكبرى، وبين الاستقرار، وهذه القيادة التي لا ترى المغرب إلا بين خياري: النيوليبرالية أو الفوضى، تعد عائقا في أي مصالحة مرتقبة. وسطر المحتجون في الحسيمة، 21 بندا مطلبيا يدعمها الدستور، لدفاعه عن التنمية البشرية المستدامة، وبآلية دستورية أتت بها وثيقة 2011- التظاهر السلمي-، فيما يركز النيوليبراليون على نفس الدستور، واعتبار التوازنات الماكرواقتصادية، ثابتا من ثوابت السياسة الاقتصادية للمملكة. ومنعت الحكومة تظاهرة 20 يوليوز 2017 في الحسيمة، رغم اعتقالها الصف الأول والثاني في قيادة الحراك، ومباشرتها تحقيقات قضائية تصل حد اتهام ناشطين ب "المس بأمن الدولة الداخلي"، مما جعل الدولة تدخل في حالة انقسام واضح تحت سقف الدستور الحالي، قد يرشح الوضع إلى أزمة عميقة وبنيوية أساسها دفع المغرب إلى الفوضى، كما سخرت الحكومة، كل الإمكانيات الأمنية المتاحة لضرب التوجه الاجتماعي للسياسة الاقتصادية للبلد، وبطريقة لا تخلو من تطرف سياسي وحزبي يتزعمه الليبراليون المحليون أو "المخزنيون" الذين حولوا التظاهر السلمي إلى مساس بالأمن الداخلي للدولة، ووجهوا الأجهزة التي منعت أي عملية إرهابية كبيرة منذ 2011 ،كما قالت "نيوز ويك" الأمريكية، إلى مواجهة المحتجين على السياسات الاقتصادية التي رفعت الدعم عن المواد الاستهلاكية، وجمدت الأجور، وحافظت على نفس دوائر النفوذ الموصوفة ب "الفساد"، وعطلت المشاريع الاجتماعية التي قادها الملك نحو الساكنة، والتي كانت لسنوات متنفسا يقابل نيوليبرالية النظام وتطرف بعض دوائره. * "ادفع لتلعب" (باي فور بلاي) هي الخلاصة التي أطلقها دونالد ترامب على سياسة المغرب داخليا وخارجيا، ووضعت الدولة في مواجهة شعبها انهزم الحزب الأول في الانتخابات التشريعية (حزب العدالة والتنمية) أمام أخنوش، وقاد الأخير الأغلبية بقيادة صورية من إسلامي جاء تعويضا لرئيس الحكومة السابق (عبد الإله بن كيران). وثبت أن سياسة النيوليبراليين المعتمدة على "ادفع لتلعب" (باي فور بلاي)، ترسخ قناعة مركزية: من لديه الحالية وبين آخرين تحركوا في الشوارع تحت سقف الدستور من أجل "تنمية بشرية مستدامة" تهتم بحاجيات المال يدير مشاريع الدولة لصالح لوبي الشركات الكبرى، وانقسم المجتمع بين أنصار السياسة الاقتصادية السكان في المستشفيات والمدارس والجامعات. ومن الخطورة، أن من يدفع المال يلعب السياسة، فيما يحاسب الفقراء إن نزلوا إلى الشوارع بتهمة التمويل الخارجي، في حدود صديق أرسل حوالتين لرئيس الحراك (ناصر الزفزافي) لا تتجاوزان 3 آلاف درهم. ويحاول الإجراء الاحترازي، منع تمويل الناس لاحتجاجهم، فيما يختلط المال السياسي والحزبي والشخصي في كل دوائر الحكم. وتقطع هذه الخطوات الأخيرة تمويل الفقراء لاحتجاجاتهم، فيما يشتري الأغنياء مقاعدهم داخل البرلمان، من تمويلات لا يتمكن المجلس الأعلى للحسابات من متابعتها أمامها القاضي الطبيعي. ومحاسبة المتضامنين والممولين للتظاهر السلمي، تدفع إلى تجريم الأخطاء المالية للمنتخبين في حملاتهم، وقد نشرها مجلس إدريس جطو، وتدفع كل قادة الأحزاب إلى الوقوف أمام المحاكم. ومن الخطورة للغاية، وفي ظرف حرج نعيشه اليوم، أن يستخدم أنصار "عنف الدولة" ضد المحتجين: عدم محاسبة رجال الأمن بالصور المنشورة في "الفيسبوك"، رغم إدانة شباب في حزب رئيس الحكومة بسنة حبسا نافذا بسبب تدوينات في الفضاء الأزرق، وخلق "بروباغندات" تحاول الحفاظ على الصورة الديمقراطية بمبررات مغالية في التأويل وحالة "الإنكار". عدم محاسبة المتورطين في الملفات المنشورة وغير المنشورة للمجلس الأعلى للحسابات، وكرس أخنوش، الذي يقود استراتيجيا حكومة العثماني، الصورة المختزلة عن المغرب منذ قولة ترامب "باي فور بلاي"(1( تعليقا على تسليم المغرب 12 مليون دولار لمنافسته، هيلاري كلينتون، وحاولت الرباط تغيير هذه اللازمة من خلال عدم حضور العاهل المغربي القمة الأمريكية السعودية والقمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض، وأراد البعض في الإعلام المحلي، القول بأن الأمريكي وحده من يعرف الشراء للعب الأدوار، وفي موقف الرباط من حصار قطر، حاولت المملكة تأكيد نفس الرؤية، لكن القدرة على تجاوز عقيدة "ادفع لتلعب"، لم تكن موفقة، من واقع أن المغرب "متطرف نيوليبراليا" و"صغير قدر يديك" وهو يعيش بين جدارين (في سبتة والجدار الرملي في الصحراء)، كما يقول التعليق الأنجلوفوني: "أمريكا أولا والمغرب ثانيا، وهو الأعلى مشاهدة في العالم الغرب. ولا يمكن في نظر أخنوش، سوى انتصار النيوليبرالية أو دخول المغرب في حالة الفوضى، خصوصا وأنه يتقدم الأجهزة الأمنية لمزيد من "العناد" واللاتسامح. * عقيدة "صفر تسامح" أو اللاتسامح يتطور العناد بين أخنوش، القائد الفعلي للسياسة الحكومية وسياسات الدولة، وبين صمود منطقة الريف إلى حدود خير فيها الريفيين، بين مواصلة سياسته أو الفوضى. تصف "لوربوتور" أخنوش، بأنه "رجل صفر تسامح" ،(ومن الواضح أن حراك الريف، جاء للاحتجاج على فساد قطاع الصيد البحري الذي يتبع للوزير أخنوش، بعد أن اشترى محسن فكري في أكتوبر 2016 ،سمكا ممنوعا من الصيد في ميناء الحسيمة، لأنه تاجر أسماك، قبل أن تقرر السلطات التخلص من السلعة وصاحبها بطحنهما في شاحنة الأزبال، وتوقفت التحقيقات عند مستويات ضعيفة. ومن الصادم أن نعرف أن حراك الريف سكت عنه الوزير، في البداية، للسكوت عن مسؤوليته عن الصيد غير المشروع في الحسيمة، وباقي المغرب، وبعدها سكت عن الاحتجاجات لخدمة الرساميل السوداء العاملة في البحر، كي تكون داعمة له ولحزبه، وكي يتمكن في قمة مالطا من رفض خفض مستويات الصيد في البحر المتوسط رغم وجود 300 ألف سفينة صيد في مياهه. وخدم حراك الريف أخنوش، الذي لم يدفع أي ثمن في وفاة محسن فكري، وانتهى الحراك، في نظره، بدعم مطلبه في قمة مالطا، وبعد ذلك طلب التخلص من الحراك، بضرب قادته، ومنعهم من السياسة بمحاكمتهم جنائيا، كي يمنعهم القانون من دخول معترك السياسة مجددا، وأثار اللعب الذي قاده أخنوش: مواجهة عرقية غير معلنة بين "أهل سوس" الذين يقودون الحكومة استراتيجيا وعمليا، والعثماني وأخنوش ينتميان إلى نفس العرق، وبين "الريفيين". مواجهة بين إلياس العماري، الذي يريد تشجيع العمل النقابي في قطاع الصيد البحري والفلاحة، وبين أخنوش الذي لم يسمح لحزب الأصالة والمعاصرة بهذه المناورة. مواجهة على نفس الدور بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار. تقول "المغرب أنتلجنس": "إن العثماني والعماري وأخنوش، ضحايا الحراك(4 ،(لكن المواجهة الكاسرة للعظم تمر بين حزبين محسوبين وقريبين من النظام". * النظام ينزف في حراك الريف لصراع حزبيه: التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، لأن اللاعب ولاعب الاحتياط يحترقان معا في منطقة حساسة في المملكة يريد أخنوش الفوز ضد منطقة الريف، ومنها حاصر بن كيران الذي جعل الحكومة تمر من خلال أخنوش، فقرر الأخير مرور الحكومة بدون وجود بن كيران. ودفع مستشار الملك، عباس الجيراري إلى القول بحياد الملك في هذه المواجهة، التي رحب ودعم فيها حزب والحزبان، الحاجزان أمام الملكية البرلمانية، وأمام تفكيك اقتصاد الريع، يذوبان معا في غموض صبغ المشهد الأحرار ما سماه: "مقاربة السلطات العمومية"(5 ،(رغم أنه صانع هذه السياسة. ويبدو أن الحزبين الموجهين من الإدارة لمحاصرة الإسلاميين، يتطاحنان بشكل عرقي وقطاعي، وهذا التوجه المسكوت عنه، يسبب نزيفا حقيقيا للنظام تراجعت فيه المهام الاستراتيجية لإلياس العماري وأخنوش دفعة واحدة. ويفضل بن كيران السكوت عن العثماني كي يحافظ على نزيف خصميه اللدودين: الأحرار والأصالة والمعاصرة، خصوصا وأن أخنوش قال لبن كيران وعلنا: "سأكون رئيس الحكومة في 2021)′′ ،(ولن يكون الأمر واردا سوى بإضعاف حزب العدالة والتنمية. وحاليا، يقود الأحرار القرار الأمني، ويتقدمه لأول مرة في المغرب، ويقود الأصالة والمعاصرة جانب المعارضة، فيما يدخل حزب العدالة والتنمية رويدا رويدا منطقة الظل. بنفس المعدلات السابقة، وهو ما سيؤثر على حمايتها للوطن من الإرهاب * حزب الأحرار يدفع الأجهزة الأمنية إلى "النزيف" بعد تفكيك حراك الريف، ولن يكون تعاون الشعب معها يدفع جهاز الأمن على الأرض، ثمن تفكيك حراك الريف، مزعزعا صورته الدولية، ونجاحه في معركته ضد الإرهاب منذ 2011). وهناك أسطورة متواصلة عن منطقة "سوداء" في الريف، لأنها صدرت "جهاديين" إلى تنظيم "داعش"، لكن الأمريكيين يرفضون هذه الخلاصة من واقع ما حددته دراسة "صوفان" في نقط عديدة: 1 لم تصل الريف إلى خانة المناطق السوداء في هذه الدراسة (بنزرت وبن كردان في تونس ودرنة في ليبيا، وناكيسي جورج في جورجيا وموفنبيك في بروكسل). 2 أن خارطة التطرف بين أوزبكستان والجزائر، ولم تضم الريفيين في المغرب. 3 أن القادمين من الريف والذين توجهوا إلى "تنظيم الدولة في العراقوسوريا"، ليسوا بالضرورة من أصول ريفية، وحسب الإحصائيات، فإن الحاملين لهذه الأصول من المغاربة الملتحقين ب "داعش"، يقل عددهم عن 5 في المائة، ولا يوجد واحد من بني ورياغل (قبيلة عبد الكريم الخطابي، وقائد حراك الريف) في صفوف التنظيم المتطرف في سوريا أو العراق. تقول هذه الدراسة الأمريكية، في الصفحة 16" :إن الانتحاريين من سيدي مومن، يوضحون شكل الانتحاريين بين المغاربة خارج المملكة، وضواحي تطوان أو طنجة، لا تختلف عن شروط سيدي مومن"(8.( وعلى خطى عبد الكريم الخطابي، تختلف الأمور مع الحراك الذي قاده ناصر الزفزافي ضمن 40 ناشطا اعتقلوا في سجون بين الحسيمةوالدارالبيضاء. وما يفيد أن الريفيين ليسوا مقلدين سوى ل "أميرهم" عبد الكريم الخطابي، هو أن عدد الإسبان بمن فيهم أهل سبتة ومليلية، لا يتجاوزون 133 عنصرا داخل كل التنظيمات المتطرفة، وهو رقم يمكن معه القول، أن تمييز القاطنين في الريف، والذين "من أصول ريفية"، يسقط أسطورة "الإرهاب" في شمال المملكة. * الريف ليس إرهابيا وليس انفصاليا في التقديرات الأمريكية، فإن دراسة الظاهرة الإرهابية المعقدة، تؤكد أن الاحتجاجات في الريف، والتي عرفت صمودا استثنائيا، ليست انفصالية أو إرهابية، بل احتجاجات اجتماعية وبقيت في حدود المطالب المعيشية، وهو ما أربك النظام السياسي. وتدفع أطراف الأزمة إلى إيجاد مبررات للتصعيد، لكن سقف المطالب لدى المحتجين أفرج عن سعيد شعو في هولاندا، وقد اتهم حزب الأصالة والمعاصرة بنقل قتلى في كوميسارية الأمن إلى فرع بنك قبل إحراقهم، لتوجيه التهمة إلى حراك 20 فبراير. واختلف الوضع مع حراك الريف، لأن ملف 20 فبراير 2011 في الحسيمة، دخل ضمن أمن الدولة كما ورد في تصريحات رسمية، وتحاسب الأجهزة الحراك بتهمة "المساس بالأمن الداخلي للدولة". ويمكن إجمال الوضع في خلاصتين: 1 أن أهل الريف ليسوا إرهابيين، وهذه قناعة المخابرات الألمانية أيضا(9 ،(لكن دفاعهم عن الحقوق المشروعة، مبدأ حياة بالنسبة لهم. 2 الريف ليس انفصاليا على نهج عبد الكريم الخطابي، وتظاهرت الحسيمة، هي ضد نعتها بهذا الوصف في تظاهرة تاريخية. وحسب التحقيقات الغربية، لا يوجد معنى "ترابي" أو "عرقي" لحراك الريف، وتغليب المعطى الاجتماعي والحقوقي أطر باقي المشهد. وحاولت الدوائر النيوليبرالية، إعادة تأويل معارضة الريف لمشاريعها وسياستها في المنطقة، بعدما أبرزت دوائر نافذة في أوروبا: أ أن زعيم النيوليبرالية في المغرب، عزيز أخنوش، لا يؤمن بأي رؤية اجتماعية، ويكرس تقسيم العمل الاجتماعي في المملكة بطريقة تمس بالمبادرة وتبقي الفلاح الصغير في نفس الخانة، كما تدعم في الاتجاه الآخر، الفلاح الكبير والصياد الكبير، ولم يعد ممكنا الحديث عن غايات للتنمية المستدامة في المستقبل القريب، فالمسألة في المغرب مجرد أراض للاستغلال العقاري أو الفلاحي دون الاهتمام بالعنصر البشري. ب أن هيمنة أخنوش على القرار الحكومي، بلغت حد الهيمنة على الجهاز الأمني، وقد اعتبر بيان الأحرار، أن "قرار الأمن هو قرار السلطات العمومية". وأي تحول من "العناد" إلى "الثأر"، هو فتح لباب جهنم في الريف وشمال المملكة، والمغرب مهيأ لجرحين، الأول حسب المؤشر السنوي ل "مؤسسة الاقتصادات والسلام"(10 (ويتصل بخط الغاز النيجيري المغربي، مرورا بالمياه المقابلة ل "الكركرات"، وآخر يتعلق بحراك بشري في الواجهة الأوروبية للمغرب بشمال المملكة، حيث احتجت الحسيمة من أجل بنية استعجالية للتدريس ومعالجة مرض السرطان. وفي هذه التقديرات الغربية، تتأكد الخلاصات التالية: أن الريف ليس إقليما مغربيا مغلقا، بل هو "الإقليم المتوسطي في المغرب". 2 أن البنية التحتية المستعجلة، مطالب حقوقية لأن التنمية حق، وقد كشفت هذه الرؤية، تقدم المجتمع المغربي على دولته. 3 فشل التأطير الدستوري لعلاقة الحاكم والمحكوم، فالملك يعلن لماكرون عن الحق في التظاهر السلمي، والداخلية تأمر بإلغاء مسيرة 20 يوليوز. 4 العودة إلى التكييف القديم للقانون خارج روح ونصوص دستور 2011. وتفضل الرباط أن يكون النيوليبراليون في الواجهة، لتبرير معطيات محددة في المغرب، وأخنوش لديه عناد استثنائي في إعادة إنتاج النظام المغربي بطريقة تضمن نفس مراكز القرار والنفوذ. * الأمن غير "المسيس" فرصة لإدارة رجال الأعمال للدولة "الدولة الريعية"، قادها الأمنيون لخمسين سنة، وحاليا، تحولت إلى ما يشبه "الأمن غير المسيس"، فتشكلت فرصة نادرة لإدارة رجال الأعمال للدولة. من جهة، جرت وعود لتمكين أخنوش من رئاسة الحكومة في 2021 ،ويتقدم حاليا، لتغطية سياسة الحكومة في مقابل معارضة (الأصالة والمعاصرة)، وسبق له أن سيطر على 25 في المائة من القرار الحكومي في عهد عباس الفاسي، ليستقر في حدود 85 في المائة زمن سعد الدين العثماني. ومن الطبيعي، أن يكون رجل القصر ضد الإسلاميين هو نفسه ضد الريفيين، وضد الصحراويين، الذين لا يجدون أي توافق مع التجمع الوطني للأحرار. ويتقدم حزب المركز والقيم النيوليبرالية والشركات الكبرى، خارج الأطراف، ويدفع الدولة إلى تمركز مالي ومركزية استثمارية لا تقبل المراجعة. ورسمت الإدارة الحالية الأحزاب كشركات صغرى، لا تتطور خارج حساباتها، فيما لن تتطور الدولة كشركة خاصة دون مواجهتها لصعوبات لا يمكن تجاوزها دون ميثاق اجتماعي آخر، ومن الضرورة التذكير ب: 1 أن الأحرار، حزب انتهى من دوره في الوسط، ويتقدم إلى "يمين اليمين" أو النزعة المخزنية المتطرفة، وينافس الأجهزة الأمنية التي تريد أن تعمل على نفس الموقع، ويكاد الحزب والأجهزة، أن يتطابقا في عهد أخنوش، ويصطدم هذان المركزان بالموقع الاجتماعي لفئات هشة: الشباب ومناطق خارج مركز الرباطالبيضاء، وفي شمال المغرب خارج طنجة وفي الجنوب خارج مراكش وأكادير. 2 أن "يمين اليمين" الاقتصادي في عهد أخنوش، تطور إلى نيوليبرالية متوحشة. 3 أن "يمين اليمين" الديني الذي يقوده وزير الأوقاف، التوفيق، المدعوم حاليا من أخنوش، يذهب إلى "تكفير" كل من لا يؤمن بإمارة المؤمنين من المغاربة. وخدم الأمن "غير المسيس" الذي يدافع عنه الحموشي، تسييس التدخل الأمني بطريقة حادة، وتوافق رجال الأعمال والأمن ضمن التوليفة الجديدة، وهو ما لامسناه مع ماكرون الذي زار المغرب وناقش مشكل الريف، وعند عودته لبلده، تدخل في الجيش الفرنسي وأعلن إعادة هيكلته، وستصل عقيدة التدخل إلى الجيش المغربي في الأيام القادمة، لأن ما يريده النيوليبراليون والقادة والبناؤون (الماسونيون)، هو حماية للاستثمار بكل الوجوه والوسائل الممكنة. وفي وثيقة روما الأخيرة، فإن التحول في المغرب والجزائر متكامل، وأن البند 14 يدعو إلى فتح الحدود الجزائرية المغربية، وتساهم فئة "الشكيبيين" المنسوبين إلى وزير البترول الأسبق في الجزائر (شكيب والحوار بين نظام البلدين، لأن تقدم النزعة الأمازيغية في القبايل والريف، لن يذوب سوى بفتح الحدود خليل)، و(الأخنوشيين) بالمملكة، في الوصول إلى انفتاح يقوده ويتحمل عواقبه المتطرفون الرأسماليون. والواقع، أن فرنسا تدافع في عهد ماكرون عن "الإرادة" في الجزائر والمغرب، وأن وصول عبد المجيد تبون إلى رئاسة الحكومة الجزائرية، هو تعزيز لنفوذ أخنوش في الحكومة المغربية، وأن من يعرف مسار الوزير الأول في الجزائر، سيتأكد أن الوثيقة 6 الصادرة عن مجمع "البنائين" في روما، دقيقة لدرجة القول: "أن الأحرار البنائين في حكومة الجزائر والمغرب، يسعف لمنع الحرب وتفكيك المنظومة السوداء، والتقدم لأخذ قرار الجيش ليس سوى مسألة وقت". واختارت الرباط توجها إضافيا للعمل لصالح شركاتها من أجل الاستثمار في إفريقيا، والثمن يدفعه المواطن العادي الذي يعيش تدهور قدرته الشرائية، وحصوله على معايير الحياة العادية قبل خمس سنوات، رهان شبه مستحيل. وتخشى هذه الأوساط من احتجاجات "جهوية" في كل البلد، وأقنع أخنوش العثماني ب "الزيارات الميدانية" إلى مختلف أقاليم وجهات المملكة. ولم يجتمع أخنوش وإدريس لشكر القريبين من إلياس العماري لإقناع حزب الأصالة والمعاصرة بتغطية منع الحكومة لمسيرة 20 يوليوز، وعقد رئيس الحكومة المنتمي لحزب العدالة والتنمية، اجتماعا مع حزب الأصالة والمعاصرة حضره الشيخ بيد الله وعزيز بنعزوز وعبد اللطيف وهبي وابتسام العزاوي من أجل تهدئة الأوضاع، لكن أعضاء المكتب السياسي للحزب رفضوا توفير الغطاء السياسي لقرار المنع، بما يجعل خطوة أخنوش مكشوفة. وعدم حضور الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ونائبه، لاجتماع أحزاب الأغلبية الذي منع مسيرة الحسيمة 20 يوليوز، يشكل تأكيدا على أن أخنوش، وحده من يتحمل مسؤولية المنع، ولجأ حزب الحركة الشعبية الذي يقوده وزير الداخلية الأسبق، لعنصر، والذي التحق به وزير الداخلية السابق حصاد، إلى الصمت، بما يؤكد أن تحالف حزبي الحركة والأحرار ليس متطابقا، فيما يمثل الحزبان الدولة على طرفي النقيض، في إطار الحفاظ على توازناتها الحالية. وتكشف التغطية الكاملة والوحيدة لحزب الأحرار للمقاربة المعتمدة، أن أخنوش يقود قرار الحكومة، فيما ينخرط حزب الأصالة والمعاصرة "في أي دينامية وطنية تعتمد المقاربة التشاركية، وتضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار" حسب بيانه. وعلق مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، "أن الحكومة تتحمل مسؤوليتها الكاملة في هذا المنع". * التمسك بالمعتقلين دون الإفراج عنهم قرار لا تسيطر عليه الحكومة رغم الإجماع الحكومي على منع مسيرة 20 يوليوز خوفا من التصعيد، فإن أحزاب الأغلبية مختلفة حول موضوع إطلاق سراح معتقلي الحراك. ويفيد المزيد من التصعيد، عدم طرح الخلاف بين أحزاب الأغلبية على الجمهور، ويخدم الوضع الحالي، مصالح التجمع الوطني للأحرار، لأنه حزب الدولة "الوحيد". ويلغي أخنوش عمليا دور حزبي الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية، رغم انضمام وزير الداخلية السابق والتعليم الحالي، إلى صفوفها، لكن المشهد يدور مع نفوذ أخنوش لا غير. الحالية، قبل أن يتقدم أخنوش عشية 20 يوليوز، بقوة، ويدافع عما سماه: "المنع واعتماد مقاربة السلطات إن حزب وزيرين سابقين للداخلية لموازاة أخنوش، لم يفد، وخرج امحند لعنصر للدفاع عن المقاربة الأمنية العمومية"، فالمسألة لم تعد أحزاب الأغلبية، بل سلطات عمومية. وهذا التقدير يوحي بأن أخنوش، وضع يده على بداية المسلسل المنتهي في 2021 إلى رئاسة الحكومة وإدارة الدولة بشكل كامل، وسيكون المسار المعلن لتهيئة أخنوش لقيادة القرار العمومي والسلطات العمومية في 2021" ،صعبا وله تبعاته بكل تأكيد". * دمج وزير الداخلية السابق حصاد في الحركة الشعبية، المشارك في الحكومة، دفع أخنوش إلى التعامل مع لفتيت كعضو في حزب الأحرار منعت شركات الاتصالات الثلاث في الحسيمة عن زبنائها خدمات "جي3 ′′و"جي4 "عشية 20 يوليوز، وجاء قرار المنع واضحا ليكون ما قامت به هذه الشركات قانونيا، وقابلا للتعويض في حال رفع المتضررون دعاوى، ومنعت الحكومة التصوير لتكون الإجراءات ضد المتظاهرين "عمياء"، وحاليا، يحاول الذين دفعوا لفتيت، المولود بالناظور، إلى وزارة الداخلية، أن يكون حراك الريف مجرد تمرد مكون قبلي (بني ورياغل)، وأن تدعم أجنحة المخدرات الدولة لبسط الهدوء على المدينة. والأكيد، أن سيناريو التعديل الحكومي، يبتعد بإجماع الحكومة عن قرار المنع، ويعرقل أخنوش هذا السيناريو، إذ دافع عن لفتيت في التشكيلة الحالية، ولم يتطرق حزب الأحرار إلى الانتخابات السابقة لأوانها، للتدني المتوقع والعميق لنسبة المشاركة. وأبعد أخنوش بطرحه لقرار المنع القانوني ل 20 يوليوز، التعديل الحكومي، وبالتأكيد "الانتخابات المبكرة"، لأنها ستعيد انتصاره على بن كيران إلى نقطة الصفر، فيما تعتقد الدوائر الفرنسية، أن انتخابات مبكرة في المغرب، سيناريو قد "يعيد الأمور إلى نصابها، لكن نزاهتها ستطرح سؤالا لا يمكن توقع الإجابة الشعبية عنه". وحسب نفس المصادر، فإن إجراء انتخابات، وبن كيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، يخيف أحزاب الأغلبية، خصوصا أخنوش، فيما عاد حزب الأصالة والمعاصرة حزبا جهويا في خضم حراك الريف، وأفاد هذا التطور حزب الأحرار، من جهة، لأنه أدار لأول مرة ملفا حساسا بشكل لم يتوفر لأي وزير حزبي سابق، ومن جهة ثانية، لأنه، لأول مرة يدير حزب من الوسط قرار الدولة. وتعتقد مدريد أن التهديدات التي صدرت من الحكومة، جاءت من أخنوش، فانطلق المهاجرون الأفارقة نحو سبتة ومليلية، ولأنه وزير المياه والصيد البحري، فإن ترسيم الحدود البحرية في عهده، وبدعمه، شكل خطوة أخرى في اعتباره ضد المصالح الإسبانية. وردت مدريد بقسوة ونشرت فيديو في موقع "أنتريفيو" يظهر لحظة اعتقال الجيش الإسباني (41 جنديا) لستة جنود مغاربة في اقتحام جزيرة "ليلى" سنة 2002 ،ردا على ما دعته الأحزاب الإسبانية "الخطوة الأحادية التي اتخذتها الرباط بترسيم المياه الإقليمية قبالة الصحراء". * أخنوش يقترح تفكيك حراك الريف بأي ثمن، فيما يرسل إشارة إلى مدريد وهو وزيرا للمياه والصيد البحري، ليقوم بلده بترسيم المياه الإقليمية قبالة الصحراء، وأحدث خلط الأوراق المذكورة، صعوبة إقليمية تدفع مدريد إلى تشجيع سيناريو الفوضى كانت الإشارة الأولى في جريدة "إسبانيول" قبل أن ينشر موقع "أنتريفيو" الفيديو المهين لستة عسكريين مغاربة، في أجواء تحظر فيها السلطات العمومية في المغرب، التظاهر السلمي في الحسيمة، فالذين يريدون توريط المغرب في معركة غير مدروسة، خلطوا معركة الريف وترسيم المياه الإقليمية رغم مرور تواريخ جيدة للقيام بهذه الخطوة الوطنية. واختيار هذا الظرف الحساس الذي تمر به منطقة الشمال على حدود الثغرين المحتلين، سبتة ومليلية، ليس بريئا، فالريفيون يحتفلون بمعركة "أنوال" والنظام يرفع ترسيم الحدود البحرية في الصحراء في سباق حول النزعة "الوطنية"، لكن إدارة الوضع، ليست صحيحة بعد تعرض بعض المعتقلين الريفيين ل "التعرية"، وجرى نشر فيديو لقائد الحراك، ناصر الزفزافي، بما لم يسمح للرباط، بالاحتجاج على نشر فيديو يحط من كرامة جنود مغاربة. واختارت مدريد الظرف الدقيق لنشر الإهانة دون رد في جريدة "إسبانيول". ومن يريد فرض "توليفة أخنوش" على الحكومة، يسمح بإهانة المغاربة مرتين: إهانتهم من إدارتهم، وإهانة جنودهم من العدو. وقد جمعت مدريد إهانة الزفزافي ومن معه، وهم يتظاهرون في ذكرى معركة "أنوال"، وإهانة رجال السلاح الذين يقمعون هؤلاء المتظاهرين بظهور صورهم الحاطة للكرامة في جزيرة "ليلى". إنها ضربة مزدوجة وجهتها إسبانيا للمتظاهرين الريفيين وللسلطات التي تقمعهم، وثبت أن تغيير قواعد اللعبة في شمال المملكة، يعني المواجهة العسكرية، فيما تدرس نفس السيناريو في الصحراء. وقد يتسبب أخنوش في معارك مجانية، لأن عملية خلط الأوراق، ليست تقنية المحترفين في الاستراتيجيا، فالوزير قد يعصف بالاتفاق الأمني بين البلدين، وفيما يقول عبد الحق الخيام، عن مكتب التحقيقات القضائية (بسيج)، بأن العلاقات مع مدريد "جيدة"، تسود أجواء "أزمة صامتة"، لأن هناك من يريد التخلص من الاتفاق الأمني مع إسبانيا في أجواء مشحونة بمدينة الحسيمة ونواحيها، ولأن قادة الحراك الوطنيين في المعتقلات، لاحتجاجهم ضد اتهامهم بالانفصال وتظاهرهم في ذكرى "أنوال" ضد الجار الإسباني، فإن الشباب الذي قد يقود تظاهرات ما بعد 20 يوليوز، لن يكون كسابقه، ولذلك، فالدفع بالحراك إلى "التطرف" وقلب الطاولة على الاتفاق الأمني مع إسبانيا، هو دفع لشمال المملكة إلى الفوضى. ما يجري لعب بالنار، فالظروف مهيأة للإفراج عن قادة الحراك ومحاورتهم، لأنهم ملكيون ووطنيون وغير انفصاليين، ولم يسمحوا باختراق إسبانيا لتظاهراتهم، بل رفعوا في وجهها علم "جمهورية" عبد الكريم الخطابي، واتفقوا منذ شهور على التظاهر في ذكرى "أنوال" يوم 20 يوليوز 2017. وفي هذه اللعبة، دخلت واشنطن على الخط لتؤكد وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب لعام 2016" ،أن خطر الهجمات الإرهابية، يبقى قائما في المغرب"، بما يعني العودة السريعة للأجهزة الأمنية إلى عملها المعتاد للحفاظ على أمن البلاد، وأيضا الدفاع عن الاتفاق الأمني الإسباني المغربي الذي تريد جهات نسفه، وجاءت إشارات حادة من مدريد لضرورة دفع الثمن من طرف المحتجين، لأنهم قد يراهنون على الفوضى لإثبات تهمة "الانفصال" في حق متهمين معتقلين في حراك الريف، ووضعت الرباط على عاتقها إدارة التصعيد على أكثر من جهة، لكن أي خلط للأوراق، يدفع الأمور إلى الفوضى، فالمسألة لا تتعلق بالتهدئة، بل ببناء السلام المحلي في الحسيمة ونواحيها، ولن يكون للأمر نتيجة، دون استمرار الاتفاق الأمني مع مدريد وإطلاق سراح المعتقلين في حراك الريف لإنجاز مصالحة تحتاجها الدولة، قبل أن يحتاجها المجتمع، لأن اللعب بالنار ليس له قاعدة شعبية، ولا يمت لاستراتيجية الدولة الحكيمة والدقيقة في حساباتها الدولية، بصلة.