ان الديمقراطية من بين المداميك السامية والمبادئ السامية التي استأثرت أكثر من غيرها على الصعيد الكوني، بالاهتمام والتداول، على اعتبار أنها هي المطلب الجوهري لسائر المكونات، وفي شتى أرجاء المعمور ، وعلى اعتبار أيضا أنها ليست سوى نمط معين لتنظيم المجتمع وربط مختلف أجزائه ومستوياته -بشكل متراص وموحد -بعضها ببعض، من أجل تقوية قدرة فعل هذا المجتمع، تجاه نفسه، أي إمكاناته وطاقاته ، وتجاه محيطه الطبيعي والاجتماعي وتجاه السياقات التي يتحرك في دواخلها هذا النمط "الراقي" للحضارة البشرية بأسرها. وقد تحولت الديمقراطية في الوقت الراهن كسيرورة متطورة، من مطلب أجندي إلى واقع يعتمل في سياقات الحياة السياسية برمتها ويؤثر على باقي المجالات المرتبطة بها اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا ومؤسساتيا... هنا، يتبلور مفهوم "الحكامة الانتخابية"كمجال من مجالات إعتمال الحياة السياسية ككل وما يتماهى معها من سلوك ايجابي منغرس في" الكيانات " المتعددة للديمقراطية وكفضاء تتموقع بعض تواجداته، من خلال الحرص على تنظيم "انتخابات حرة، نزيهة وشفافة". وفي السياق المغربي، وبإعتبار هذا الشرط الأخير،هو أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي –كما يلح على ذلك دستور2011-يبدو وجوبا أن بناء الصرح الديمقراطي يستلزم كخطوة حاسمة إعادة الاعتبار والاهتمام بالشأن الانتخابي، عبر التطبيق السليم لمبادئ الحكامة في شقها المتعلق بالانتخابات . وهو ما حاول المغرب، ومن خلال العديد من المحطات الانتخابية –ومنها الاستحقاق الأخير ل4شتنبر 2015-أن يجد على مستواه موطأ قدم له، وذلك من خلال رغبة الدولة الأكيدة في امتلاك إواليات حكامة انتخابية ناجعة وفعالة. في هذا السياق، وعشية اجراء ثاني عملية انتخابية متعلقة بمجلس النواب في ظل الدستور الجديد، ورغبة من الدولة في توفير الظروف المناسبة لإنجاح هذه المحطة الانتخابية الحاسمة في مسارات الحياة السياسية المغربية، وفي اطار تعزيز الترسانة القانونية "المجودة" للفعل الإنتخابي والإرتقاء بمؤشرات الحكامة الانتخابية، وباعتبار القانون أحد الركائز المدعمة والموطدة للصرح الديمقراطي وبالتالي للحكامة الديمقراطية ككل، ومن أجل استخلاص الدروس من التجارب السابقة لتجاوز الصعوبات التي اعترضت أداءاتها. في ظل كل ماسلف، أتى القانون رقم 02-16 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 57-11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 100-16-1 المؤرخ في 29 رمضان 1437( 5 يوليو 2016) والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 6480 بتاريخ 2 شوال 1437 7) يوليو 2016) كقانون متضمن لعدد من التدابير المعتادة والمستجدة، والتي سيتم التوسل بها في أفق الاستحقاق الانتخابي المقبل، وكذا مختلف المحطات الانتخابية والاستفتائية المستقبلية. فماهي أبرز الأسباب الكامنة وراء تبني هذا القانون ؟ وماهو دوره في تعضيد الترسانة القانونية "الانتخابية" ؟ وكيف يمكن اعتباره إحدى المداخل الرئيسية لتجويد الفعل الانتخابي، في أفق التحول من حكامة انتخابية "انتقالية" إلى حكامة انتخابية "حقيقية"؟ بداية يمكن القول، أن لكل قانون – من منطلق طابعه المرن- حيثيات تحفز على تبنيه والتفكير في صياغته، وهي حيثيات تعمل أساسا على تحيينه وتجويده وتجاوز الثغرات المرصودة والمرتبطة بمستويات تطبيقه وطرق تنزيله. في هذا المضمار، يمكن الوقوف على نوعين من الأسباب التي حتمت على المشرع تبني قانون02-16 . وهي الأسباب التي تتأرجح في نظرنا، بين ما يمكن تسميته بالأسباب المعتادة والأسباب المستجدة، مع الإشارة في هذا السياق، إلى أن كل هذه الأسباب، هي أسباب معلن عنها بشكل صريح ولا يضمر أي بعد من أبعادها، في اطار ترسيخ المزيد من شفافية الفعل القانوني وتكريس غائيات تجويد النص التشريعي في سائر مراحله، بمافيها مرحلة المناقشة داخل اللجان القطاعية – كما حدث أثناء مناقشة مشروع هذا القانون يوم الاثنين 13 يونيو2016 ،أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين – . فكيف يمكن تسليط الضوء على مجمل ذلك ؟ أولا-الأسباب المعتادة : ونقصد بها الأسباب التي تتكرر عند كل استحقاق انتخابي، وبالتالي فهي ضرورية عند كل محطة من المحطات الانتخابية، تعمل على مواكبة وتأطير الفعل الانتخابي في سائر مراحله، بمافيها المرحلة التمهيدية أوالتحضيرية المرتبطة بعملية مراجعة اللوائح الانتخابية، والتي مافتئت تتم في المغرب بشكل دوري وسنوي. في هذا الصدد، سنجد أن من بين الأسباب المعتادة المتضمنة في روح ومتن القانون رقم 02-16 مايلي : * توسيع مجال المشاركة في الانتخابات بصفة عامة، من خلال فسح المجال أمام المواطنات والمواطنين، خاصة منهم الشباب غير المقيدين في اللوائح المحصورة على إثر عملية المراجعة السنوية، من أجل تسجيل أنفسهم في هذه اللوائح في الفترة السابقة للاقتراع، بما فيهم الأشخاص الذين سيبلغون من العمر ثمان عشرة سنة شمسية كاملة على الأقل في التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع النيابي، أي يوم 7 اكتوبر2016 ، وكذا تمكين المقيدين الذين قاموا بتغيير أماكن سكناهم من عملية نقل القيد عبر تقديم طلبات في هذا الشأن( نقد القيد من اللائحة الانتخابية لجماعة إلى جماعة أخرى أو من مقاطعة إلى مقاطعة أخرى أومن دائرة انتخابية إلى دائرة انتخابية أخرى بنفس الجماعة ). على هذا الأساس، تعد المشاركة في الانتخابات – ومن مؤشراتها الهامة الاقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية – إشارة واضحة على ملامح الانتقال الديمقراطي الحقيقي، الذي يشير على وجه الخصوص إلى تحول جذري في بنيات الصرح الانتخابي في أفق جعل الانتخابات تتوطد مداميكها على الحرية، النزاهة، الشفافية، النجاعة، المشاركة الشعبية… وبالتالي ضمان الارتقاء بالفعل الانتخابي وجعله خطوة حاسمة في مسار البناء الديمقراطي ككل . ومن ثم، فالديمقراطية كسيرورة ايجابية،وبارتكانها على مبدأي المواطنة والمشاركة ، تمكن جميع المواطنين من حقهم الأساسي في تقرير مصيرهم. وأول خطوة في درب ذلك، هو الحرص على تكثيف التسجيل في اللوائح الانتخابية، لما له من انعكاس جلي، على تبلور هذا الحق، والذي يتمثل في ماهية الآلية الانتخابية كآلية مصيرية تحدد جوهر مشاركة المواطن في تدبير الشأن العام. فالمشاركة الانتخابية،وباعتبارها جزء لايتجزأ من منظومة المشاركة السياسية، هي عماد متين من أعمدة الصرح الديمقراطي لأية دولة من الدول، ومن ثم حرص هذه الأخيرة، على توفير الضمانات الكافية للنهوض بها كمعطى لا محيد عنه لبلورة أسس حكامة انتخابية ناجعة وحقيقية . في هذا الإطار، ألحت الفقرة الأخيرة من الفصل 11 من الدستور المغربي الحالي، على ضرورة أن "تتخذ السلطات العمومية الوسائل الكفيلة بالنهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الانتخابات". وهي المشاركة التي تدخل في صميم المسؤولية الجماعية الملقاة على عاتق المواطن في بناء أسس المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يصبو المغرب إلى بلوغ مراميه. وهنا، نجد الملك محمد السادس، يؤكد في خطاب 30 يوليوز 2003،على ما يلي: "وكلنا مسؤولون فرادى وجماعات وسلطات وهيئات، أحزاب وجمعيات على البناء الجماعي لمجتمعنا" . ومن ثم، تتكرس في اطار متماهي ومتداخل الادراكات العميقة لمفاهيم من قبيل المواطنة والديمقراطية والحق والواجب ... * إتاحة الفرصة للجان الادارية واللجان الادارية المساعدة برئاسة القضاة- والتي تشرف بشكل سنوي على عملية المراجعة للوائح الانتخابية- لتحيين اللوائح الحالية عن طريق اجراء عمليات الشطب القانونية وإدخال الاصلاحات اللازمة، وفق المقتضيات المنصوص عليها في المادة 30 من القانون رقم 57-11. أي القيام بالإجراءات الضرورية الكفيلة بجعل اللوائح الانتخابية صورة واضحة شفافة، تعكس بشكل جلي الهيئة الناخبة، مع تنقيتها من كل شائبة من الشوائب التي قد تكتنفها مثل تكرار التسجيل أو الأخطاء المادية… وتجدر الإشارة، أنه واحتراما للآجال المنصوص عليها في القانون رقم 02-16 -وهي الآجال التي تراعي أساسا تاريخ اجراء استحقاق 7 أكتوبر المقبل – فإن اجتماعات هذه اللجان، ستنعقد خلال الفترة الممتدة من 9 إلى 15 غشت 2016 . مما سيمكن في نهاية الأمر، من احترام أجل أربعين يوما للحصر النهائي للوائح الانتخابية، والذي سيكون يوم28 غشت 2016. ثانيا-الأسباب المستجدة: وهي الأسباب التي تروم أساسا مسايرة الاصلاح الانتخابي، باعتباره لب الاصلاح السياسي للمستجدات العملية الطارئة ومواكبته للحظة الانتخابية المقبلة وإجابته عن عمق الإشكاليات المطروحة في اطار استخلاص الدروس والعبر من المحطات الانتخابية السابقة، حيث أن من الدواعي التي حفزت المشرع على الإسراع باتخاذ التدابير المنصوص عليها في هذا القانون الجديد، نجد في كونه قانون يندرج في اطار التدابير التحضيرية، استعدادا لتنظيم الانتخابات العامة المقبلة لمجلس النواب. وذلك من منطلق التوسل بإحدى آليات الحكامة عموما والحكامة الانتخابية خصوصا، وهي الآلية الإستخلاصية. حيث أنه عند اختمار التجارب وإنبثاق آثارها يصبح من اللازم التأسيس لنمط تفكير معمق، يتوخى تقديم القراءات المتعددة المستويات: الأسباب،النتائج، التقييمات .وهي القراءات القمينة،بجعل المسؤولين يقفون أمام أنفسهم وقفة تأمل تدبيري ومراجعة الذات وأخذ العبر وإستخلاص الدروس، باعتبار كل ذلك خطوة إستشرافية نحو المستقبل ووضع التشخيصاتالضرورية بشكل تراكمي للآثار الناجمة عن التجارب المتلاحقة وجعلها مع مرور الزمن تجارب ايجابية ، وعدم ترك المجال سانحا أمام الثغرات الممكنة وأوجه القصور المرصودة . في هذا السياق، يتبلور مبدأ"الأخذ في الاعتبار عودة التجربة ." ويبقى على ضوئه الهدف هو تمكين الفاعلين المؤسساتيين من فهم أفضل لطبيعة التجربة ونتائجها على المدى القريب والبعيد. وهكذا، فإن كل تجربة هي موضوع لجمع معلومات ومعطيات، على الرغم من أنه من الصعب استخلاص جميعالدروس . إنه لأجل كل ذلك ، ينبغي وضع خطة محكمة تمتح عناصرها من الاستفادة المتراكمة من التجارب المتوالية ،ايجابا أو سلبا . وتقوم بالأساس، على الرفع من الانتاج السياسي /التشريعي، عبر سن القوانين والسياسات ورسم معالم سياسة تشريعية فعالة ، من خلال تحيين القوانين الجاري بها العمل واحداث قوانين جديدة تواكب المستجدات الطارئة وتساير الأحداث المتوالية وتعمل جاهدة على تقديم الأجوبة الشافية للمشاكل المطروحة ووضع استراتيجية محكمة للبدائل المتاحة وتوفيرالأرضية القانونية الصلبة للفرص الممكنة والبحث عن المحيط السياسي السليم للفرص الضائعة . إن التجارب التي يمكن رصدها عبر المحطات المتواترة ، تمكننا لا محالة من القيام بالتشخيصات الواقعية والتقييمات الموضوعية لحجم وحدة ومستوى الصعوبات المرتبطة بها. وبالتالي التزود بالآليات الارشادية لتجاوزها في المستقبل المنظور أو على أقل تقدير التخفيف من الآثار السلبية التي يمكن أن تلحقها بالمحطات المقبلة والمؤاخذات التي يمكن أن ترصد على مستواها. ومن ثم ، تبرز أهمية العبر المستخلصة من الانتخابات العامة الجماعية والجهوية لاستحقاق4 شتنبر2015 ، لاسترشاد واستشراف انتخابات السابع من أكتوبر. وهو الأمر، الذي يتجسد من خلال الحرص على تدارك الثغرات والهفوات التي اتسمت بها محطة شتنبر والرغبة التواقة للدولة في تدبير الشأن الانتخابي بالحكامة المطلوبة والتفاعل الايجابي وحسن الاستجابة لتطلعات الفاعلين السياسيين والمدنيين وطموحات المواطنين. هكذا، سنجد أن وزير الداخلية في معرض حديثه حول مشروع القانون رقم 02-16 يوم الأربعاء 27 أبريل 2016 ، أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية لمجلس المستشارين، يؤكد أن" التدابير المقترحة – لهذا القانون الذي كان حينئذ مشروع قانون- تجد أساسها في العبر المستخلصة من الانتخابات العامة الجماعية والجهوية ليوم 4 شتنبر 2015 والصعوبات التي أبانت عنها". وعموما، يمكن إجمال الأسباب المستجدة لتبني القانون رقم 02-16 ،في سببين إثنين -وهما في آن واحد معطيين مستجدين -: أ- تسليم مستخرج مبوب من اللائحة الانتخابية العامة إلى الأحزاب السياسية : حيث أنه من أجل تعميق المشاركة السياسية السليمة، ارتأى المشرع وفق مقتضيات القانون رقم 02-16 ،تمكين الأحزاب السياسية كقنوات تأطيرية، من آلية قانونية مهمة ستخص جانبها التواصلي في أفق الاستحقاق الانتخابي المقبل، وهي الآلية المتمثلة في حق الأحزاب السياسية في الحصول – خلال عشرة أيام من تاريخ الحصر النهائي للائحة الانتخابية العامة، أي من 29 غشت إلى 7 شتنبر 2016، بطلب منها وفق الشروط والكيفيات في المادة 13 من القانون رقم 57-11 -على مستخرج من اللائحة الانتخابية بعد حصرها "يكون مبوبا حسب مكاتب التصويت المحدثة بالجماعة أو المقاطعة بعد تحديدها." ( الفقرة 9 من المادة 30 المكررة من قانون 02-16) ."ويتم الحصول على المستخرج المذكور، خلال مدة عشرة أيام ابتداء من تاريخ الحصر النهائي ."(الفقرة 8 من المادة 30المكررة)- علما أن المشرع حدد تاريخ الحصر النهائي للوائح الانتخابية يوم 28 غشت المقبل، أي أربعين يوما قبل استحقاق 7 أكتوبر-. وذلك كله –كما يوضح وزير الداخلية في معرض حديثه السالف الذكر حول مشروع القانون رقم 02-16 – " حتى يتأتى للأحزاب السياسية استعمال المعطيات المتعلقة بالهيئة الناخبة في عملية تواصلها السياسي مع الناخبات والناخبين في اطار حملاتها الانتخابية". على هذا الأساس، تنص الفقرة 7 من المادة 30 المكررة من قانون 02-16 ، على مايلي " للأحزاب السياسية أن تحصل بطلب منها على مستخرج من اللائحة الانتخابية العامة. . . يتضمن أسماء الناخبين الشخصية والعائلية وعناوينهم وتواريخ ازديادهم والدائرة الانتخابية المقيدين فيها" . وهي "البيانات التي من شأنها أن تمكن الهيئات السياسية من التعرف على الناخبات والناخبين. وذلك في تقيد تام بالمقتضيات التشريعية الجاري بها العمل في شأن حماية احترام المعطيات ذات الطابع الشخصي" -يؤكد الوزير دائما في نفس المناسبة- . " وتحقيقا لهذه الغاية، يجوز لكل حزب سياسي أن ينتدب وكيلا عنه على صعيد العمالة أو الاقليم أوعمالة المقاطعات أو الجماعة أو المقاطعة، لتقديم طلب الحصول على المستخرج المذكور. ويتسلم وكيل الحزب المستخرج المطلوب داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ تقديم طلبه" – حسب منطوق الفقرة 10 من المادة 30 المكررة -. ب-إشعار الناخبين بأماكن التصويت : إذ تمت العودة إلى مقتضى الإشعار، والذي تم التخلي عنه في استحقاق شتنبر 2015 ، من حيث الإعتماد في هذا الصدد على مكاتب الإرشاد المحدثة على مستوى مقرات العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات وبمكاتب السلطات الإدارية المحلية، القريبة من محلات سكناهم أو مكاتب الإرشاد التي تم فتحها يوم الاقتراع بمراكز التصويت، والتوسل بتحميل التطبيق الخاص بتحديد موقع مكتب التصويت الخاص بكل ناخب من خلال إرسال رسالة قصيرة مجانية إلى الرقم 2727 تتضمن فقط رقم البطاقة الوطنية للتعريف، أو الاتصال مجانا على الرقم الأخضر 2727 من أي هاتف ثابت أو محمول، أو تحميل التطبيق المسمى (مونبيفي) على الهاتف الذكي الذي يمكن من تحديد موقع مكتب التصويت. الشيء الذي نجمت عنه صعوبات عديدة من قبيل خلق حالة الإرتباك في صفوف المصوتين، والذين لم يتم ارشادهم بشكل واضح في أغلب مكاتب التصويت، مما تسبب في رجوع العديد منهم دون تصويت. هكذا، وبهدف تجاوز الصعوبات العملية التي أبانت عنها الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة في توجيه الناخبات والناخبين نحو مكاتب التصويت التابعين لها، وفي اطار استخلاص العبر، نصت المادة 30 المكررة مرتين من قانون رقم 02-16 – رجوعا إلى المقتضيات القانونية السابقة، التي عملت فيما يخص المسائل المتعلقة بتحضير عملية التصويت وسيرها بالتنصيص على الإشعار المذكور . فحسب المادة 54 من الظهير الشريف رقم 1.11.171 الصادر في 30 ذي الحجة 1432 (28 أكتوبر 2011)بتنفيذ القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية والمنشور بالجريدة الرسمية الجريدة الرسمية عدد 5991 الصادرة بتاريخ 3 ذو الحجة 1432 (31 أكتوبر2011) ، وكذا مقتضيات المادة 14 من الظهير الشريف رقم 1.11.173 الصادر في 24 من ذي الحجة 1432 (21 نونبر 2011) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية– "يحاط الناخب علما بمكتب التصويت الذي سيصوت فيه، بواسطة إشعار مكتوب يتضمن إسميه الشخصي والعائلي أو أسماء أبويه، إن لم يكن له اسم عائلي، وعنوانه ورقم بطاقته الوطنية للتعريف، وعنوان مكتب التصويت، والرقم الترتيبي المخصص له في لائحة الناخبين. وتوجه السلطة الإدارية المحلية الإشعار المذكور إلى الناخبين بأي وسيلة من الوسائل المتاحة. ولا يعتبر هذا الإشعار ضرورياللتصويت." عموما، إن قراءتنا لأسباب وحيثيات تبني قانون رقم 02-16 ، تمتح قوتها "القانونية" من المقتضيات الدستورية المتعلقة بالانتخابات، وعلى رأسها الفصل 11من الدستور- أو فصل الحكامة الانتخابية بامتياز- الذي يعتبر أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة،هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي" . هكذا، تشكل الأبعاد الانتخابية إرهاصات حقيقية لتبلور نمط الحكامة الانتقالية. وهو النمط الذي يتجسد في إنبثاق مبادئ حكامة انتخابية توطد مسارات التدبير الانتخابي الناجع والفعال،وتجعل من الإصلاحات الانتخابية مطلبا من مطالب العملية الديمقراطية برمتها وتتبلور كنمط متجدد من أنماط هذه الحكامة الانتقالية ،نمط يستوجب في كل مرحلة من المراحل، القيام بالإصلاحات الضرورية، حتى تتجدد هياكله ودواليبه باستمرار وبكفاية. وهي المسألة التي انغرست في متن وروح القانون رقم 02-16 كقانون موطد للترسانة القانونية الانتخابية القائمة ومجود لها . إن الحكامة الانتخابية كأبرز تجلي من تجليات الحكامة السياسية،هي القدرة الشجاعة والخطوة الجبارة على ارساء اللبنات الأولى لبناء اللحظات الانتخابية الرائدة المفعمة بالديمقراطية الحقة والغير المشوبة بالإكراهات والصعوبات التي يمكن أن تعكر صفوها . إنها اللحظات المعلن عنها كسياسة عمومية لإتخاد القرار المرتبط بالشأن الانتخابي،بداية مع توفير المناخ السياسي الملائم لانبثاقه وتطوره كمدخلات للحظة انتخابية مأمولة، مرورا إلى التأكيد على سلامة الزمن الانتخابي الآني المرتبط بالعملية الانتخابية الكائنة كتغذية إرجاعية ،ووصولا إلى التمثيليات والانتدابات المنتظرة من الاستحقاق الانتخابي أو ما يفرزه من مؤسسات كمخرجات مطلوبة ( مجالس الجماعات الترابية، مجلس النواب، رئيس الحكومة …) هنا، وعلى هذا الصعيد، يمكن الحديث عن القانون رقم 02-16 كمدخل أساسي من مداخل الإرتقاء بحكامة الفعل الانتخابي وتجويد بنيانه القانوني. وبالتالي عن تصور جديد وريادي فيما يخص الشأن الانتخابي برمته في أفق استحقاق 7 أكتوبر، خاصة، وأننا سنعيشها كتجربة انتخابية تشريعية جديدة، بعد التجربة الأولى لما بعد تبني الدستور الحالي، والمتمثلة في استحقاق25 نونبر 2011.وهي التجربة التي يمكن أن تكون غنية ديمقراطيا وثرية سياسيا ، مقارنة مع الأولى، بحكم سمو درجة الاختمار والنضج في اطار التعامل مع المكتسبات والرهانات الدستورية الجديدة، وخاصة كذلك لكون المغرب مازال يعيش نمط حكامة في حالة انتقال على جميع الأصعدة، مما يقوي بالضرورة طموحات المغرب الصاعد، المغرب الاستشرافي،والقادر على ربح رهانات المستقبل ، إن هو تمكن من ارساء الأسس الأولى لهذه الحكامة الانتقالية، وعلى رأسها الأسس المرتبطة بتدبير الشأن السياسي عموما والشأن الانتخابي خصوصا، تدبيرا يتسم بالنجاعة والكفاية اللازمتين.