يقدم نفسه بأنه «ابن خديجة»، ابن الفقيه البسيط، يسعى إلى المشاركة في تدبير حزب سياسي يصطف في المعارضة، أما خصومه فيقولون عنه إنه جزء من الدولة العميقة والمالك لزمام القرار السياسي في الكثير من المواقع. إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة ومرشح البام للتنافس حول جهة طنجةتطوانالحسيمة، يجيب عن كل ما يتعلق بالانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة: اكتساح حزب العدالة والتنمية للمدن، احتلال حزبه للمرتبة الأولى، تحالفاته الحزبية في الأيام المقبلة، فقدان الأصالة والمعاصرة لعمديات بعض المدن. في هذا الحوار يؤكد العماري، رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، أن جماعة العدل والإحسان ساندت حزب العدالة والتنمية من أجل تحقيق نتائج متقدمة بسبب تقاسم نفس المشروع. وترك العماري الباب مواربا أمام تحالفات حزبه في جهة طنجة حينما قال إنه في السياسة لا يمكن التكهن بشيء حتى يوم التصويت، داعيا في الحوار نفسه إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب للبحث عن ما أسماه «الخلل». – إلى حدود اللحظة لا تريد أن تعترف أن حزبك، رغم أنه حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية والجهوية السابقة، مني بهزيمة كبيرة بدليل خسارته لتسيير مدينتي طنجةومراكش.. ألا تتفق أنه انتصار بطعم الهزيمة؟ من المؤكد أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي تبوأ صدارة هذه الانتخابات، لم ينهزم أبدا سواء في المدن التي ذكرتها أو في غيرها، خاصة أننا أضفنا إلى رصيدنا السابق في المدن مقاعد جديدة وأصواتا إضافية، وتواجد حزب الأصالة والمعاصرة لأول مرة في مدن لم يكن حاضرا بها في الانتخابات السابقة، سواء على مستوى نتائج الانتخابات البرلمانية أو الجماعية، من قبيل أكادير وتارودانت والناظور وتطوان وغيرها... خذ ما شئت من الأمثلة في المدن الكبرى والمتوسطة والصغرى، ففي الرباط مثلا حافظنا على نفس عدد المقاعد بأصوات إضافية، وفي مراكشوطنجة أضفنا خمسة مقاعد بعدد أصوات يفوق عدد تلك المحصل عليها في الانتخابات السابقة، ولم نفقد عمديتها بل فقدنا تحالفاتها السابقة. – بيد أنكم كنتم تراهنون على الحفاظ على تسيير هذه المدن وقد عبر قياديون من داخل حزبكم عن هذه الرغبة، ولم تكن نتائج حزب العدالة والتنمية متوقعة... في الانتخابات لا يمكن المراهنة على أي شيء، فقد يكون هناك تصويت عقابي لمستشار بسيط قد يفسد كل شيء وقد تحدث أشياء غير متوقعة في الدقيقة الأخيرة. والمواطنات والمواطنون صوتوا لمشروع الأصالة والمعاصرة وبوؤوه المرتبة الأولى، حسب بلاغ رسمي للحكومة، وهذا يعني أن ما كان يدعيه الخصوم عن فوزنا بطريقة غير ديمقراطية خلال الاستحقاقات الجماعية لسنة 2009 تبدد وعرف الشعب المغربي من كان يكذب على من. – كيف تفسر حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية في كثير من المدن؟ هل نجح المصباح في تقديم مشروع بديل لحزب الأصالة والمعاصرة؟ مشروع الحزبين مختلف حد التناقض التام، والمؤشرات الأولية تبين أن نسبة مهمة من مناصري مشروع حزب الأصالة والمعاصرة لم يتوجهوا لمكاتب التصويت. -و ما سبب ذلك؟ ناك عدة أسباب، يرتبط بعضها بفقدان الثقة في العملية الانتخابية. -هل كان هناك اطمئنان من طرف حزب الأصالة والمعاصرة بأنه سيفوز بسهولة كبيرة في هذه الانتخابات؟ أعتقد أن ما روجته وسائل الإعلام وما روجه المنافسون والخصوم وحتى بعض الأصدقاء أيضا من أن لدينا حظوظا كبيرة للحصول على المرتبة الأولى كان له أثر عكسي في كثير من المدن، وأثر على نحو ما في نتائج الانتخابات، حيث تقاعس بعض المتعاطفين مع البام عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، مكان التصويت، فيما توجه آخرون ووجدوا صعوبة في التعرف على المكاتب المحددة لهم للتصويت أو اكتشفوا أنه تم التشطيب عليهم من لوائح المسجلين، لما شاب العملية من بعض مظاهر الارتباك، جعل عددا من المواطنين يحرمون من أداء واجبهم. -لكن في نفس الوقت هناك نسبة مهمة من المغاربة المسجلين في اللوائح الانتخابية لا يجدون أي جدوى من المشاركة في هذه الانتخابات لسبب أو لآخر، هل ستقومون بمبادرات لإقناعهم بالتصالح مع السياسة؟ من المقرر أن تجتمع أجهزة الحزب مباشرة بعد نهاية الاستحقاقات، وأنا شخصيا سأكون من الداعين إلى عقد مؤتمر استثنائي لحزب الأصالة والمعاصرة لتقييم هذه المرحلة من التدبير، ولتجديد وبلورة أدوات وآليات جديدة للاشتغال الميداني، نحن حزب واعد، عليه الاستمرار في العمل بالميدان، وممارسة النقد الذاتي، وتطوير الأداء حتى لا تصاب بعض بنياتنا بالغرور. – هل تعترف أن الحزب فشل في تدبير العملية الانتخابية في بعض المدن؟ التقييم لا يكون فقط مقتصرا على تقييم أدائنا في المدن لكن يرتبط بالعملية الانتخابية برمتها. وكما قلت لك أدعو إلى عقد المؤتمر حتى لا تغرنا المرتبة الأولى التي حصلنا عليها في الانتخابات الماضية. – تحدثتم عن وجود خروقات كثيرة شابت الانتخابات الجماعية والجهوية، وكنت قد صرحت قبل الانتخابات بأن حصاد أصبح الموظف رقم2 عند رئيس الحكومة، كيف ترى تدبير اللجنة المركزية للانتخابات للاستحقاقات الأخيرة؟ أولا، الانتخابات دبرتها الحكومة، ووزارة الداخلية وهي جزء من السلطة الحكومية ولئن تكلفت تقنيا بتدبير الانتخابات كما تكلفت وزارة العدل قانونيا، فإن التدبير السياسي والقانوني في نهاية المطاف هو تدبير الحكومة. سجلنا العديد من الخروقات وقدمنا الكثير من الشكايات بل هناك أناس ذهبوا إلى مكاتب التصويت ولم يجدوا أسماءهم وهناك من كان لديه خلل في الرقم التسلسلي وغير ذلك.. إضافة إلى استعمال الأموال لاستمالة الناخبين. هذه الخروقات هي موضوع شكايات عرضت على القضاء أخذت بعضها مجراها الطبيعي وأخرى لازالت في طور البحث والتحقيق، وهناك شكايات وضعت مؤخرا كما حدث في مراكش بعد الانتخابات لأن أحد مدراء المدارس عندما ذهب لفتح المدرسة يوم السبت وجد 113 بطاقة تصويت مصوتة على البام وعلى أحزاب أخرى ونحن لا نتوفر على محاضر هذه الأصوات. وإلى جانب ذلك نتوفر على محاضر مركزية موقعة على بياض لكن كل هذا لم يمس بالعملية الانتخابية رغم الخروقات والتجاوزات التي شابت الانتخابات في بعض المناطق. -هل حدث تزوير في الانتخابات؟ ربما، تعرفون أنه ليست لدينا سلطة إدارية أو قضائية لإثبات التزوير. -إذن أنتم تنتظرون حسم القضاء في هذه الشكايات ؟ جميع شكاياتنا موضوعة أمام القضاء وسنخضع للسلطة القضائية. – وجه عبد الإله بنكيران وبعض القياديين داخل حزب العدالة والتنمية اتهامات خطيرة لك وصلت إلى درجة وصفك ب«الإسكوبار» وتاجر المخدرات و«الغبرة»، وقد سبق لحزبكم أن وضع شكاية لدى القضاء حول اتهامات رئيس الحكومة... كيف تعاملت مع ذلك؟ في الحملات الانتخابية يعتقد البعض للأسف أن كل شيء مشروع، وقد يصلون إلى مدارك مبتذلة لا يمكن لعقل يحكم المنطق أن يقبلها. الاتهامات المتبادلة بين الفرقاء كما هي متعارف عليها عالميا أمر عادي جدا، لكن حينما يصدر الاتهام عن شخص يمتلك سلطة القضاء وسلطة الإدارة وسلطة الأمر بالتحقيق، هنا تطرح علامة استفهام. إما أن الحكومة ضعيفة أو أنها مشاركة في تجارة المخدرات أو أنها ترفض اعتقالي، وعلى بنكيران والرميد أن يقولوا لنا ماذا حدث بالضبط؟ أن يتهم مناضل أو مسؤول في حزب معين زميله في حزب منافس أمر نرجعه إلى التدافع السياسي المشروع أو غير المشروع في بلد كالمغرب يسعى إلى الديمقراطية ويتعثر في الكثير من حوادث السير، لكن أن يوجه رئيس الحكومة الاتهام فإنه يسيء لنفسه بالدرجة الأولى وإلى المؤسسة التي يمثلها ثانيا، فيظهر كرئيس ضعيف يترأس مؤسسة ضعيفة وهذا يتناقض مع ادعائه المتكرر التوفر على قوة ضاربة، فكيف لرئيس يدعي القوة والسلطة ولا يمارسها وبالتالي اتهامه لا يسيء إلي وأجبته قبل حتى أن يكون رئيسا للحكومة. -هل البيجيدي خط أحمر أم «ماشي شي حمورية» كما يقول المثل المغربي؟ هذا موقف أسست له الصحافة، ولم يسبق أن قلت إني أضع خطا أحمر في وجه أي حزب سياسي، والبيجيدي لديه مشروع مجتمعي كامل الأركان في أسلمة الدولة وأسلمة المجتمع ويملك تأويلا خاصا للدين، يريد تحويل المغرب من بلد مسلم إلى بلد إسلامي. هذا المشروع الذي نختلف معه إلى حد التناقض وجسدناه في مذكرة الإصلاح الدستوري وفي الهوية وقلنا بأننا نريد التأسيس لبلد يتسع لجميع المغاربة ولا يتسع لفئة على حساب فئة أخرى. – هل يمكن أن تتحالفا في بعض المناطق كما حدث في الغرف المهنية؟ سقف التحالفات داخل المجالس البلدية والقروية لا يتجاوز مستوى التنسيق المحلي من أجل تدبير شؤونها لا أقل ولا أكثر. قد ننسق مع حزب العدالة والتنمية أو غيره على مستوى بعض القرى والمدن إذا اقتضت الضرورة ذلك. – بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، اجتمعت أحزاب المعارضة لتخرج بقرار صغير جدا هو رسم خط أحمر كبير أمام أي تحالف مع حزب العدالة والتنمية، واليوم تقول إنه ليس لدى الحزب أي مشكل للتحالف معه داخل المدن.. أنا لم أقل قطعا إني سأتحالف معه، لأن التحالف يرتبط بالأغلبية الحكومية، وما يحدث داخل المدن لحل مشاكل النظافة والتعمير..لا يعدو كونه تنسيقا، وقد بينت التجارب السابقة أنه بإمكان حزبين متصارعين أن ينسقا. وهذا في تقديري أمر عادي جدا. -هل كنت تتوقع اكتساح حزب العدالة والتنمية للمدن، وعدم قدرة حزبكم على منافسته داخل المدن الكبيرة؟ نعم كنت أتوقع ذلك، لأنه ببساطة حدثت الكثير من المتغيرات منذ سنة 2009 إلى الآن، فحزبنا انخرط بشكل حقيقي، لا عن طريق الكلام الموجه للاستهلاك الإعلامي، في دينامية تجديد النخب. قبل 6 سنوات ظلمونا حينما قالوا إننا آتينا بالأعيان لاكتساح الانتخابات، وماذا يقولون الآن: هل استعننا بالأعيان الآن كي نحصل على المرتبة الأولى؟ لماذا لا تقول الحكومة ورئيسها عبد الإله بنكيران للمغاربة إن البام قدم للانتخابات أكثر من 12000 مرشح لم يسبق لهم أن ترشحوا للانتخابات، وقد آمننا بكفاءتهم، وفوق ذلك نجح من بين هؤلاء أكثر من 3000 مرشح. أليس هذا تجديدا للنخب؟ وفي انتخابات 2011 البرلمانية جددنا أكثر من 80 بالمئة من فريقنا البرلماني ونسبة كبيرة من أعضاء الفريق لم يسبق لهم أن كانوا في البرلمان. – لكن سياق 2011 كان مختلفا جدا، حيث حاول الحزب تحجيم نفسه وواجه عاصفة من الانتقادات وصلت إلى حد المطالبة بحله أثناء الربيع العربي.. تم ذلك في السياق السياسي الخاص الذي يعلمه الجميع، حيث استفدنا من هذا السياق وقدمنا نخبا جديدة، وسيأتي الوقت الذي سنوضح فيه ما حصل، وليس كما حدث مع حزب رئيس الحكومة عام 1997، ووزير الداخلية آنذاك. ما نؤمن به أن حزبنا جاء ليمارس السياسة بطريقة مختلفة، ولذلك سنواصل العمل بنفس الوتيرة. حزبنا احتل المرتبة الأولى بعد أن قام بحملة قرب نظيفة مع المواطنين، وأنا شخصيا نزلت إلى الشارع والتقيت مع الناس وتحدثت معهم في كل أنحاء المغرب. – حزب العدالة والتنمية بعد ظهور النتائج، قال إن البام عرف قدره الحقيقي بعدما رفعت الإدارة يدها عنه.. كل ما أرجوه حقا أن يبقى حزب العدالة والتنمية ثابتا على هذا الموقف وأن لا يغيره في الاستحقاقات المقبلة. ما يبعث على الاستغراب حقا أن الإدارة التي يقودها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حاليا وهو الذي أشرف على الانتخابات، نظمت الانتخابات ورفعت يدها عنا كما تزعم. طيب إذا سايرنا هذا المنطق فكيف يعقل أنهم حينما افتروا علينا بأننا مسنودين من الإدارة احتللنا المرتبة الأولى، وحينما رفعت الإدارة يدها عنا احتللنا المرتبة الأولى. إذن أين الحقيقة من الخطأ، ومن يكذب على المغاربة؟ على بنكيران أن يصارح الشعب ويقول إن الولاة والعمال ورجال الإدارة الترابية اشتغلوا تحت إمرته ومع ذلك احتل البام المرتبة الأولى. – حليفكم في المعارضة شباط سقط سقوطا مدويا في مدينة فاس، ووجه له حزب العدالة والتنمية ضربة قاضية في معقله.. كيف تنظر إلى هذه الخسارة؟ حزب الاستقلال هو الوحيد القادر على وضع قراءة خاصة به لنتائج الانتخابات، كما لا يمكن أن ينوب عنا حزب الاستقلال في قراءة نتائج حزب البام من إخفاقات ونجاحات على حد سواء. – من الناحية السياسية كيف ترى هذه الخسارة؟ أولا السياسة ليست فيها خسارات، خاصة عندما تقترن بمشاريع مختلفة تعرف معارك والذي يكسب فيها معركة لا يعني أنه كسب الحرب بأكملها. -ما مشكلتك مع نبيل بنعبد الله، هاجمك قبل وأثناء الانتخابات وبعدها وكان يلمح إليك في كل خرجاته متهما حزبك بالإفساد الانتخابي؟ نبيل بنعبد الله، أحترمه وأقدره، لكن أسجل أنه بعد عودته من رحلة الحج تغير كثيرا، حيث أصبح هجوميا، ومنذ تلك الفترة لم ألتقه. – الانتخابات التشريعية على الأبواب، وأنت قلت بأنك ستكون من مناصري عقد مؤتمر استثنائي للحزب لرصد مكامن الخلل داخل البام، الآن يبدو من الانتخابات الأخيرة أن هناك مشروعا سياسيا يقوده حزب العدالة والتنمية يتقوى في الشارع ما جعله يحصد الأغلبية في الكثير من المدن، هل بإمكانك منافسة مشروع البيجيدي في الانتخابات المقبلة؟ هذا المشروع المجتمعي الذي يقوده العدالة والتنمية يتقوى في المدن وفي البوادي، في الشوارع وفي الإدارة التي يسيرها كأي حزب، حيث ينفتح على أنصاره ولا ينفتح على خصومه وبالتالي فهو يتقوى على مستوى كل المواقع الممكنة. والقول بأننا سنعقد مؤتمرا استثنائيا مباشرة بعد الانتخابات يشكل موقفا شخصيا لا يلزم أعضاء المكتب السياسي، لأننا لم نجتمع بعد الانتخابات من أجل الاستعداد للانتخابات المقبلة، وأعتقد أن جميع الأحزاب الأخرى لا تزال في مرحلة ما قبل الاستعداد، حتى حزب العدالة والتنمية إن لم يستعد للحفاظ على مكانته سيعرف تراجعا. -ماذا تقصد بأن البيجيدي يتقوى داخل الإدارة؟ أعرف جيدا هؤلاء وهم في الجامعات والجمعيات وفي الشوارع وتعرفت أيضا على كتاباتهم خاصة السرية منها ومرجعياتهم، وهي إلى حدود الساعة لم تتغير. هؤلاء يملكون هدفا ورؤية وتأويلا خاصا للإسلام، ويشتغلون على مختلف الواجهات المتاحة أمامهم من أجل بلوغ أهدافهم. – قبل شهور من الآن، قال حكيم بنشماس، رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، إن المشهد السياسي المغربي يتجه نحو قطبية ثنائية محورها البيجيدي والبام، ويبدو أن الانتخابات الجهوية والجماعية السابقة أفرزت هذه الثنائية بشكل واضح، هل تعتقد أن أحزاب الحركة الوطنية انتهت لاسيما في ظل النتائج التي حصلت عليها؟ لا يمكن أبدا أن أنفي أن الحزب الذي أنتمي إليه يتعارض كليا مع مشروع حزب العدالة والتنمية، وقد أعلنا ذلك منذ تأسيس الحزب. أما أن نقول إن أحزاب الحركة الوطنية قد انتهت، فهذا حكم يحمل الكثير من التجني، فحزب الاستقلال على سبيل المثال حصل على المرتبة الثانية، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رغم كل مشاكله الداخلية حصل على مرتبة مشرفة. هذه الأحزاب لديها قواعدها ومناصروها في كل مكان بالمغرب. ونحن في حزب الأصالة والمعاصرة سنتحالف مع كل الأحزاب التي تحمل نفس المشروع الحداثي حتى وإن اختلفنا في تفاصيله. – في الفترة التي سبقت الانتخابات، خرج بعض السلفيين يدعون إلى التصويت على حزب العدالة والتنمية، بالمقابل هاجموا حزبكم، ودعوا إلى عدم التصويت عليكم...هل تعتقد أن الأمر يتعلق بموقف سياسي انتخابي أم حملة منظمة ضدكم؟ بطبيعة الحال كانت تلك الحملة منظمة بشكل قبلي وبتخطيط مسبق. الفرق بين الحداثيين وغيرهم أن جماعة العدل والإحسان مثلا مارست المقاطعة ببيان فيما خرج حزب النهج الديمقراطي إلى الشارع لإقناع الناخبين بجدوى المقاطعة الانتخابية، ولابد من التأكيد في هذا المقام أن النهج أثر على أحزاب اليسار في بعض المناطق بينما اختارت جماعة العدل والإحسان المعارضة بالبيانات، وبعدم نزولها إلى الشارع منحت أصواتها لحزب العدالة والتنمية. – لكن هناك صراع دائر حاليا بين جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، وتبادل الطرفان الاتهامات قبل الانتخابات الجماعية والجهوية، كيف يمكن لجماعة ياسين أن تناقض نفسها لدعم حزب يراه مشاركا في «حكومة صورية»؟ الذي يمارس السياسة، لا يمارسها بالبيانات، العبرة بالنتائج كما يقول ماو تسي تونغ، وجماعة العدل والإحسان صوتت بصمتها لفائدة حزب العدالة والتنمية بل هناك من أعضائها من ترشحوا باسم الحزب. الاختلاف بين الجماعة والحزب كان في الإعلام وفي البيانات وليس في القناعات والمبادئ ولم يكن هناك خلاف بينهما في الميدان. – تقصد أن أصوات العدل والإحسان أثرت خلال الانتخابات الجهوية والجماعية الماضية؟ كيف لا تؤثر وهي القاعدة الخلفية لحكومة عبد الإله بنكيران، ومشروعهما ليس مختلفا ولم يكن يوما مختلفا كما يعتقد البعض. أنا لست بصدد محاسبة العدل والإحسان لأن حقها في التصويت على من تريد حق مكفول، إنما أفسر ما حصل أثناء الانتخابات، وكنت سأستغرب لو لم تصوت العدل والإحسان على حركة التوحيد والإصلاح. على هذا الأساس، فالأمر عادي جدا، ماداموا يتقاسمون نفس الأهداف ونفس الغايات بالانتقال بالمجتمع المغربي من مجتمع مسلم إلى مجتمع إسلامي. – كنت تقول إنك لن تترشح لأي منصب مهما كان، لكن تراجعت في آخر لحظة وترشحت في مسقط رأسك «امنوذ» ثم وكيلا لجهة طنجةتطوانالحسيمة.. لماذا هذا التغيير المفاجئ؟ كنت سأظل على نفس الموقف، والذين يعرفونني بشكل جيد يدركون أني لم أسع يوما إلى المناصب، وكنت أقول لبعض الأصدقاء المقربين قبيل الانتخابات إني لن أترشح مهما كانت الظروف لكن القرار الذي اتخذه المكتب السياسي لحزبنا القاضي بترشيح جميع أعضائه ما عدا سهيلة الريكي الناطقة الرسمية باسمه، جعلني أنضبط لقرار السيد الأمين العام مصطفى بكوري، وقد حاول بعض أعضاء الحزب إقناعي بالترشح في بعض المدن الكبيرة لكنني فضلت أن أعود إلى منطقتي حيث ولدت وتربيت. يوم عقدت تجمعا جماهيريا في «امنوذ» تأثرت كثيرا جدا، إذ كنت أرى في عيون الشيوخ والشباب والأطفال حجم الألم وأيضا الآمال التي يعلقونها علي بالنظر إلى أن تلك المنطقة ظلت معزولة طوال عقود. لم أشعر يوما بالألم كما شعرت يومها، وأحسست أنه ثمة دينا كبيرا يجب أن أسدده للمنطقة وسأفعل ذلك يقينا في المستقبل. – تقول دائما إنك تدافع عن حق الشعب المغربي في التنمية خاصة منطقة الريف، لكن هناك تيار يتهمك بأنك لم تقدم شيئا لمنطقتك طوال اشتغالك في العمل السياسي.. ربما أقولها لأول مرة: في سبيل الريف قلبت الطاولة حينما كان مفروضا علي أن أقلبها وكسرتها حينما كان مفروضا علي أن أكسرها و»بست اليدين» حينما كان مفروضا علي أن أقبل اليدين. قد لا يفهم هؤلاء الذين يصرحون بمثل هذا الكلام ما أقوله الآن، لكن التاريخ بيننا. – في غالبية مكاتب التصويت في إقليمالحسيمة، حصلت لائحة الجهة التي كنت على رأسها على عدد أصوات أكبر من اللوائح المحلية.. هل من تفسير لذلك؟ لا أجد الكلمات للتعبير عن ما شعرت به حين معرفتي بذلك، رغم أنني في البداية رفضت أن أعرف نتائج الانتخابات في الحسيمة ليلة الاعلان عنها، لأنهم كلهم أهلي، من هم معي أو ضدي على حد سواء وسأكون «خماسا» لديهم. -أحزاب المعارضة تتوفر على أغلبية صغيرة في جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، وهناك حديث الآن عن تحالفكم مع حزب التجمع الوطني للأحرار أحد أحزاب الأغلبية الحكومية، مع من ستتحالف في انتخابات رئاسة الجهة؟ تحالفنا الطبيعي يجد له سندا مبدئيا لدى أحزاب المعارضة وفق الاتفاق الذي كان بيننا، لكن في السياسة تحدث أشياء كثيرة يجب أن نتقبلها بروح رياضية. هذا ميدان السياسة وليس ميدان الرياضيات الخاضع للحساب الدقيق. لذلك لا يمكن أن نستبق الأمور فلننتظر ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات. طبعا ما يهمني هو أن أخدم جهتي لأنني ابن الشمال قبل كل شيء، لكن يهمني أيضا أن أكون رئيسا للجهة مادام حزبي حصل على أكبر عدد من الأصوات. العماري لوحده لا يستطيع خدمة مصالح الجهة، بل يقتضي الأمر تآزرا بين جميع الأحزاب سواء من الأغلبية أو من المعارضة. – لم تجبني بعد عن سؤالي: هل ستمنح عمدية مدينة تطوان للطالبي العلمي للحصول على رئاسة الجهة؟ بل أجبتك، قلت لك في السياسة لا شيء مضمون حتى يوم التصويت.. – مرة أخرى، يصبح حزب الأصالة والمعاصرة مختصرا في اسم إلياس العماري، وبرزت خلال الانتخابات الأخيرة بمظهر الأمين العام الحقيقي: تعطي التصريحات في كل مكان، تهاجم، ترد على الانتقادات...هل أنت فعلا الأمين العام الحقيقي للحزب؟ أتذكر أنني قلت لك في أحد الحوارات السابقة معك أن بكوري يعمل كثيرا ويتحدث قليلا، زد على ذلك أنني رئيس لجنة الانتخابات ومن الطبيعي أن أظهر في وسائل الإعلام وأعقب وأرد وأعلن عن استراتيجية الحزب. تذكر أنه حينما كان سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب كان الناس يتحدثون عن بنكيران، بل وحتى عندما كان عبد الكريم الخطيب مؤسس الحزب رئيسا له كان الناس يتحدثون عن بنكيران. وأعتقد أنه من البديهي أن تتحدث عني الصحافة والأحزاب السياسية.. أما السيد مصطفى بكوري فهو أمين عام حقيقي يشتغل بجد ولي الشرف أن أشتغل تحت مسؤوليته وأستفيد من حكمته ورزانته. بكوري ليس من النوع المتسرع في اتخاذ قراراته وصبور جدا وقوي أيضا، لكنه لم يأت من عالم السياسة فقط، بل جاء أيضا من عالم المعرفة ولو كان كائنا سياسيا قبل تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة لصارت الصحافة تتكلم عنه كما تتحدث عني الآن. هذا كل ما في الأمر. – هل غامر مصطفى بكوري حينما ترشح في الانتخابات الجهوية والجماعية السابقة؟ بالعكس هذا هو منطق الانتخابات، والسي بكوري لم يخسر الرهان، لكونه صار عضوا في مجلس الجهة أما لائحة المجلس البلدي فذاك شيء آخر. عموما أنا أعتقد أن على حزب الأصالة والمعاصرة الدعوة إلى تنظيم مؤتمر استثنائي في القريب العاجل من أجل تقييم موضوعي ومدقق للنتائج التي حققها الحزب في الانتخابات ورصد مكامن الخلل وتصحيح ما يمكن تصحيحه إذا رأى المؤتمرون أن وضعية الحزب لا تسير بالشكل الذي نريد. أعتقد أن تنظيم مؤتمر استثنائي في هذه الظرفية سيزرع الكثير من الشك في أعضاء الحزب.. من يريد أن يكون كاملا في السياسة أدعوه إلى مزاولة عمل آخر لأن السياسة لن تليق به أبدا. نحن حزب سياسي يشتغل في الشارع وفي البرلمان... ويقدم المبادرات ويشارك في الانتخابات ومن الطبيعي أن يرتكب أخطاء يتوجب عليه تصحيحها ولو اقتضى الأمر الخضوع لعملية جراحية قاسية. من المهم أن يجيب المؤتمر الاستثنائي في حال وافق المكتب السياسي والمجلس الوطني على مقترح الدعوة لانعقاده، على السؤال المحوري: لماذا لم تنجح بعض الوجوه الجديدة التي قدمناها خلال الانتخابات؟ بأي وسيلة ينبغي أن نبحث عن الخلل الكامن فينا أولا قبل البحث عنه في مكان آخر. – ما رأيك في هذه الأسماء: عبد الإله بنكيران: رئيس الجماعة الإسلامية ورئيس حركة التوحيد والإصلاح والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة. نبيل بنعبد الله: الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، لاحظت أنه تغير منذ أن عاد من الحج. عبد الحميد شباط: ابن الشعب، نقابي، الأمين العام لحزب الاستقلال. عن الزميلة المساء