نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش ومؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال، لقاء علميا للدكتور محمد الدريج وقراءة في كتابه المنهاج المندمج وذلك يوم الجمعة 17شعبان 1436 الموافق 5يونيو2015 بقاعة المحاضرات المركز الجهوي بمراكش. تم فيه قراءة في كتاب ( المنهاج المندمج: أطروحات في الإصلاح البيداغوجي لمنظومة التربية والتكوين). افتتح اللقاء بكلمة لسيد خالد المعزوزي مدير المركز الجهوي، حيث قدم الدكتور الدريج رحب به وبباقي الحضور من أساتذة وطلبة وزوار، حيث بين أنه تلميذ من تلامذة د. محمد الدريج وقد استفاد من كتبه ومحاضراته على غرار كثير من يشتغل بميدان التربية والتعليم والتكوين داخل المغرب وخارجه، كما شكر كل من أسهم في تيسير هذا اللقاء العلمي. وأكد الدكتور فتح الله مصباح على أننا أما قامة علمية ذات خبرة كبيرة في ميدان التعليم والتكوين بالمغرب. أما الدكتور محمد شرقي فقد قدم في كلمته السيرة العلمية للمحتفى به، ولائحة من مؤلفاته وكتبه وأعماله التي أصبحت أشهر من نار على علم. وفي كلمة الدكتور أحمد بنعمو لخص مسيرة المحتفى به العلمية والمهنية، وقدم قراءة نقدية تكميلية هادفة، حاصلها أن د. الدريج من أوائل من ألف في مفهوم المنهاج وبينه وتخصصه فيه، كما وضح السياق العام لظهور المنهاج في الثقافة الأنجلوسكسونية وخصوصا المدرسة الأمريكية،ووضع الكتاب في سياق متواصل من الدريج في بيان أهمية المنهاج وخصوصا أن المدرسة الفركفونية لا تلي له كبير اهتمام، مما أوقع المدرسة المغربية في كثير من التخبطات والعشوائيات والقرارات القاتلة للمدرسة المغربية باعتبارها تابعة للمدرسة الفرنسية وللثقافة الفركفونية. واستفاض في بيان تاريخ المنهاج في أمريكا والمراحل التي مر منها تطور هذا المصطلح، وأول من ألف فيه وأول الشعب المحدثة في الجامعات الأمريكية الخاصة بتدريس المنهاج، وكانت جامعة كولومبيا أول من أحدث كلية للتربية وأول مختبر لدراسات المنهاج والمناهج. وأكد د. بنعمو على أن الدريج كان بالمرصاد لكل القرارات الخاطئة والتي كان وراءها وزراء التعليم بالمغرب، حيث كان ينبه إلى أخطائهم المنهجية في تسير هذا القطاع الحيوي. وختم كلمته باستنكار غياب أساتذة كلية التربية عن صياغة الميثاق الوطني للتربية والتكوين وغيابهم عن عضوية المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وأوضح أن أمريكا كلما فشلت في تجاوز خصومها أو تفوقوا عليها راجعوا منظومة التعليم وعملوا على تقويتها وتطويرها، وتقرير " أمة في خطر" خير دليل على هذا الاهتمام الكبير حتى أصبحت منظومة التعليم من الأمن القومي الأمريكي. ثم انتقلت الكلمة للسيد محمد الدريج شكر في بدايتها كل من أسهم في إنجاح هذا اللقاء العلمي، كما شكر الحضور من الأساتذة والطلبة والزوار،وحول موضوع اللقاء قال د.الدريج أن إصلاح منظومة التعليم بالمغرب لا يمكن أن يكون إلا بيداغوجيا وهو المدخل الأساس لكل إصلاح،لأن الحديث عن المباني والاكتظاظ والأقسام المشتركة وعن تعميم التعليم والموارد البشرية والمادية، خصوصا بالأحياء المهمشة والمجال القروي، بعد ستين سنة من الاستقلال،حديث عبثي، وأن هذا الإصلاح البيداغوجي لا يأتي إلا بإصلاح المنهاج. وقبل شرح أهمية إصلاح المنهاج ضمن الإصلاح البيداغوجي، بين د.الدريج أن النضال كان يومي من أجل نشر ثقافة علوم التربية والمنهاج من جانبه ومعه عدة خبراء مغاربة امنوا بأهمية المنهاج في تقدم التعليم بالمغرب، وكان النضال عبر عدة وسائل منها: النشر في مجلة التدريس، الجمعية المغربية للمنهاج، الإشراف على البحوث في الموضوع،مركز تكوين المفتشين، المدرسة العليا للأساتذة، كلية علوم التربية، والندوات والمحاضرات والمناظرات. كما قدموا مفهوم المنهاج باللغة الرسمية للبلاد، اللغة العربية والذي جعل كل الإنتاج المغربي في المنهاج باللغة العربية، مما سهل إمكانية الإطلاع على المنهاج ومفهوم ومكوناته وأهدافه في متناول جميع المغاربة المهتمين بمجال التربية والتكوين الفاعلين وغيرالفاعلين. وعلاقة بالمنهاج يعتبر الدكتور محمد الدريج تطوير المنهاج الدراسي والجانب البيداغوجي في التعليم عموما، هو المدخل الأساس وربما الوحيد لكل إصلاح، أما الحديث عن المبادئ الأربعة الشهيرة: التعميم، التعريب، التوحيد، المغربة، والموارد المالية والمادية والبشرية فهو حديث غير معقول وغير مقبول. وانتقد الدريج الإرث الفرنسي في المغرب سواء في التعليم أو الإدارة أو الثقافة واعتبره إرثا مشؤوما، والذي يعيبوه غياب الديداكتيك ( علم التدريس العام) واهتمامه بالبيداغوجية المفهوم العام والمشوش. كما أكد أنه لا يمكن لمنظومة التربية والتعليم أن تعتمد على المنظومات التقليدية ومنها المغربية، لكسب رهان الإصلاح، لأنها فشلت إلى حد الآن في تحقيق ثلاثة أهداف أساسية على الاقل . – كسب رهان ديمقراطية التعليم أي مراعاة مبدأ تكافؤ الفرض – الرفع من مستوى التعليم وتجويده. – الحد من ظاهرة الفشل والهدر المدرسي. وهكذا يعجز النظام التعليمي على أن يكون دعامة للتنمية الفردية والمجتمعية، وفضاء لتكافؤ الفرص والمساواة وتحقيق الديمقراطية التربوية، والتوزيع العادل للرأسمال المادي والمعنوي مما ولد وسيولد تمايزات كبيرة بين شرائح المجتمع، وكل ذلك يصب في تعزيز الشعور بعدم الثقة في المدرسة المغربية وفي النظام التربوية، مما يفسر حالة الإحباط الحضاري العام التي يمر بها المجتمع المغربي مما يتسبب في الوضع المقلق. هذه النتائج السلبية حصيلة غياب لمنهاج للتعليم ملائم لخصوصياتنا ونابع من حاجياتنا الحقيقية، فإذا لم يتمركز الإصلاح حول إيجاد هذا المنهاج المنقذ، سنستمر في التحرك في مكاننا، دون أن نتقدم، ونستمر في إنتاج خطاب الأزمة المدمر، وبالتالي استحالة تحقيق منظومة الإنسان المغربي المطلوب اجتماعيا والمرغوب اقتصاديا. ولخص الدريج مشاكل المنظومة التعليمية في المغرب في الثنائيات والتناقضات التالية – مشكل التقويم والتتبع والمحاسبة. – ثنائية المركز والمحيط وديمقراطية اتخاذ القرار. – مسألة السياق وثنائية المنهاج الدراسي والمنهاج اللادراسي. – لغة المنهاج أو من الازدواجية اللغوية إلى التعددية المتوحشة( تهميش اللغة العربية خلافا لما نص عليه دستور 2011). – المنهاج بين الوحدة والتعدد أو ثنائية التعليم العمومي والتعليم النخبوي( المدارس الخاصة والبعثات هي"إعادة الإنتاج"أي المحافظة على الأوضاع كما هي، ولا تعمل سوى على تركيز الرأسمال الثقافي في يد نخبة محدودة من المجتمع، بعدما احتكرت رأسمال المادي). – اعتماد نتائج البحث العلمي وثنائية الخبير الوطني والخبير الأجنبي(تهميش الخبرة الوطنية من طرف صناع القرار من المركز). وفي مقابل قدم الدكتور الدريج بعض الحلول الواقعية والتي تسهم في إنقاذ منظومة التعليم بالمغرب: – أهمية الكفايات المستعرضة في تحقيق الجودة. – الاهتمام بشخصية التلميذ( الجوانب المتعددة: النفسية – القيمية – الوجدانية – الحركية …). – الاندماج العمودي من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي. – الاندماج داخل مؤسسة واحدة( التواصل – مشروع المؤسسة …). – الاهتمام بقيمة التعلم الذاتي للفرد، مع التوفيق بين احتياجات الفرد ومتطلبات المجتمع. – اعتماد حلول تربوية تسمح بالعمل بإيقاعات متفاوتة تناسب مستوى المتعلمين ووتيرة التعلم لدى المتعلم. – تقوية شخصية المتعلم بالتربية على القيم وترسيخ مفهوم موجب للذات. – العناية بالعنصر البشري وخاصة هيئة التدريس والإدارة التربوية من خلال تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية وفتح الفرص أمامهم لمتابعة دراستهم العليا. – التخفيف من مقررات التعليم الابتدائي المكدسة بالمعلومات، واختيار نموذج بيداغوجي يقتضي الانتقال من منطق التعليم إلى منطق التعلم. – توفر الإدارة السياسية الحقيقة للإصلاح وليس مجرد صيحات وتصفيق وشعارات جوفاء. – تفعيل قانون إلزامية التعليم ومحاربة الهدر المدرسي وخصوصا في المرحلة الابتدائية مع الحد من ظاهرةالاكتظاظ داخل الأقسام الدراسية. وذيل اللقاء بمناقشة مضامينه ، مع تدخلات مفيدة للأساتذة والطلبة ، بعدها أقيم حفل توقيع الدكتور محمد الدريج كتابه "المنهاج المندمج: أطروحات في الإصلاح البيداغوجي لمنظومة التربية والتكوين" .