سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التربية داخل البيت تقلص مساحة انتاجية الأنثى وتخضعها لمراقبة عمودية وكأنها ملكية تابعة التنشئة الاجتماعية أساس القضاء على التمييز المبني على النوع الاجتماعي
لا يمكن تجاهل التغيرات الاجتماعية التي يعرفها المغرب اليوم في تحديد العلاقة القائمة بين الذكر والأنثى، لاسيما في ظل مجتمع يتجه نحو تحقيق التنمية البشرية ومقاربة النوع الاجتماعي. ولعل الأسرة هي النواة الأولى لاكتساب بناء الشخصية لدى الجنسين معا وبالتالي إدماج مجموعة من الخصائص الاجتماعية التي تساهم في التمثل الذاتي، وبمعنى سوسيولوجي، فإن هذه الممارسات تصير على شكل "habitus"، بالمفهوم الذي طرحه «بيير بورديو». يمكن القول إذن أنه على طريق التنشئة الاجتماعية يحصل وعي وإدراك للمشاركة الحاصلة بين النوعين، وعدم التمييز بينهما في بناء المجتمع، وبالتالي يتمثل الذكر الأنثى على أنها كيان قادر على العطاء وعلى الاكتفاء الذاتي والاستقلالية، عكس النظرة الذكورية التي تقلص مساحة إنتاجية الأنثى وتخضعها للمراقبة العمودية، وكأنها ملكية تابعة، هذا المخيال الذكوري الذي أنتج تفسيرات هو المستفيد الأول منها، باسم الحياء «حشومة» «البنات ماكيدروش هكذا» أو باسم الشرف «عار يقولو على بنت..». لذلك انطلاقا من الأسرة يتم اكتساب مبادئ التعامل بين الجنسين، وإتمام المسار التنموي وتدعيم مقاربة النوع الاجتماعي، وإن كانت بعض فئات المجتمع لازالت تتبنى نفس الثقافة السلطوية، وتعطي للذكر مكانة اجتماعية أعلى كما تجعل المرأة تستدمجها وتعتبرها حقا من حقوقه فيغيب التكافؤ. وحول هذا الموضوع استقينا مجموعة من الآراء تبرز التضارب القائم في تمثل النوع الاجتماعي. تؤكد «بشرى» طالبة جامعة، أنها تلقت تنشئة اجتماعية تعطي الفرصة للذكر والأنثى على حد سواء، في الدراسة وباقي الأنشطة، إلا أن وجود الذكر سواء أب أو أخ داخل المجال المنزلي يفضي بتعبيرنا الاعتيادي «الهيبة»، عكس وجود الأم أو الأخت، وعندما يخاف الزوج على زوجته أو الأب على ابنته فلأنه يتمثلها ضعيفة نفسيا واجتماعيا. رأي ذكوري آخر، يؤكد أنه مهما حققت المرأة مكانة اجتماعية في كل الميادين إلا أنها تظل في تمثلنا الاجتماعي ضعيفة العاطفة. وتقول «وصال» طالبة جامعية، إنه ليس هناك فرق في التنشئة الاجتماعية بين الأطفال، لأن نفس المبادئ تلقن للنوعين إلا أن الطبيعة البيولوجية فرضت اختلافا في توزيع الأدوار، وبالنسبة لها لا داعي لوجود السلطة الذكورية التي تفرض عليها تحديد سلوكاتها، فهي لذاتها لها من الوعي الكافي ما يجعلها تراقب وجودها في كل جوانب الحياة. ويقول معاذ: «حسب رأيي أعتبر أن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل، فلا أحد منهما يستطيع الاستغناء عن الآخر، بهما يكتمل البناء الاجتماعي، إلا أني ألاحظ أن هناك سيطرة على حرية الطفلة داخل الأسرة مقارنة مع الذكر، رغم أننا كثيرا ما نجد المرأة متميزة على الرجل في ميادين متنوعة». وقد أكد رأي أنثوي، على أنه لا بد من بناء شخصية قوية لكلا النوعين الاجتماعيين، تواجه التحول المجتمعي الحاصل والتحديات عن طريق الحوار داخل الأسرة والمساواة في الأفكار والتكافؤ في الفرص، وبالتالي إلغاء ثقافة الجنس، وتدعيم أسس الاعتماد على الذات، وكذا الحرية المقننة التي تحترم التقاليد والأعراف الإيجابية. وقد أبان «محمد» أن الفرق بين الرجل والمرأة قائم، والمسؤول الأول عنه هو محيط المجتمع، إلا أنه يلغى بالمعرفة والعلم والطموح. وعموما مهما اختلفت الآراء، فقد التقت حول الدور الأساسي للأسرة في تدعيم تمثل الأطفال لذواتهم.