تسعى مجموعة التجاري وفابنك، وعيا منها بدورها ومسؤليتها الى تقوية تعهدها تجاه الفاعلين الاقتصاديين لكونها مؤسسة محدثة للحوار والتداول حول رهانات الاقتصاد المغربي، ليس على الاقتصاد المغربي فحسب بل ايضا على الاقتصاديين الجهوي والدولي. وجاء في مذكرة أصدها البنك أن القانون المالي لسنة 2009 يستهدف مواجهة عدة تحديات رئيسية منها الزيادة في استثمارات ميزانية الدولية بنسبة 24.3 في المائة مقارنة مع سنة 2008، ودعم الاستراتيجيات القطاعية الجديدة في الفلاحة، والطاقة، والصناعة، وتكنولوجيا الإعلام، والفوسفاط، والحفاظ على عجز الميزانية في أقل من %3. وأضافت هذه المذكرة التي تلخص محاضرة نظمتها هذه المؤسسة يوم 20 يناير الجاري أنه بالرغم من الأزمة الدولية التي مافتئت تتفاقم ، فإن المغرب يتوفر على مجموعة من المؤهلات التي يمكن أن يستعملها، خاصة في حالة استمرار انخفاض سعر البترول، مع الإشارة إلى أن ميزانية 2009 قد تم إعدادها على اساس 100 دولار للبرميل، لكن السعر انخفض الى أقل من 50 دولار ، وفي حالة تأكد ارتخاء الأسعار الدولية للنفط، فيتوفر المغرب على فرص جدية لاحتواء عجز الناتج الداخلي الاجمالي في نسبة 3%. وفي ضوء التطورات الدولية الأخيرة، تضيف المذكرة، أن تنافسية المقاولة المغربية باتت رهينة بالتدابير الجبائية أكثر من أي وقت مضى. وأنه من هذا المنطلق تطرح عدة تساؤلات بهذا الخصوص من قبيل ماهو المفهوم الاقتصاد الذي يعطيه لها القانون المالي لسنة 2009؟ وماهو وقع هذه التدابير على اقتصاد المقاولة؟وغير ذلك. وفي هذا الإطار رأى المحاضرون أن مشروع القانون المالي لسنة 2009 يندرج في إطار البرنامج الحكومي الذي صادقت عليه غرفتا البرلمان في أكتوبر 2007.. واعتبروا أنه يشكل مرحلة جديدة في سيرورة إقرار الأهداف التي اعتمدتها الحكومة طبقا لإطار مرجعي يتشكل أساسا من التوجهات الملكية المضمنة في الرسائل والخطب الملكية، والبرنامج الحكومي كما صادق عليه البرلمان، الذي يحدد الاختيارات الأساسية للسياسة الحكومية. وأوضحت المذكرة أن الاقتصاد المغربي أبان عن قدرته على المقاومة في ظل ظرفية غير مواتية متسمة بالخصوص بتوالي سنوات الجفاف والآثار السلبية للمواسم الفلاحية، وارتفاع أثمان المواد الأولية وخاصة البترول والمواد الغذائية في الأسواق الدولية، وتباطؤ النمو لدى الفرقاء الرئيسيين التجاريين المتعاملين معنا، وأبان أيضا عن قدرته على الاستفادة من السناحيات التي توفرها العولمة وانفتاح الأسواق. وأضافت أن السنوات العشر الأخيرة سجلت تقدما هاما في العديد من المجالات حيث توطدت نسبة النمو مع تنويع للموارد، مع بروز قطاعات جديدة تشكل قاطرات للنمو كالبريد ، والبناء والأشغال العمومية، والسياحة والنشاطات المالية والتأمين، وينتظر أن تبلغ هذه النسبة بالنسبة لسنة 2008 ما لا يقل عن 6.8%. والأهم من ذلك أن القطاعات غير الفلاحية سجلت نمو متواصلا، ففي سنة 2002 لم تكن تتجاوز هذه النسبة 3% بينما وصلت إلى أكثر من 6% في 2008، مع الاستمرار في التحكم في التضخم في أقل من 2% كمعدل. ويرى المحاضرون أن شروط تمويل الاقتصاد تحسنت بكيفية ملموسة، سواء على مستوى حجم الاعتمادات الممنوحة أو من حيث أسعار الفائدة المطبقة، خلال النصف الأول من سنة 2008، وأن حجم الاعتمادات الممنوحة للاقتصاد تنامى مقارنة مع الفترة نفسها من السنة السابقة بمبلغ 55.2 مليار درهم، وضمنها بالخصوص 23.2 مليار درهم للقطاع العقاري، و8.6 مليار درهم للتجهيز. وبخصوص الحسابات الخارجية أشارت مذكرة التجاري وفا بنك إلى أنه بالرغم من تفاقم عجز الميزان التجاري مع الحفاظ على فائض في الحساب الجاري لميزان الأداءات منذ 2001، فقد انتقلت الموجودات الخارجية من أقل من 40 مليار درهم إلى 222 مليار درهم في منتصف السنة الماضية، وتمثل ثمانية أشهر من استيرادات السلع والخدمات، كما تقلص جاري الدين العمومي الخارجي منتقلا من 180 مليار درهم إلى 120 مليار درهم تقريبا. وحصر عجز الخزينة في حدود نسبة مرجعية قدرها: 3% من الناتج الداخلي الإجمالي، مع تحقيق فائض لأول مرة في سنة 2007. وبخصوص سنة 2008، ترى أنه من المفروض أن يكون العجز أقل من %2.3 من المنتوج الداخلي الإجمالي بالرغم من ارتفاع تحملات المقاصة والكتلة الأجرية على إثر الحوار الاجتماعي. ومن بين الإنجازات المهمة التي تمكن الاقتصاد المغربي من تحقيقها تقليص نسبة استدانة الخزينة إلى 53.8 من المنتوج الداخلي الإجمالي، بعد أن كانت تتجاوز 66 في المائة. وأضافت المذكرة أنه بالموازاة مع ذلك عرفت المؤشرات الاجتماعية خلال الفترة نفسها تحسنا ملموسا بفضل التقليص من نسبة البطالة على المستوى الوطني من %13.9 إلى % 9.8 وفي الوسط الحضري من % 22 إلى % 15.3، ومن نسبة الفقر التي تم إرجاعها فيما بين 2001 و 2007 من 15,3 % إلى %9، وبفضل إرتفاع الدخل الفردي من 34514 درهم إلى 74821 درهم، وهو ارتفاع معدله السنوي بنسبة %6.1، الأمر الذي أتاح تقوية استهلاك الأسر الذي بات يعد عاملا للنمو. ومن المنتظر، حسب المحاضرين، أن تتواصل هذه الدينامية مع القانون المالي لسنة 2009 والذي يندرج في منظور ذي أمد متوسط ويعتمد على مجموعة من الفرضيات منها تحقيق نمو مضطرد حيث سينتقل من 5.8% في 2009 إلى 6.6 في 2012 ، والتقوية المستمرة لنسبة الاستثمار، التي من المفروض أن تتحدد في حوالي %35 في سنة 2009. كما ستتم متابعة مجهود الاستثمار العمومي ليبلغ عتبة 135.04 مليار درهم في سنة 2009 بتزايد نسبته %16.14 مقارنة مع سنة 2008. وخاصة، مصاريف الاستثمار للميزانية العامة التي من المفروض أن تتزايد بنسبة %25.2 ، حيث بلغ حجم الاستثمارات المعتمدة خلال النصف الأول من 2008 من قبل اللجنة الوزارية للاستثمار 16.1 مليار درهم، إضافة إلى مواصلة التحكم في التضخم الذي من المفروض أن تتراجع نسبته إلى %2.9، مع بقاء السعر المتوسط لثمن البترول في الأسواق الدولية في مستوى 100 دولار للبرميل وأسعار الغاز السائل في 800 دولار للطن.