ترقب تسريح 1600 عامل إسباني من مصنع «نيسان» ببرشلونة وهذه مأساة حسب الإسبان • إنهم يذكرون بتراجيديا شركة (Delphi) التي سرحت 1500 عامل إسباني بقاديس حينما فتحت وحدة إنتاجها بطنجة ألقت اليومية الاسبانية «البايس» حجرا كبيرا في مياه الاستثمارات الأجنبية في المغرب حينما نشرت خبرا قالت فيه إن شركة نيسان اليابانية قررت التخلي عن شراكتها مع شركة رونو فيما يتعلق ببناء معمل تركيب السيارات بناحية مدينة طنجة والذي كان موضع اتفاق بين الحكومة المغربية والشركتين معا. وردت اليومية الاسبانية سبب انسحاب نيسان من هذا المشروع على لسان ما وصفته بمصادر مقربة من شركة نيسان الى الأزمة العالمية التي تسببت في تراجع مبيعات نيسان من السيارات، وأضافت أن قرار الانسحاب اتخذته إدارة الشركة يوم الاثنين الماضي. ومتابعة لهذا الموضوع الذي يكتسي أهمية بالغة جدا لم تؤكد جميع المصادر التي دخلت على خط هذا الخبر صحة ودقة ما أوردته الصحيفة الاسبانية. فقد أكد الناطق الرسمي لشركة نيسان اليابانية في تصريح أوردته وكالة الأنباء الفرنسية قال فيه إن الشركة بصدد دراسة آجال إنجاز بعض مشاريعها في العالم بما في ذلك مشروعها بطنجة، وأكد أنه لحد الآن لم يتخذ أي قرار في هذا الصدد بشأن تسريح آلاف من عمال شركة نيسان بإسبانيا خلال الفصل الأول من سنة 2009، بيد أن مصدرا آخر هذه المرة قال إن الآجال التي حددت لانجاز المشروع كانت «طموحة ومتفائلة» وأن ذلك قد يقتضي إعادة النظر في هذه الآجال بالنظر الى الأزمة التي تضرب صناعة السيارات في العالم. من جهتها قالت السيدة زينب الجزولي المسؤولة عن قسم الاتصال التجاري بفرع شركة نيسان بالمغرب أن إنجاز المشروع قد يتأخر ببضعة شهور وأضافت بأنها لاتتوفر على معلومات دقيقة حول مدة التأخير بالتحديد. ومن جانب آخر أكد المتحدث باسم نيسان أوربا السيد لوران بورغات في تصريح أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء انخراط نيسان في المشروع الصناعي لطنحة، واصفا المعلومات المتعلقة بتخلي نيسان عن هذا المشروع بأنها مجرد مزايدات». وأكدت السيدة صوفي دوران المتحدثة باسم الشركة المصنعة لسيارة رونو الفرنسية. في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يوم الجمعة، أن مصنع طنجة يكتسي طابعا «استراتيجيا لتصنيع سيارات ذات تكلفة منخفضة» ومن جهته أوضح المتحدث باسم نيسان أوروبا، أن نيسان تعرف حاليا «دينامية للاستغلال الأمثل» لاستثماراتها في قطاعها الخاص بسيارة الخدمة. وأضاف أن المجموعة تدرس في هذا الإطار «عددا من الخيارات»، لكنها لاتستطيع، في هذه المرحلة، «توقع النتائج». وجدد المتحدثان التأكيد، بهذا الصدد، أن رونو نيسان والمملكة المغربية «يعملان سويا من أجل إيجاد أفضل الحلول لما فيه مصلحة الجميع» كما ذكرا بأن أشغال تهيئة ورش مصنع طنجة تتواصل بشكل طبيعي. من جهة أخرى نفى مسؤول حكومي مغربي رفيع المستوى في تصريح «للعلم» علم الحكومة المغربية رسميا بما تم الترويج له في هذا الصدد. وثمة معطى آخر يساهم بقوة في تجلي حقيقة ما بادرت إليه جريدة «البايس» الاسبانية ويكمن في أن شركة نيسان كانت قد قررت تخفيض عدد العاملين بوحدة انتاج سياراتها بإقليم كاطالونيا الاسباني بنحو 1600 عامل خلال الفصل الأول من سنة 2009، في ضوء مخطط إعادة هيكلة الشركة والذي تم انجازه خلال نهاية سنة 2008 وأن النقابات العمالية الاسبانية صعدت حملتها ضد إدارة الشركة مطالبة بالتخلي عن مشروع إقامة مصنع الانتاج بطنجة للحفاظ على اليد العاملة الاسبانية بمصنع كاطالونيا، ولضمان رفع الانتاج بها، لان إنشاء مصنع آخر بطنجة سيتسبب مباشرة في تخفيض الانتاج ببرشلونة حسب اعتقاد المسؤولين النقابيين الاسبان. وكانت النقابات قد أطرت خلال الاسابيع القليلة الماضية تظاهرات وصفت بالعنيفة أمام مقر الشركة ببرشلونة مما أجبر المسؤولين عن الشركة على فتح حوار مع هذه النقابات والتي طالب خلالها المسؤولون النقابيون بتحويل انتاج السيارات المرتقب من طنجة الى برشلونة، ولم تتوقف النقابات العمالية الإسبانية منذ أن وقعت السلطات المغربية اتفاقية بناء مصنع لإنتاج السيارات بطنجة قبل أكثر من سنة عن إثارة الانتباه إلى أن إنجاز هذا المشروع سيكون على حساب انتاج السيارات التابعة لنيسان في المنطقة الحرة في برشلونة ، وأن المشروع الجديد يكتسي خطورة بالغة على الاقتصاد الاسباني خصوصا وأن بعض الشركات الاسبانية العاملة في انتاج مواد مرتبطة بصناعة السيارات كانت قد زارت منطقة طنجة لإنشاء مشاريعها في عين المكان ليسهل عليها تزويد المصنع المقرر انشاؤه بالمواد التي يحتاجها في الانتاج وتعيد الأوساط النقابية الاسبانية التذكير بما تسميه مأساة مستخدمي (Delphi) بمنطقة قاديس الاسبانية حينما أعلنت هذه المجموعة في غشت 2007 عن إنشاء وحدة للانتاج تابعة لها بمنطقة طنجة وهذا ما كان قد تسبب في تسريح 1500 عامل بوحدة انتاجها بقاديس ، إلا أن أوساطا اقتصادية متخصصة كانت قد أوضحت أن إنشاء وحدة الانتاج بطنجة لم يكن السبب في تسريح 1500 عامل اسباني بقاديس بل السبب الرئيسي كان قد تمثل في انخفاض الطلب الأوربي عن الأسلاك التي كانت تنتجها وحدة قاديس. جميع هذه المعطيات تقدم الى الواجهة احتمال تدخل أوساط إسبانية للضغط على نيسان للتخلي عن مشروعها في منطقة طنحة لفائدة الحفاظ على كافة مواصفات مصنعها ببرشلونة خصوصا ما يتعلق بعدم تسريح 1600 عامل اسباني، وفي حال ثبوت هذا الاحتمال فإن يومية «البايس» - كما اعتادت ذلك دوما ستكون قامت بدور الذراع الاعلامي للأوساط الاسبانية الضاغطة.