سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هشاشة النظام البنكي في الجارة الشرقية تسهل حركة أموال الشبكات الجهادية: البنوك الجزائرية تعاني من تدخل السلطات والبيروقراطية وتعطيل تنفيذ الإجراءات الرقابية
تشكل المنظومة البنكية والمصرفية في الجارة الجزائر، نقطة ضعف كبرى بجسد المنظومة الأمنية، في ظل تمدد السوق الموازية، وتنامي حركة رؤوس الأموال عبر قنوات بعيدا عن رقابة أجهزة الدولة، ما يجعل توظيف رؤوس أموال التنظيمات المتطرفة أمرا سهلا. في هذا السياق، أدخل بريد الجزائر تدابير جديدة في عمليات تحويل الأموال بين المتعاملين، باشتراط معلومات حول المتلقي ومبررات صرف المبلغ المالي، وذلك في إطار إجراءات الرقابة على حركة رؤوس الأموال في هذا الجهاز، خاصة أن مرونة معاملاته جعلته محل انتقاد جهات أمنية واستخبارية. ونبهت مصالح الأمن الجزائري، إلى إمكانية توظيف التنظيمات الجهادية لمرونة الجهاز في حركة تمويل وتحويل رؤوس الأموال بين الخلايا الناشطة في هذا المجال، وهو ما قد يفسر الإجراءات الرقابية الأخيرة. وكان تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية في يونيو الماضي، وجه انتقادات لاذعة للمنظومة المصرفية في الجزائر، وحذر من إمكانية توظيف التنظيمات الجهادية لآليات عمل المصارف والبنوك المحلية، في إدارة رؤوس أموالها وتمويل عملياتها. وذكر التقرير أنه "رغم عضوية الجزائر في مجموعة العمل المالي، إلا أن النظام المصرفي لديها مازال متخلفا، ويقع تحت المراقبة المشددة من قبل السلطات، كما أن العمليات داخل النظام المصرفي تعاني من البيروقراطية". ورصد التقرير بناء على تقارير من أسماهم ب"شبكات المخبرين في جهاز الشرطة" معاملات نقدية وصفها ب"المشبوهة"، وذلك في إشارة إلى السوق الموازية التي تستقطب ما يعادل 30 مليار دولار، وأبرزها مساحات ومحال بيع وشراء العملات الصعبة، والتي تقدرها مصادر مالية غير رسمية بحوالي ثلاثة مليارات دولار. في هذا الصدد، يرى الخبير المالي فرحات آيت علي، أن الإجراءات الرقابية على حركة رؤوس الأموال في المصارف والبنوك، رغم أنها تزيد من الإدارة البيروقراطية ومتاعب الزبون، إلا أن فعاليتها في تجفيف المنابع المالية للجماعات الجهادية تبقى محدودة، كونها تعتمد الإجراء الإداري أكثر ما تعتمد الإجراء الاستخباري. وأضاف آيت علي "لا تكفي مساءلة الزبون عن مصدر الأموال أو مبرر الصرف، لأنه لا يمكن أن يدلي بالحقيقة، والأجدر بالمصارف والبنوك تفعيل عملها مع دائرة الاستخبارات المالية والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، دون اللجوء إلى إجراءات بيروقراطية تزيد من الضبابية وتكون بمثابة تحذير مسبق لأفراد الشبكات الناشطة في هذا المجال". ويرى مراقبون أن الحكومة الجزائرية وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، فهي من جهة مطالبة بتجفيف منابع تمويل الإرهاب، ومن جهة أخرى مطالبة باستقطاب الأموال الموازية والقضاء على الأسواق العشوائية، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية. وكانت الجزائر أصدرت تسهيلات لأصحاب رؤوس الأموال الموازية لدخول القنوات الرسمية للاقتصاد المحلي، وهو ما قد تستغله شبكات تبييض الأموال وتمويل الجماعات الجهادية، في شرعنة عملها وإبعاده عن الشبهات الأمنية. ويقول فرحات إن آليات كشف هوية ومصدر الأموال، غير ناجعة، واشتراط أن يكون مصدر رؤوس الأموال من غير تبييض الأموال وتمويل الإرهاب غير ممكن تجسيده، لأن الشبكات الناشطة في هذا المجال لا يمكن الكشف عنها إلا بالعمل الاستخباري المالي. وتشكل حركة رؤوس أموال الإرهاب، تحديا حقيقيا للسلطات، فالعمل الميداني في محاربة الإرهاب لا يمكن أن يعطي ثماره إلا بتجفيف تمويل وتنقل حركة رؤوس الأموال بين شبكات الإرهاب والتهريب.