تابع الملاحظون السياسيون باهتمام بالغ الاستفتاء الذي عرفته بريطانيا والخاص بخروج هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي والذي أكده المواطنون بنسبة 52 في المائة من مجموع الناخبين. ويتساءل المراقبون عن التبعات الاقتصادية والسياسية لخروج المملكة المتحدة هذا، وعن طبيعة التحالفات الجديدة التي يمكن أن تتم عقب هذا الخروج. ومن بين المهتمين يأتي المغرب الذي تربطه علاقات متينة بالاتحاد الأوروبي، وهي العلاقات التي شهدت في الأشهر الأخيرة مدا وجزرا خصوصا بعد قرار محكمة الاتحاد التي قضت فيه بإلغائه متدرعة بتضمنه للمناطق الجنوبية التي اعتبرتها المحكمة منطقة مازالت موضوع نزاع في الأممالمتحدة. بينما اعتبر المغرب أن قرار المحكمة قرارا سياسيا، وليس قراراً قضائيا: هذه الوضعية جعلت المغرب يبحث عن شركاء اقتصاديين جدد حيث توجه إلى روسيا والصين قبل قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي حضرها جلالة الملك والتي نبهت إلى الآفاق التي يمكن أن تفتح للمغرب. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي يمكن أن يفتح آفاق جديدة للتعاون المباشر مع المغرب والذي كان يتم من خلال الاتحاد الأوربي، إلا أن هذه الآفاق ليست سهلة رغم أنها واعدة، فبريطانيا خارجة من الاتحاد، وهي معولة على حلفائها التقليديين من دول الكومنويلث. والمغرب ليس من أولوياتها لذلك على الجانب المغربي الانتباه إلى هذه الحيثية لتجاوزها واستغلال هذه الفجوة لفتح آفاق شتى اقتصادية مع المملكة المتحدة، ويشير الملاحظون إلى أن المغرب ليس له ما يخيفه من هذا الخروج. وتشير الاحصائيات الى أن صادرات المغرب لبريطانيا تصل إلى 6,01 مليار درهم أي ما يعادل 550 مليون يورو سنة 2015 والواردات 8 مليار درهم أن هذه المبادلات لصالح بريطانيا. كما أن خروج المملكة المتحدة لم يكن له أي تأثير على المؤشرات المالية. إلا أن المبادلات المغربية ستتأثر حتما لأنها ستصبح بالجنيه الاسترليني الذي سيعرف انخفاضا مقارنة مع اليورو والدولار الأمريكي، ونحن نعرف أن قيمة الدرهم المغربي تحدد بالقياس إلى اليورو. ومن دون شك أن خروج بريطانيا سيفتح فترة من الاضطراب بأوروبا يمثل 65 في المائة من المعاملات التجارية المغربية، وأيضا الزبناء من السياح. المغرب مدعو لينظر في هذه الآفاق سواء الايجابية أو السلبية لجعلها في صالحه مع العلم أن عائدات المساعدات الأوروبية للمغرب ستنخفض، ولن يكون المغرب هو الوحيد بل هناك دول أخرى وهي تونس والأردن والسلطة الفلسطينية.