تمر العلاقات الجزائريةالعراقية، بأزمة دبلوماسية صامتة على خلفية حالة الاستياء التي خلفتها نوايا رسمية في بغداد لتفعيل المذهب الشيعي في الجزائر. واستدعت الحكومة الجزائرية السفير العراقي حامد محمد الحسين احتجاجا على مساعي بلاده الهادفة إلى تشييع الجزائريين بعد الإعلان عن تسهيلات استثنائية لزيارة الأماكن المقدسة في العراق. وقال وزير الأوقاف الجزائر، محمد عيسى إنه "سيعقد لقاء مع السفير حامد محمد الحسين لبحث الخطوة العراقية المريبة"، معربا عن أمله في أن "تلتزم البعثات الدبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة بروح الدستور ونصوص القانون". وأعلن في تصريح لوسائل إعلام محلية، على هامش أشغال البرلمان، عن اتخاذ تدابير جديدة في شكل قوانين لحماية الجزائريين من التطرف الديني ومعاقبة المتورطين قضائيا لحماية المرجعية الإسلامية التي نص عليها الدستور. ورفض عيسى التعليق على منشور السفارة العراقية إلى حين الاستماع إلى وجهة نظر سفير العراق، وقال "ليس لدي أي تعليق على ما نشرته السفارة العراقية قبل أيام، إلا بعد أن ألتقي بالسفير وأفهم بالضبط ما الذي حصل ولماذا". وكانت السفارة العراقية في الجزائر، قد سحبت المنشور الذي بثته على موقعها الرسمي، بعد حملة الانتقادات التي طالتها من طرف جهات سياسية ودينية، واعتبرت ذلك مساسا بالأمن الديني والفكري للشعب الجزائري خاصة في ظل تنامي النشاط الشيعي خلال السنوات الأخيرة، بدعم من جهات شبه رسمية وجمعيات. وتتحدث مصادر عن دخول سفارتي العراقوإيران منذ سنوات، على خط تنشيط وتفعيل المذهب الشيعي في الجزائر، مستفيدة في ذلك من الجذور الصوفية للجزائريين. وكانت إيران قد عينت في وقت سابق الدبلوماسي والخبير الاستراتيجي أمير موساوي، كملحق ثقافي في السفارة الإيرانية في الجزائر بغية تفعيل وتنصيب خلايا شيعية في الجزائر. وتشير مصادر مطلعة، إلى أن عرابي المذهب الشيعي في بغداد وطهران يراهنون على نقل معركة كسر العظم مع المذهب السني إلى منطقة شمال أفريقيا والجزائر تحديدا، من أجل محاصرة ما تراه تمددا غير مسبوق للتيارات السلفية في المنطقة. ووجهت وزارة الشؤون الدينية الجزائرية طلباً إلى مسؤولي السفارة العراقية، لعقد اجتماع «طارئ» بسبب الخلاف الناشئ بين البلدين، منذ إعلان سفارة بغداد عن تسهيلات استثنائية لزيارة الأماكن الدينية في العراق بينها مزارات الشيعة في كربلاء والنجف. وبعدما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية السفير العراقي للاحتجاج على مضمون الإعلان. وأعلنت الحكومة الجزائرية رفضها الإعلان الصادر على موقع السفارة العراقية في الجزائر، الذي سُحب في ما بعد، بفعل ردود الفعل الغاضبة من جزائريين ومنظمات دينية. وأعرب الوزير الجزائري عن أمله في أن «تلتزم البعثات الديبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة بروح الدستور ونصوص القانون». والسفارة العراقية هي الثانية التي تلمح إليها السلطات الجزائرية حول ملف «المرجعية الدينية» بعد سفارة إيران، وأعلن وزير الأوقاف عن اتخاذ تدابير جديدة في شكل قوانين لحماية الجزائريين من التطرف الديني ومعاقبة المتورطين قضائياً لحماية المرجعية الإسلامية التي نصّ عليها الدستور. وكانت الممثلية الدبلوماسية العراقية فاجأت الجزائريين بإعلانها في بيان نشرته الأربعاء الماضي عن تسهيلات استثنائية للراغبين في الذهاب إلى مزارات الشيعة في النجف وكربلاء، وفتح بوابة إلكترونية ومكتباً خاصين لمنح تأشيرات سفر للجزائريين الراغبين في القيام بزيارات دينية إلى العراق. وجاء في بيان السفارة: «تعلن سفارة جمهورية العراق في الجزائر للأشقاء الجزائريين من الشيعة أو الراغبين في التشيّع، عن إمكان التقدم لغرض الحصول على سمة الدخول إلى الأراضي العراقية لأغراض الزيارات الدينية». وأثار البيان موجة غضب واسعة في الجزائر حيث شن نشطاء ومدونون وجمعيات أهلية وسلفيون حملة وطنية وصلت إلى حد المطالبة بطرد السفير العراقي من الجزائر. وطلبت الحكومة الجزائرية منذ نصف شهر تقريباً من رجال دين وأئمة «الانتباه لخطر التشيع» انسجاماً مع خطاب وزارة الشؤون الدينية، الذي تجدد على لسان وزيرها. وعُلم أن الطلب وجّه شفهياً لمكتب الإفتاء في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. واتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى، لدى افتتاح دورة إعدادية موجهة للأئمة المعنيين بتنظيم موسم الحج المقبل، أطرافاً أجنبية بالتشويش على الجزائر، «من خلال سعيها إلى نشر فكرة الطائفية، وتقوية حركات التشيع، خاصة على مستوى المناطق الحدودية الشرقية والغربية».