الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وموجة برد مرتقبة من السبت إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    طنجة: توقيف 55 مرشحا للهجرة غير النظامية وحجز أربعة زوارق مطاطية    استعدادا لرحيل أمانديس.. مجلس مجموعة الجماعات الترابية طنجة-تطوان-الحسيمة للتوزيع يعقد دورة استثنائية    سيارات اجرة تطارد سيارة "تطبيقات" بطريقة هوليودية بالرباط (فيديو)    "جبهة دعم فلسطين": احتجاجات مناهضي التطبيع تتعرض لتجريم عملي وإدانة 13 ناشطا بسلا "سياسية"    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    الخطوط الأذربيجانية تعل ق رحلاتها إلى سبع مدن روسية بعد حادث تحطم الطائرة    منظة تكشف عدد وفيات المهاجرين بين طنجة وإسبانيا خلال 2024    "الاتحاديات" يطالبن بقانون أسرة واضح يحمي القاصرات ويؤكد الخبرة الجينية    بقنبلة زُرعت في وسادته.. إسرائيل تكشف تفصيل عملية اغتيال إسماعيل هنية    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    رفض دفوع الناصري وبعيوي يثير غضب المحامين والهيئة تستمع للمتهمين    صديقة خديجة الصديقي تعلن العثور على والد هشام    هل يُجدد لقاء لمجرد بهاني شاكر التعاون بينهما؟    بلغ 4082 طنا.. جمعية تشيد بزيادة إنتاج القنب الهندي المقنن    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ألمانيا: حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    معارض جزائري ل "رسالة 24 ": الاحتقان الرقمي مقدمة لإمكانية وقوع انفجار اجتماعي في المستقبل وعودة الحراك السياسي إلى الشارع الجزائري    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    تقرير أمريكي: المغاربة أكثر الشعوب تعايشا وتسامحا في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد قرن... سايس بيكو ثانية لتمزيق الممزق: الشرق الأوسط الجديد لفرض النظام الإمبراطوري العالمي بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 03 - 06 - 2016

منذ حوالي 100 سنة سعى ويسعى الإستعمار الغربي وحليفه الصهيوني أساسا ومن ورائه قوى أخرى أن يزرع في الأذهان وخاصة العربية أن إتفاقية سايس بيكو الموقعة سنة 2016 صنعت دولا لم تكن موجودة ولهذا السبب تعاني المنطقة من عدم إستقرار وأنه من الحكمة إعادة رسم حدود لدول جديدة وليس العودة إلى الجذور التاريخية لأقطار المنطقة.
هذه المقولة تخلط الأوضاع وتغالط الحقائق، فإتفاقية سايس بيكو نصت على تمزيق كيانين قائمين منذ فجر التاريخ هما بلاد الرافدين أي العراق وبلاد الشام اللذان كانا في وضعية متماسكة نسبيا في ظل الحكم العثماني، ولم تقتصر الإتفاقية على تقسيم هذين الكيانين وشرذمتهما بل اسفرت عن إنتزاع أراض منهما وضمها إلى دول كإيران كما هو الشأن مع عربستان وتركيا التي ضمت قضاء الإسكندرونة.
وبعد سنة من إبرام اتفاق سايكس بيكو تم توقيع وعد بلفور. البريطانيون اعترفوا بالمؤسسات الصهيونية كممثلة لمصالح الشعب اليهودي في ارض فلسطين. حاييم وايزمن واللورد روتشيلد قادا بمهارة السياسة الداخلية في بريطانيا ونظما الرعاية البريطانية. بن غوريون وقيادة الحاضرات قرأوا جيدا خريطة ميزان القوى وحصلوا على التأييد الدولي عن طريق الامم المتحدة حول حدود التقسيم. وفي السياق ايضا حول حدود ال 1948 وال 1967.
الحديث يتركز على سايس بيكو 1916 التي مزقت بلاد الرافدين والشام، والحقيقة التي قد يتم نسيانها هو أن عملية التمزيق تمت في غرب المنطقة الشرق أوسطية قبل وبعد مشروع العقد الفرنسي البريطاني. قام الإستعمار الفرنسي والإسباني والبرتغالي بتمزيق وحدة المغرب العربي على مراحل إسبانيا تقاسمت المملكة المغربية، منطقة الشمال منحت لمدريد والوسط وضع بيد الحكم الفرنسي تحت غطاء الحماية، والصحراء التي سموها بالغربية تحولت إلى أرض تابعة لإسبانيا والجنوب الموريتاني أصبح مستعمرة فرنسية. أراضي اقتطعت من المغرب وضمت إلى مستعمرات فرنسية في منطقة الشمال الأفريقي والساحل. الجزائر لم تتعرض لنفس الدرجة من التقسيم لأن باريس إعتبرتها جزء من أراضي الجمهورية. ليبيا تم تمزيقها من الجنوب وبلاد وادي النيل التي ظلت طوال آلاف السنين موحدة، قسمت وجاء في وقت لاحق الدور على السودان وإقتطعت أوغادن من الصومال والعملية متواصلة.
كتب المؤرخ ران ايدليست المحلل الصهيوني في صحيفة معاريف: قبل مئة سنة، في مايو 1916، قسّم شخصين، فرنسي وبريطاني، بقايا الامبراطورية العثمانية التي انهارت في الحرب العالمية الاولى. تقسيم الشرق الاوسط حسب كتاب جيمس بار "خط الرمال" تم بشكل أقل رسمية من النقاش في اللجنة القطرية لبنيامينا.
مارك سايكس الذي أدار المفاوضات في حينه أمام المبعوث الفرنسي شارل بيكو، التقى مع القيادة البريطانية ومنها اللورد جيمس بلفور. بروتوكول تلك الجلسة يوضح بالضبط كيف تدحرجت الفوضى الحالية. "ما هو الاتفاق الذي ترغب في التوصل اليه مع الفرنسيين؟"، سأل بلفور، "أنا أريد أن احافظ على المنطقة جنوب حيفا"، قال سايكس وهو يشير الى الخريطة. "وما الذي تريد أن تعطيه للفرنسيين؟"، تساءل اللورد. سايكس وضع اصبعه على الخريطة "أريد مد خط من الحرف الاخير لعكا حتى الحرف الاخير لكركوك"، قال وحرك اصبعه بخط مستقيم من هنا الى هناك.
هكذا وبخط مستقيم قسم سايكس وبيكو الشرق الاوسط. فرنسا حصلت على لبنان وسوريا والجليل الاعلى وحصلت بريطانيا على الاردن والعراق والخليج العربي والضفة الشرقية وارض ما أصبح لاحقا اسرائيل.
ما لم يذكره المؤرخ ران ايدليست أنه داخل هذه الخرائط الجديدة قام الفرنسيون والبريطانيون ومن ورائهم الحركة الصهيونية العالمية بزرع بؤر التوتر والنزاعات بين مكونات سكان مناطق الإحتلال بأساليب مختلفة مما سهل تنفيذ مشروع من الفوضى الخلاقة التي كانت تجربته مختلفة إلى حد ما عن نسختها الجديدة التي وضعها المحافظون الجدد عقودا بعد ذلك التاريخ والتي تهدف إلى زيادة تشرذم وتمزيق الأقطار التي ولدت من إتفاقية سايس بيكو.
حاولت العديد من القوى والقيادات في منطقتي العراق والشام إفشال عملية التمزيق وإعادة الوحدة فقامت ثورات وحروب ولكنها تعرضت للهزيمة على يد القوى الإستعمارية، ومع مطلع عقدي الخمسينيات والسنوات اللاحقة جرت جهود متجددة لإعادة الوحدة ولكنها تعرضت للتصفية من طرف نفس القوى التي صنعت سايس بيكو.
يوم 14 مايو 1948، التاريخ الذي تم فيه الإعلان عن قيام "دولة إسرائيل" على أرض فلسطين أكد ديفيد بن غوريون زعيم الكيان الصهيوني الجديد، أن أمن إسرائيل يتحقق فقط عندما تكون إسرائيل أقوى عسكريا من أي تحالف عربي محتمل. وباتت هذه الرؤية عقيدة إسرائيل الأمنية لعقود. غير أن العديد من الاستراتيجيين الصهاينة رأوا لاحقا أن هذه النظرية وحدها لا تكفي لضمان أمن إسرائيل، وأن ضمان هذا الأمن، واستقرار الكيان وقوته وتماسكه مرهون بانهيار المجتمعات العربية وضعفها وتمزقها.
دراسات عديدة لمختلف الأجهزة الإسرائيلية أشارت إلى أن الوضعية التي خلقتها إتفاقية سايكس بيكو، لم تكن كافية لا لضمان هيمنة إسرائيل ولا لتأمين تحكم الغرب في هذه المنطقة الإستراتيجية الأساسية من العالم إقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وإنه يجب العمل على إعادة رسم الحدود في المنطقة الممتدة من باكستان وأفغانستان شرقا مرورا بسوريا ومصر وحتى سواحل المحيط الأطلسي غربا.
في فبراير 2011 نشر الكاتب الاميركي "مايكل كولينز بايبر" مقالاً في موقع أميركان فري برس اشار فيه إلى بحث نشرته دورية المنظمة الصهيونية العالمية المعروفة "كيفونيم" بقلم الصحفي الاسرائيلي "عوديد ينون" المعروف بعلاقاته الوثيقة بالخارجية الإسرائيلية وأجهزة إتخاذ القرارات في الدولة العبرية، دعا فيه بوضوح إلى نشر الفوضى في العالم العربي، وإحداث انقسام فيها من الداخل إلى درجة تصل إلى "بلقنة" مختلف الدول العربية وتجزئتها إلى جيوب طائفية. هذا كان تردادا لذات الأجندة التي طرحها البرفسور الإسرائيلي "إسرائيل شاحاك" وهدفها تحويل إسرائيل إلى قوة عالمية من خلال نشر الفوضى في الدول العربية وبالتالي إعداد المسرح في الشرق الأوسط للهيمنة الإسرائيلية.
كيانات جديدة متعددة
يوم 29 سبتمبر 2013 نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا استراتيجيا يتضمن تقسيم بعض دول المنطقة العربية وعلى رأسها سوريا وليبيا والعربية السعودية الى عدة كيانات وتحمل مثل هذه الدراسات في العمق الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط، إذ كانت دراسات سابقة تشير الى تقسيم السودان وهو ما حدث.
وتبرز الخريطة جيوسياسية الجديدة التي نشرتها نيويورك تايمز خمس دول بالشرق الأوسط وقد قسمت إلى 14 دولة جديدة، وذلك تحت تبرير ما سمته النزاعات الطائفية والسياسية الدائرة.
وتناول محلل الصحيفة روبرت رايت سوريا بالأساس بسبب الحرب التي تعيشها، معتبرا أن الحرب هناك مدمرة للغاية وتشكل نقطة تحول استراتيجي. وفي هذا الصدد، يرى أن تقسيم البلاد الى ثلاثة دويلات، وهي الدولة العلوية المطلة على الساحل بزعامة آل الأسد. واعتمادا على العامل الإثني فالدولة الثانية هي كردستان السورية التي بإمكانها الانفصال والاندماج مع أكراد العراق في نهاية المطاف، أما الثالثة فهي الدولة السنية التي بإمكانها الانفصال ومن ثم الاتحاد مع محافظات في العراق.
ورمز التقرير التحليل على المملكة العربية السعودية، كثاني الدول التي يمكن تقسيمها إلى 5 دويلات وتضم: السعودية الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية، والدولة الوهابية، مدعيا بأن "السعودية تواجه انقسامات داخلية وصراعات أجيال.
أما عن ثالث الدول، فهي ليبيا التي قسمتها الصحيفة الأمريكية، إلى دويلتين هما طرابلس وبرقة، ومن الممكن أن تصبح ثلاثة بانضمام دولة فزان في الجنوب الغربي، وذلك نتيجة الإدعاء بوجود نزاعات قبلية وإقليمية.
ولم يستثن تقرير نيويورك تايمز دولة العراق التي تعيش توترات سياسية منذ عشر سنوات دون أن يذكر أن سبب ذلك هو الغزو والإحتلال الأمريكي لسنة 2003، إذ يمكن أن ينشئ أكراد العراق وحدة مع أكراد سورا وتنضم العديد من المناطق المركزية التي يسيطر عليها السنة إلى السنة في سوريا، بينما تظهر في جنوب البلاد دولة شيعية.
ويرى محلل نيويورك تايمز أن اليمن قد تنقسم مجددا كما كانت في الماضي وبل ويمكن لجنوب البلاد أن ينضم الى دولة مجاورة تنبثق عن تفتيت المملكة السعودية.
وينتهي رايت الى نتيجة أساسية وهي أن "رسم خريطة مختلفة سيكون تغييرا استراتيجيا في اللعبة للجميع، ومن المحتمل أن يكون التقسيم الجديد هو إعادة تشكيل التحالفات والتحديات الأمنية وتدفق التجارة والطاقة لجزء كبير من العالم".
هذه المؤامرة مستمدة من تصورات بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية التي تضع تصورات وتعمل عليها لسنوات طويلة وبل ولعقود لتحقيقها. ومن أبرز الأمثلة أنه كانت هناك دراسات استراتيجية في الولايات المتحدة إبان السبعينات تشير الى ضرورة تقسيم السودان، وهو ما حصل بعد مرور ثلاثة عقود.
مخطط البنتاغون
تزامنا تقريبا مع تقرير صحيفة النيويورك تايمز، كشفت دراسة امريكية تم تسريب بعض محتوياتها من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" النقاب عن مخطط امريكي لتقسيم المنطقة العربية وذلك في إطار مشروع ما يسمى "الشرق الأوسط الجديد".
وشملت الدراسة التي أشرفت عليها 4 وحدات بحث ضمت 120 خبيرا استراتيجيا سياسيا وعسكريا بعضهم حصلوا حديثا على الجنسية الأمريكية، عددا من المقترحات والسيناريوهات المفترض تطبيقها مرحليا إلى حين تحقيق الهدف.
وصنفت الدراسة الجيش السوري والجيش المصري والجيش السعودي والجيش الباكستاني كأقوى الجيوش التي تمتلك أكبر ترسانة أسلحة وقدرات عسكرية بعد الجيش العراقي الذي تمت تصفيته سنة 2003.
وفي بحث يتالف من 432 صفحة أشارت الدراسة إلى كيفية تفتيت تلك الجيوش تمهيدا للسيطرة على بلدانها في خطوة لاحقة، وذلك بتحييد الجيش الباكستاني عن طريق إغراقه في نزاعات داخلية أو مع دول الجوار الهند وإيران بينما ذكر أن الجيش السوري استنزف بشكل كبير سنة 2013 ولم يعد يشكل تهديدا لجيرانه. وأشارت الدراسة أيضا إلى الأسلوب الذي يمكن إتباعه لتفتيت الجيش المصري وذلك بافتعال دخوله في مواجهة مع شعبه وزيادة الضغط عليه من طرف الجماعات المسلحة سواء في سيناء أو الصحراء الغربية مع ليبيا مع إحتمال نشوب حرب مفتوحة مع اثيوبيا بسبب الخلاف على مياه النيل بما سيفتته في أقل من 10 أشهر.
ووضعت الدراسة في هذا الصدد أكثر من 69 سيناريو متوقعا لمواجهة شعوب المنطقة على مدار فترات متلاحقة قبل تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات وولايات صغيرة.
وتشير الدراسة إلى أسماء شخصيات سياسية وعسكرية ورجال أعمال وجماعات ضغط محددة موثوق بها داخل الخليج ومصر وسوريا تحديدا تقوم واشنطن بمساعدتها بطرق مباشرة وغير مباشرة لتحقيق الهدف.
ووصفت الدراسة المرحلة الراهنة للمنطقة العربية بأنها الأنسب للهجوم في ظل تخمة شديدة من المشاكل لبعض الدول وانشغال بعضها في صراعات داخلية أو خارجية.
ووضعت الدراسة توقعات لردة الفعل حال تقسيم العالم العربي إلى دويلات منها الدولة الكردية والعلوية والدرزية ومناطق للمسيحيين والولايات الشيعية على اختلاف طوائفها، كما توقعت أكثر من سيناريو لوضع الكعبة والمسجد النبوي وردة الفعل العاطفية تجاههما من الشعب التركي والأندونيسي والباكستاني وغيرهم.
واحتوت الدراسة طرق تخدير الشعوب بشعارات الربيع العربي والثورات والغزو الإعلامي عن طريق أكثر من 38 قناة مرئية ومسموعة غير مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعتمد المخطط القادم في تمويله على الاستنزافات التي ستدفع من بعض الدول ضد بعضها البعض وأرصدة الدول المجمدة التي انتهى زعماؤها أو رجال أعمالها إضافة إلى الميزانيات الافتراضية الموضوعة سلفا.
سلوك امبراطورية
سلوك وسياسات واشنطن تجاه منطقة الشرق الأوسط تمليها سلوكات الإمبراطوريات التي تحاول أن تظل في قمة السلطة والقوة وقد سبقتها في ذلك وخلال القرون الثلاثة الماضية بريطانيا وفرنسا.
أصدر كلود جوليان رئيس تحرير صحيفة لوموند دبلوماتيك الفرنسية سابقا كتابا بعنوان "الامبراطورية الامريكية" جاء فيه:
ليس للولايات المتحدة مستعمرات، وما من خارطة سياسية تبين حدود الإمبراطورية الأمريكية، ومع ذلك فإنها ترهق بكاهلها شعوب البسيطة... في أمريكا اللاتينية وكندا، وآسيا الجنوبية الشرقية وأوروبا والوطن العربي. بلد لا يمثل سكانه سوى واحد من عشرين من سكان الكرة الأرضية، ويستحوذ مع ذلك على نصف مواد العالم الأولية، ويحدد أسعارها وفقا لمصالحه الأنانية، فيحكم بالتالي على الأمم بالبقاء راسفة في حياة التخلف والتبعية. كيف أمكن لمثل هذا البلد أن يجد من يدعوه ببلد الديمقراطية والحرية؟ كيف توفرت له الفرص لكي يلقي بملايين من البشر في حالة البؤس والعسف والخراب؟ كيف قامت هذه الإمبراطورية؟.
في القسم الأول من الكتاب، يبسط المؤلف تاريخ هذه الإمبراطورية، منذ الحرب الأسبانية الأمريكية عام 1898، وحتى يومنا هذا، من روزفلت إلى جونسون. وفي القسم الثاني يتحدث عن مختلف أشكال الإستعمار الأمريكي، الإقتصادي والسياسي والعسكري والثقافي، كما يكتشف السر عن دور المخابرات المركزية في تنفيذ المخططات، ويقص علينا الكثير من أدوارها، ويفضح العديد من الأكاذيب التي ينشرها دعاتها. وفي النهاية يتساءل عن مصير ومستقبل هذه الإمبراطورية، التي تنكر على جميع البشر شغفهم بالحرية ورغبتهم المشروعة في إستثمار خيرات بلادهم بأنفسهم، وتعمل في نفس الوقت على إستبعادهم.
من جانبه يقول الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط مارك وولترز بخصوص ما يسمى بمبادرات الإصلاح ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان الصادرة عن واشنطن: من حيث الشكل، تبدو المبادرات إيجابية، لكن من الصعب أن نصدق إلى أن يتم توفير التمويل الذي يغطي كل هذه المشاريع وأن تكون هناك نية حقيقية لتنفيذها.
ومن المعروف ان امريكا تنفذ في اي مبادرة الجانب الأمني الذي يمسها وتضرب بعرض الحائط كل البنود الاخرى، فلم يكن يوما همها انعاش دول او العيش بسلام او حقوق الانسان وانما كان الهدف بالشكل ايجابيا وبالتنفيذ مشروطا بالمصالح والمصالح الامريكية فقط.
هناك العديد من الأوروبيين يشكون في أن الولايات المتحدة ليست جادة في مشروعها الديمقراطي، ولو أنها كانت كذلك، لسارعت قبل أي شيئ آخر إلى إغلاق ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي من دونه لا استقرار ولا أمن في المنطقة. ويعتقدون أن برنامج واشنطن الحقيقي هو احتلال الشرق الأوسط الكبير لا تحريره. والهدف النهائي هو السيطرة المطلقة على نفطه.
والأهم، أن هؤلاء الأوروبيين تساورهم الشكوك في أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي، هو في حقيقته مخطط كبير لتحويل منطقة الاستهلاك الرئيسية لأوروبا إلى منطقة عسكرية سياسية أمريكية متقدمة تحيط بها من كل جانب وتحاصرها من كل ناحية.
هذا بالطبع في إطار اللعبة الكبرى التي تحدث عنها مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغنيو بريجينسكي والتي تهدف إحكام القبضة على قارة "أورآسيا" برمتها عبر السيطرة على الشرق الأوسط.
قسم حتى تحكم
سنة 2015 صدر كتاب للباحث الإيطالي في جامعة نابولي للدراسات الشرقية "باولو سنسيني" حمل عنوان "قسم حتى تحكم" : استراتيجية الفوضى في القرن الواحد والعشرين لمنطقة الشرق الأوسط.
إن الاستراتيجية الجديدة في السياسة الخارجية لواشنطن التي قامت الولايات المتحدة على تطبيقها للمرة الاولى بشكل واضح وجلي بعد أحداث 11 من سبتمبر عام 2001، تعود بداياتها حسب التقديرات التاريخية إلى نهايات عام 1992، عندما أقدم وزير الدفاع الأمريكي ريتشارد بروس تشيني المعروف بديك تشيني بتكليف بول ولفويتس الذي كان حينها الرجل الثالث في البنتاغون وكذلك كاتبه ارفينغ لويس ليبي الملقب بإسم سكوتر، بالإشراف المباشر على إعداد وصياغة برنامج جديد في استراتيجية الدفاع للولايات المتحدة تتخذه الدولة مرجعية عمل للأعوام 1994 – 1999. هذه الوثيقة التي عرفت تحت اسم "مخطط قيادة العالم"، سرعان ما عرفت أيضا بإسم "نظرية ولفويتس"، وقد تعرضت هذه التصورات والأفكار إلى نقد لاذع في العام ذاته الذي تسربت فيه أي عام 1992 من صحيفتي نيويورك تاميز وواشنطن بوست.
هذه النظرية التي ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وضعت أسسا وقواعد مشتركة في إستراتيجية الدفاع عن المصالح الأمريكية والمصالح الدولية للصهيونية من خلال برنامج مشترك يهدف في الدرجة الأولى كما يقول ولفويتس: إلى الوقاية من ظهور منافس جديد على جغرافية الاتحاد السوفيتي المتفكك أو في موقع جغرافي آخر، قادر على بناء تهديد مماثل لذلك التهديد الذي تمثل بالاتحاد السوفيتي قبل تفككه. وهذا يلزم الولايات المتحدة في أن تظهر بمظهر القائد الوحيد القادر على تحديد وصياغة "النظام العالمي الجديد"، مقنعة بذلك المنافسين المحتملين لها بأن لا يتخذوا أدوارا رئيسية ومهمة وان لا يعتمدوا مواقف عدائية في الدفاع عن مصالحهم المشروعة. فتكون الولايات المتحدة بهذا التصور كما يقول زبغنيو بري جينسكي المفكر الإستراتيجي ومستشار الأمن القومي لدى الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بين عامي 1977 و1981 والذي عمل مستشارا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، قادرة على تبوؤ الموقع القيادي للعالم في أربعة حقول استراتيجية: الحقل العسكري الذي تحتل فيه موقع الهيمنة المطلقة على العالم غير المعترض عليها، والحقل الاقتصادي عبر هيمنة السوق الأمريكية على حركة الأسواق باستثناء طفيف في بعض أنشطته التي يظهر فيها تفوق الاقتصادين الياباني والألماني اللذين لا يتفوقان البتة كدول في الحقول الثلاثة الرئيسية الأخرى التي قد تدفع بهما الى اتخاذ مسالك الادعاء في كونهما من الدول العظمى، يلاحظ أنه تم تجاهل الصين رغم أنها أصبحت متفوقة لاحقا على الولايات المتحدة في العديد من الميادين، والحقل الثالث أي الحقل التكنولوجي فالولايات المتحدة تحتل فيه موقع الصدارة وخاصة في أنشطة الاختراعات التكنولوجية، أما الحقل الرابع استراتيجيا فهو الحقل الثقافي الذي يتميز فيه النموذج الأمريكي بالتفرد الكامل حيث أصبح محطة جذب للأجيال الشابة في كل بقاع العالم.
هذا التفوق يمنح الولايات المتحدة ثقلا سياسيا لا مثيل له حيث أن بقاء الولايات المتحدة في موقع الصدارة في هذه الحقول الرئيسة الأربعة يجعلها القوة العظمى المتنفذة في العالم والتي يصعب التماثل معها أو مشاطرتها مركز القيادة. فالأخذ بهذه المسلمات يجعل من الولايات المتحدة مدركة لما تتمتع به من هيمنة مطلقة على عالم اليوم ويلزمها أن تأخذ بما رسمه لها بول ولفويتس من استراتيجية في السلوك الخاص في عمل السياسة الخارجية أي أن تلزم نفسها باتخاذ القرارات انفراديا وأن تمارس أنشطة أكثر تصلبا وعنفا وأن تحتل دور "الشرطي الدولي" في التدخل المباشر وفي إدارة الصراعات الإقليمية. فالتصور الذي يجعل "النظام الدولي الجديد" قائما ومرتكزا على الولايات المتحدة دون غيرها يجعل في تأكيده واقناع الآخرين به سببا ومصدرا للاستقرار الدولي ففي منطقة الشرق الاوسط. كما يقول التقرير: "نحن نعمل على رعاية الاستقرار الدولي ونعمل على منع أي اعتداء يهدف الإضرار بأصدقائنا أو بمصالح الولايات المتحدة ومن واجبنا القيام بحماية المواطنين والثروة الأمريكية من خلال ضمان سلامة النقل الجوي والبحري الدوليين وضمان تدفق النفط من منطقة الشرق الأوسط والخليج. كما تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية حماية إسرائيل وضمان أمنها الحدودي الذي يعد ضرورة أساسية في بقاء واستمرارية هذه الدولة". وقد عملت مجلة "فورين أفيرز" التابعة لمركز البحوث "سي إف إر" في صيف عام 1993 على تأكيد هذا التصور الاستراتيجي من خلال نشرها مقالا للباحث في العلوم السياسية صامويل هنتنجتون، تحت عنوان "صراع الحضارات". فعصارة هذا البحث تتركز في قوله إنه من المؤسف حقا أن نصل الى نهاية الحرب الباردة بين الدول. لكن ذلك لا يعني مطلقا أن نتناسى وجود صراعات أخرى ذات طابع ثقافي تنتظر الحل النهائي لها كالصراع بين الإسلام بعمقه الآسيوي والغرب صاحب الهوية الثقافية ذات البعدين اليهودي والمسيحي. إن توقعات صامويل هنتنجتون الذي انضم في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم إلى فريق من الباحثين كلفوا تحت إشراف مكتب أبحاث "البيرت وولستر" بكتابة تقرير عرف باسم «ردع التميز العرقي والعنصري" الذي توقعوا فيه ديمومة الصراعات المسلحة المستقبلية التي ستتخذ من الصراع بين الحضارات سببا في اشتعالها. فهي لم تعد صراعات بين الدول أو بين الشمال والجنوب أو بين الطبقات أو بين النظام الرأسمالي والشيوعية كما لن تتولد نتيجة اختلاف أو تضارب مصالح اقتصادية كما يظن أولئك الذين يؤمنون بنالظرية التي ترى بأن الهيمنة الاقتصادية سوف تحل محل الهيمنة السياسية.
عندما قام صامويل هنتنجتون بنشر مقاله الشهير لم يكن في نيته القيام بعرض مختصر لمعارفه التاريخية التي تراكمت عبر سنين من البحث بل كان هدفه الرئيس في هذا المقال هو إعطاء إجابة إستراتيجية للسؤال التالي: "كيف يمكن تقسيم العالم من اجل فرض هيمنة مطلقة عليه؟". ففي إجابته على سؤاله هذا يرى هنتنجتون إن أي صراع كان هو صراع قائم في ثلاثة حقول معرفية رئيسة على الأقل ولا يختصر على الحقلين الاقتصادي والاجتماعي فقط. وهذا النموذج يلزم الانتقال من النظر إلى الصراعات المسلحة على أنها صراعات تنحصر في الحقلين الاجتماعي والاقتصادي إلى النظر الى تعددية الحقول التي تتوالد فيها النزاعات ومنها الخلافات المناطقية. وهذا يولد بالضرورة صراعات تتسم بديمومتها نتيجة لتشابك المسببات وتعددها وتمددها في دهاليز التاريخ حيث تكشف عن نفسها في نزاعات مناطقية تؤكد دون شك أنها صراعات دائمة لا يمكن الفكاك منها وتجعل من الدولة القائدة ملتزمة بعدم الميل إلى طرف دون آخر وذلك لكثرة المتنازعين وعدم اختصار في طرفين واضحين فقط. هذا التصور يجعل من جيش الدولة العظمى غير ملزم بالضرورة بخلق تحالفات عسكرية بل عليه أن يقوم بمهمة الاحتواء لجميع المتصارعين ورسم مسارات الصراعات المستقبلية.
النواة الصلبة
جاء في دراسة صدرت في صيف سنة 2013 بالمنطقة العربية:
حين أعلن فوز الرئيس الأمريكى باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية استشعر رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية في مصر الخطر، ورغم أن أول اتصال هاتفى أجراه أوباما بعد تنصيبه كان مع حسنى مبارك رئيس مصر السابق حتى سنة 2011، فإن عمر سليمان كان مدركا أن وصول أوباما لحكم أمريكا يعنى أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على السيناريو الأسوأ، وحسب تعبير عمر سليمان فإن بارك حسين أوباما يمثل القلب الصلب داخل أمريكا وهو هنا يعني تلك العصبة التي تدير شؤون الدولة في أمريكا داخل المخابرات والبنتاغون والتى لا تتأثر بتغير الرئيس، مثل لهم باراك حسين أوباما الفرصة المناسبة تماما لذلك كان هناك سعيا لإنجاحه وهو ما أفصح عنه منافسه في الإنتخابات الرئاسية على إستحياء.
قبل وصول باراك أوباما للحكم كانت أمريكا قد قضت فترة تدخل عسكرية بأكثر مما ينبغي وعصبية بأكثر مما تحتمل وضرورية بأكثر من تملك الإدارة الأمريكية القدرة عليها، لكن تلك الفترة كانت قد انقضت تماما مع وصول باراك حسين أوباما للحكم فهو يملك الثلاثية التى تحدث عنها هنري كيسنغر وزير خارجية أمريكا السابق كثيرا في وصفه للرئيس الأمريكي الذي يمكنه أن يدير الشرق الأوسط، فباراك حسين أوباما مسلم في نظر البعض في الشرق الأوسط أو على الأقل هكذا أريد أن يروج له، وباراك حسين أوباما هو الرئيس الأسود الوحيد في الغرب ونحن هنا نتحدث عن الغرب بأكمله وليس عن الولايات المتحدة فقط وهو ما يمنحه تميزا فيما يخص مجتمعات الملونين سواء داخل أمريكا أو خارجها، وباراك حسين أوباما كان قبل إنتخابه أقرب المرشحين الرئاسيين لفهم رغبات وتوجهات القلب الصلب الأمريكي...لم تكن مجرد إستنتاجات من القلب الصلب الأمريكي لكنها كانت معلومات بحكم تعامل سابق بين الفتى الجامعي الأسود وكشافة القلب الصلب داخل الجامعة ..كانوا يعرفونه جيدا وكانوا قادرين على التأثير فيه وأيضا مساعدته.
خلال سنة 2013 صدرت في العاصمة الصينية بكين دراسة حول توجهات السياسة الأمريكية وترابط مشاريعها في الشرق الأوسط مع منطقة المحيط الهادئ وشرق آسيا، تقول الدراسة:
إن إضعاف الصين هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في المستقبل القريب، وأي وسائل يمكن تبنيها لتحقيق الهدف... ولسوف تركز الجهود الأساسية على مد تواجد الولايات المتحدة إلى منطقة آسيا - المحيط الهادئ... ولهذا سوف تقوم الولايات المتحدة بالانسحاب تدريجياً من "الشرق الأوسط".
لكن الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة لا تريد أن تتركه وحده خوفا من أن تقوم الصين، التي تكثف جهودها لتعزيز نفوذها في المنطقة، من ملء الفراغ بسرعة.
وإذا كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو ملء فراغ النفوذ السياسي على المستوى الإقليمي، فليست ثمة أداة أفضل من حركة الإخوان... فهم حاليا يحاربون النظام في سوريا، أي أنهم ينفذون مخططات الولايات المتحدة لخلق "شرق أوسط كبير".
وكما تقول صحيفة "الورلد تريبيون" الأمريكية، فإن إدارة باراك أوباما قررت أن الإخوان هم الذين يجب أن يحكموا في سوريا بعد إسقاط الحكومة السورية... ومبكراً في يوليو 2011، التقت هيلاري كلينتون بالإخوان السوريين ودعتهم للتعاون القريب مع تركيا بهدف التخلص من النظام القائم... هذه المنظمة تم "تعيينها" لتكون "معارضة ديموقراطية" للنظام في سوريا.
وقد أكد هربرت لندن، الرئيس السابق لمعهد هدسون، والرئيس الفخري الحالي لمركز الأبحاث الأنغلو - ساكسوني، بأن باراك أوباما قرر أن يعتمد على تركيا والإخوان فيما يتم خلق حكومة سورية ما بعد النظام الحالي، في كتابه المعنون: "الولايات المتحدة تخون المعارضة السورية".
في الواقع يفيد وجود الإخوان الراديكاليين مصالح واشنطن في جعل منطقة "الشرق الأوسط" أكثر "حيوية...
لقد بات واضحاً بشكل مطلق، على الأقل، بأن جزءا من النخبة السياسية للولايات المتحدة تسعى لدفع "الشرق الأوسط" للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد في زمن الأزمة الاقتصادية العالمية... والهدف هو حل مشاكلها الخاصة وتحويل اهتمام الرأي العام في الغرب بعيدا عن مشكلة انخفاض مستوى المعيشة ونوعية الحياة، لأنه بات من المستحيل المحافظة على "مجتمع الاستهلاك" بحالته السابقة بعد الآن.
أن حربا طويلة الأمد في الشرق الأوسط يمكن أن تعطي دفعة لازدهار الصناعة العسكرية للولايات المتحدة، وعندها يمكن لشركات الأسلحة الأمريكية، التي تمارس تقليديا تأثيرا كبيرا على واشنطن، أن تبيع الأسلحة للمتحاربين... وبدورها يمكن لحكومة الولايات المتحدة أن تصبح وسيطا في محادثات السلام التي تقوي مواقفها في المنطقة.
إن مجيء حركة الإخوان للسلطة في مصر سيؤدي إلى قلبها ضد روسيا والصين.... والقوقاز الشمالي، وما وراء القوقاز، وآسيا الوسطى، ومقاطعة شينجيانغ "اليوغور" الصينية المستقلة سوف تصبح كلها أهدافاً للإسلاميين الراديكاليين.
إن الفرع السوري للإخوان سبق له أن وصف روسيا والصين وإيران بأنهم شركاء في جرائم قتل المدنيين السوريين، متهماً إياهم بتقديم الدعم السياسي وإيصال الأسلحة للنظام في سوريا... وهذا يكشف بوضوح التوجه السياسي للإخوان ويظهر من يعطيهم الأوامر.
ويدرك الإخوان أن الأمريكيين يعتمدون عليهم ولسوف يبذلون قصارى جهدهم لإثبات أهليتهم لواشنطن.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.