تواصل الصحافة الفرنسية بمختلف تلويناتها خاصة السمعية البصرية حملة ممنهجة ضد المغرب، وأصبح بلدنا مادة مثيرة للشهية وللنجومية من لا يجدون مواضيع ترفعهم وترفع نسبة مشاهديهم، هذا دون أن ننسى دوافع أخرى غير مرئية، وما خفي أعظم، كما يقول المثل. فبعد الحلقة الخاصة التي خصصتها قناة فرانس 3 عن المغرب وقالت فيها ما قالت وبعد الاستضافات المثيرة لأشخاص لا يمثلون المغرب في شيء ليتحدثوا باسم المغاربة. ها هي قناة تي ف 1 الفرنسية تركب هي الأخرى موجة البروباغاندا وتخصص حلقة خاصة عن المغرب الذي وصفته بجنة منتجي القنب الهندي، وتتهم السلطات المغربية بالتواطؤ مع منتجي المخدرات، بل وتقدم أرقام العمولات التي يأخذها بعض رجال القوات العمومية من أجل إغماض العين عن زراعة المخدرات. هذه الهجمة تطرح عدة أسئلة حول توقيتها وحول جدواها. أولها ماذا قدم هذا البرنامج من جديد حول المغرب؟ هل زراعة المخدرات فيه شيء جديد؟ لا أحد يمكن أن يجيب بالايجاب فهي زراعة عرفها المغرب ويعترف بها المسؤولون بل وتناقش في البرلمان المغربي، وتعترف جميع الأطراف بما فيها الاتحاد الأوروبي أنها معضلة يجب التعاون مع المغرب للقضاء عليها، لأنها أصبحت آفة اقتصادية واجتماعية متجذرة لا يمكن القضاء عليها بين عشية وضحاها، ولعل أرقام تراجع زراعة القنب الهندي في المغرب توضح ذلك باعتراف المراصد والهيآت الدولية. وكذلك باعتراف أطراف أوروبية. ثم السؤال الثاني لماذا المغرب في هذا الظرف بالذات؟ لقد رأينا منذ أيام قليلة قناة فرنسية تستضيف الصحافية المبتزة كاترين غراسيي التي أتت إلى بلاتو البرنامج بدون حياء أو شعور بالخجل لتعترف أنها ضعفت أمام المال ولتعترف أنها مارست الابتزاز وذلك دون وازع أخلاقي، وكأن الأمر مشروع مادام الأمر يتعلق بالمغرب، هذا المغرب المحكوم عليه مسبقا، لذلك فكل ما يفترض في حقه جائز. من الافتراء والتشهير، واستقطاب كل فاشل ومتآمر لتمريره في القنوات الى استضافة سيدة مارست الابتزاز. والسؤال الأخير. لماذا المغرب بالضبط؟ إنه السؤال المحير لكن جوابه سهل، فهو البلد الذي بدأ يثير الانتباه ببروزه اقتصاديا وسياسيا وأمنيا على الصعيدين الإقليمي والجهوي، إلا أن جهات صحافية لا تريد تغيير صورتها عن المغرب وتلجأ باستمرار إلى استعمال تلك الصورة لتقديمها للجمهور الفرنسي الذي لا يجد ما يشغله في بلده سوى الالتفات إلى مشاكل بلدان أخرى. الصحافة الفرنسية كانت تتمتع بالمصداقية أيام كانت ملتزمة بالمهنية وبالأخلاق. لكن بعد أن ثبتت النوايا وسقط بعض أقطابها في مستنقع الابتزاز والوضاعة فلم يعد يهم ما تقول. والمغرب ماض في طريقه لا تهمه هذه المناوشات لأن المغاربة يعرفون أنفسهم ويعرفون مشاكلهم وهم وحدهم القادرون على حلها ولا ينتطرون حلولها من جهة أخرى أو ممن يستأجرون وينصبون أنفسهم معارضين.