حكم القضاء الجزائري سوم الثلاثاء المنقضي، بالسجن ستة أشهر بينها ثلاثة مع النفاذ على الداعية السلفي عبدالفتاح زراوي حمداش، الذي طلب إعدام الصحافي والكاتب كامل داود بتهمة "الكفر"، والاعتداء على الذات الإلهية. ويؤشر هذا الحكم على بداية تخلي السلطات الجزائرية عن الجماعات السلفية التي وظفتها في وقت سابق في مواجهة جبهة الإنقاذ المحظورة في فترة التسعينات، وأصبحت الآن عبئا عليها خاصة في علاقتها المتوترة مع المثقفين ونشطاء المجتمع المدني. وتقدم داود بشكوى "تهديد بالقتل" ضد زراوي الذي يقود حركة "الصحوة الحرة الإسلامية السلفية" غير المعترف بها رسميا، والذي دعا على صفحته على موقع فيسبوك على الإنترنت، السلطات الجزائرية إلى الحكم بالإعدام على داود وتنفيذ الحكم فيه علنا. وقال الكاتب الجزائري أزراج عمر "إن القضاء كما يبدو قد بدأ يعي بأن حرية التعبير في البلاد في خطر وخاصة بعد عودة بعض رموز الإسلام الأصولي إلى المسرح السياسي وإصدار فتاوى القتل ضد هذا الكاتب أو ذاك". وأضاف عمر، الذي أصدر دراسة ثقافية سياسية عن واقع تسييس الثقافة في الجزائر، في تصريح ل"العرب"، "إن رواية كمال داود عمل تخييلي وليس موقفا سياسيا من القرآن أو الرسول أو الخالق، وأن اعتبار العمل الأدبي وثيقة سياسية يمثل عودة إلى عصر محاكم التفتيش". وفسر الموقف السياسي بأن النظام الجزائري والقضاء، قد أدركا أن الأصوليين الإسلاميين يمهدون الطريق لخلق الفتنة من جديد ولو على صعيد ضرب المثقفين. ولم يكن الحكم على حمداش المؤشر الوحيد على رغبة السلطات في فك ارتباطها بالسلفيين، فقد رفضت استقدام الداعية السلفي السعودي محمد العريفي لإلقاء خطب في الجزائر. وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى إن وزارته "رفضت منح تأشيرة الدخول للداعية السلفي محمد العريفي، لتوفرنا على معطيات تفيد بضلوع المعني، في شحن الخطاب الجهادي والدعوي المتطرف في سوريا وبعض دول الربيع العربي". في هذا السياق، يعتبر مراقبون أن الجزائر متخوفة من اختراق داعش للجماعات السلفية التي تربت في حضن قصر المرادية، وأنها ربما تستعد من الآن لمواجهتها، وإعداد الرأي العام الجزائري لذلك من خلال الحكم على حمداش ورفض استقبال العريفي والتلميح إلى "دعمه لجبهة النصرة السورية المرتبطة بتنظيم القاعدة".