كشف تقرير فرنسي خلفيات استغلال إيران لموقف الجزائر من التحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده السعودية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، وتأثير هذا الموقف على مستقبل العلاقات الجزائريةالإيرانية من جهة و الجزائرية السعودية من جهة أخرى .. وجاء في تقرير تحليلي لموقع "موند أفريك" الناطق بالفرنسية ، والذي يديره الصحفي الفرنسي المخضرم نيكولا بو أن إيران تطمح لنفوذ أكبر في منطقة شمال إفريقيا مستغلة اتساع شرخ الخلافات بين الجزائروالرياض بسبب المواقف المتباينة للبلدين بشان التعاطي مع عدد من القضايا العربية والإقليمية، وهو ما كان سببا في عدم انضمام الجزائر للتحالف الذي شكلته الرياض لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية. و أبرز ذات المصدر أن الموقف الجزائري المتحفّظ من التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، وكذا التعاطي مع الأزمة السورية، قد أحدث حالة من الانجذاب لدى الطرف الإيراني تجاه نظام بوتفليقة ، في مسعى من الدولة الشيعية لتحويل الجزائر الى نقطة إرتكاز لتأثيرها السياسي بمنطقة شمال إفريقيا و الساحل الافريقي. وكانت طهران قد شرعت في تقارب مع كل من الرباط و الجزائر بهدف جس نبض الطرفين أيهما أقرب للتماهي مع أجندة الرئيس حسن روحاني , إلا أن موقف الرباط القريب من دول خليجية تناصب طهران العداء ، غير إتجاه قادة طهران نحو جمهورية بوتفليقة التي تفقد تدريجيا وزنها الدبلوماسي في الساحة العربية و الاسلامية. و إذا كان من المسلم به الاقرار بأن الجزائر تسعى من خلال التقرب لطهران دفع نظامه للاعتراف بالكيان الوهمي بتندوف، فإن إنخراطها الحتمي في حلف تقوده طهران مواز لتحالف الرياض يعتبر في نظر المتتبعين مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر و العواقب غير المحمودة ، لأن ذلك سيعتبر بمثابة دخول في نسق عزلة عربية و إسلامية طويلة الأمد سيفوت على نظام قصر المرادية العديد من الفرص و المكاسب التي ظلت تتحصل عليها منذ عقود نظير دورها داخل المجموعة العربية والاسلامية. فإذا كان لعمامرة يعول على الشراكة الاقتصادية مع ايران لانعاش خزينة الدولة الجزائرية المنهكة بالعجز فإنه في المقابل سيخسر موقع الجزائر داخل منظومة أوبيك التي تسيطر عليها مجموعة التعاون الخليجي, وسيدفع عددا من الأصول الخليجية لتجميد و نقل استثماراتها الضخمة من الجزائر و المقدرة بعشرات ملايير الدولارات وخاصة الواردة من الامارات و الدوحة، وهو ما سيمثل في منطق المصالح الاقتضادية نزيفا يفوق غلافه ال 400 مليار دولار ، مما يمثل لوحده كارثة مالية قد تعصف بما تبقى من مقومات الاقتصاد الجزائري المعتمد أساسا على الصناعة البتروكيماوية. ويبقى واجبا و مطلوبا من الدبلوماسية المغربية انتهاز هذه الثغرة الجاهزة والمشرعة في الجبهة الأمامية للجيران، من منطلق أن محور الجزائر / طهران يشكل خطرا استراتيجيا للمصالح العليا للمملكة في عدة واجهات.