بالرغم من كون المغرب يضم أكبر مساحة من غابات اﻷرز بين دول البحر اﻷبيض المتوسط بمساحة تتجاوز 134 ألف هكتار، باعتبارها كنزا وطنيا وإرثا إكولوجيا نفيسا يشكل مصدر رزق للساكنة وقطعانهم من جهة، ويعد عامل جذب سياحي بامتياز من جهة أخرى، بالرغم من كل ذلك فغابات اﻷرز و الصنوبر في الريف اﻷوسط المغربي بكل من جماعتي اساكن و كتامة بإقليم الحسيمة، والتي تنتمي إلى صنف اﻷرز اﻷطلسي المتميز بحجمه المتوسط من 30 إلى 40 متر، مع قطر جدعي يتراوح بين 1.5 و 2 أمتار ، تعاني من عدة مشاكل تهدد وجودها رغم صمودها في جبال الريف اﻷبية لقرون عديدة خلت... فالملاحظ في السنوات اﻷخيرة، أننا أمام تناقص كبير في مساحة غابات اﻷرز والصنوبر بالمنطقة، فبالإضافة إلى مشاكل التخريب واﻹتلاف و القطع و الحرائق العمدية التي غالبا ما تكون ﻷسباب بشرية معروفة مسبقا ، تفرض التغيرات المناخية الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري نفسها بشكل داهم وخطير، على الدورة الطبيعية لتكاثر اﻷشجار الصنوبرية بشكل عام وشجرة اﻷرز بشكل خاص، إذ أن تناقص كميات اﻷمطار وتأخر تساقط الثلوج، وتقلص الفترة الصقيعية، واجتياح فصل الخريف لفصل الشتاء وارتفاع درجات الحرارة، تشكل بيئة مناسبة لتكاثر الحشرات الخشبية المضرة ، وأبرزها ما يسمى بدودة الصندل (باربود )، التي تضع بيضها على اﻷشجار الصمغية لتفقس في نهاية شهر أكتوبر، وتخرج منها دودة تقوم بنسج خيوط حول براعم اﻷغصان وصولا إلى التربة، حيث تنسج شرنقة حول نفسها تخرج منها فراشة جديدة لتبدأ العملية من جديد في دورة متجددة تؤدي إلى موت بطيء وحتمي لشجرة اﻷرز المصابة وانتقال العدوى إلى البيئة المحيطة بها ...إذ أنه وكما هو معلوم ومجرب، فاﻹصابة تتجاوز اﻷشجار لتطال المواطنين القاطنين على مقربة من الغابة وبجوارها، كما هو الحال في مركز إساكن (المستوصف، الثانوية، اﻹعدادية) والدواوير المحيطة به!!! حيث تنتشر اﻷعشاش البيضاء كما هو ملاحظ في الصور المرفقة، ليحمل الهواء غبارها إلى المنازل والمساكن القريبة، مما يسبب مشاكل وعوارض صحية طارئة، تتمثل في حساسية مفرطة في العيون وحكة شديدة في البشرة وضيق حاد في التنفس، يستدعي معه اﻷمر تدخلا طبيا عاجلا تجنبا لمضاعفات أخطر لا قدر الله....لذلك نهيب بكل المتدخلين والفاعلين المحليين و اﻹقليميين من إدارة المياه والغابات وسلطات محلية، ومجلس جماعي ومجتمع مدني ، التدخل سريعا ﻹيجاد حلول ناجعة و فعالة، تقتضي على سبيل المثال تشكيل فرق ميدانية للمكافحة تعتمد باﻷساس على عمليات التقليم و استئصال اﻷشجار واﻷغصان المصابة وحرقها، وطمر رمادها بالتراب كمرحلة أولى، ليتم اﻹنتقال بعدها إلى عمليات الرش بالمبيدات عبر المروحيات واﻵليات المعدة خصيصا لذلك.. فالغابة ثروتنا ورئتنا التي نتنفس منها، وجب ويجب علينا حمايتها والحفاظ عليها.. « الغابة نعمة فحالها فحال الدار ».