تكتظ المدن المغربية بردود الفعل الغاضبة تجاه العدوان الاسرائيلي الغاشم ضد شعبنا الفلسطيني في غزة الجريحة، وهي ردود تترجم إرتباط كافة شرائح الشعب المغربي بهذه القضية المركزية التي اعتبرت على الدوام قضية وطنية رئيسية قبل أن تكون قضية قومية. ومهم جدا أن نسجل أن كل فئات الشعب المغربي هبت لنصرة الشعب الفلسطيني في هذه المحنة الجديدة التي تستهدف كيانه وهويته وحضارته، من عمال وطلبة وتلاميذ وموظفين وعاطلين، من نساء ورجال وشيوخ وأطفال، الذين انتشروا في مدن صغيرة وكبيرة معبرين عن سخط الشعب المغربي قاطبة إزاء محرقة غزة الرهيبة، وهذه ظاهرة تزيدنا اعتزازاً لأن دم العروبة والاسلام والأمازيغ لايزال يسري بقوة في جسد هذا الشعب. ويهمنا كثيرا أن يؤثي هذا السند ثماره بأن يظهر للعالم بأسره خصوصا للقوى العظمى المساهمة فعليا في هذه المحرقة بأن الشعب الفلسطيني ليس وحيدا في مواجهة العدوان، بل إن الشعب المغربي، رغم بعد المسافة، يصطف الى جانبه مساندا وداعما ومدافعا عنه، وبأن يشعر الشعب الفلسطيني بأن قضيته في وجدان الشعب المغربي والشعوب العربية والإسلامية قاطبة. ونحن هنا ندعو الى ترجمة هذه المساندة من خلال تفعيلها بمبادرات فعلية وحقيقية تصل حد الدعم المالي واللوجستيكي والإعلامي، وهذه مسؤولية الإطارات السياسية والنقابية والحقوقية والثقافية والنسائية المغربية. إلا أننا كغيورين على أن يبقى هذا الدعم وهاجا متقدا يشع ببريقه الوضاء وهذا يفرض أن تبقى ردود الفعل الغاضبة والساخطة في إطارها الصحيح والسليم، ولا يقبل أن تتحول لمطية لتمرير ممارسات تضر بالقضية الفلسطينية. إن قوة هذا الدعم ومصداقية هذه المساندة يجب أن تترجم من خلال ممارسات ناضجة، بأن تكون شوارعنا فضاءات للتعبير عن ذلك في إطار من المسؤولية، لا أن تتحول إلى حصان طروادة للإضرار بالقضية الفلسطينية، وهذا حديث بقدر ماهو موجه إلى الجماهير المغربية المنتفضة فإنه موجه أيضا لقوات حفظ الأمن بأن تحرص على تجنب كل ما من شأنه إثارة الاستفزاز مما يهدد بتطور الأمور إلى مالا يريده أحد منا. ما حدث في مراكش لا يمكن أن يمر في صمت بما يشبه التآمر على القضية المركزية، لذلك وجب إثارة انتباه كافة الأطراف إلى أن القضية الفلسطينية والمحرقة الرهيبة التي يتعرض لها شعبنا هناك ليستا صالحتين لأي شكل من أشكال المزايدة والاستغلال السياسي بما يضر بجوهر القضية. إن اعتزاز المغاربة جميعا سيكون أعظم وأقوى حينما يكون التعبير بالتظاهر في إطار ناضج ومسؤول يبرز قوة هذا الشعب في إبداع أشكال المساندة والدعم. إن الجميع يتفهم الحالة النفسية لكل فرد من الشعب المغربي وهو يعاين ويرى حجم المحرقة التي يمارسها العدو بكل إطمئنان وببرودة أعصاب تؤكد الاحترافية الإجرامية والإرهابية لهذا العدو، ومما يزيد هذه الحالة استعصاء المواقف المتخاذلة والمخزية للقوى العظمى في العالم، ومن الطبيعي أن تكون جميع أرجاء الوطن فضاء للتعبير عما يختلج شعبنا من جراء ذلك، وهذه حالة ليست قابلة للتوظيف والاستغلال. فشعبنا ناضج ومسؤول ويعبر بكل تلقائية عن دعمه الكامل في إطار ذلك.