في خطوة تحمل دلالات سياسية وإقتصادية وإجتماعية عميقة وتنطوي على حمولة تاريخية تؤسسها رمزية المكان والزمان معا إختار جلالة الملك عاصمة الأقاليم الجنوبية للمملكة العيون وموعد الذكرى الأربعين لتخليد حدث المسيرة الخضراء المظفرة ليعطي الانطلاقة الفعلية للتنزيل الميداني والأجرأة الرسمية للنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية للمملكة و الذي يشكل ورشا من أوراش الجهوية المتقدمة التي تحولت من مجرد مساطر ومشاريع قوانين و تصورات الى حقيقة معاشة و ملموسة على أرض الواقع بمؤسساتها التي تفرزها صناديق الاقتراع الديمقراطي الشفاف واختصاصاتها التي حددها التطور الذي شهده البناء الديمقراطي المسترسل لمؤسسات الدولة خلال العشرية الأخيرة. جلالة الملك ذكر بمختلف الأوراش المهيكلة و المشاريع المذرة للثورة التي شهدتها و تشهدها أقاليم الجهات الثلاث للصحراء المغربية، و شدد على أن الدولة إحترمت كل إلتزامتها تجاه ساكنة هذه الأقاليم فوفرت لهم كافة شروط العيش الحر الكريم، ومكنتهم من تدبير شؤونهم المحلية عن طريق ممثليهم في الهيئات المنتخبة بعد أن جمعتهم في إطار الوطن الموحد بمقومات المواطنة الكاملة. الدولة عملت على تخصيص غلاف مالي بقيمة 77 مليار درهم لتمويل المشاريع التي يتضمنها النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة الذي أعلن عنه جلالة الملك، و بذلك تضع الانطلاقة الميمونة لهذا النموذج التنموي من أقاليم الجهات الجنوبية للمملكة هذه المنطقة في مقدمة جهات المملكة التي تستوعب و تترجم فعليا مقومات الجهوية المتقدمة فضلا عن أنها ستكون سباقة في ممارسة مبادىء الحكامة الترابية التي يوفرها قانون الجهات المصادق عليه ببرلمان الأمة بعد أن كان من لبنات الدستور الجديد للمملكة الذي تبناه استفتاء 2009 الشعبي. إن إشراف جلالة الملك أول أمس السبت بالعيون شخصيا على توقيع خمس إتفاقيات تتعلق بالتزامات الدولة المرتبطة بالدعم المالي لجهات الجنوب الثلاث و عقود البرامج الملحقة بها و التي تغطي العديد من القطاعات ذات الطابع الاجتماعي و الاقتصادي و البنيوي من شأنه أن يعبد الطريق لتتحول أقاليم الجنوب المغربي قاطرة محورية للتنمية تربط شمال القارة بجنوبها و توفر الاطار الأمثل للمبادرات التي من شأنها إغناء رصيد المنطقة و تثمين ثرواتها و مؤهلاتها . إن هذا التقدير الخاص التي تحظى به هذه الجهات العزيزة من الوطن في هذه اللحظة و المرحلة يمثل سياسيا الجواب الصارم لكل من يغدي نار التفرقة و الانفصال و يوقع على فشل مشروعه المبني على أهداف التخلف و التبعية و التقوقع في الوقت الذي يوفر النموذج التنموي المغربي كل شروط إنضاج و الدفع بمسارات التنمية المتواصلة والحثيثة التي تشهدها منذ ثلاثة عقود جهات الصحراء و التي تمثل لبنة اجتهاد وتضحيات جيل من المغاربة الوحدويين.