وجد التنظيم الذي يسمى نفسه ( الهلال الأحمر الصحراوي ) مجبرا على الكشف على جزء من الحقائق الخطيرة جدا المرتبطة بأوضاع اللاجئين الموجودين في مخيمات الرابوني خصوصا ما يتعلق باستفادة هؤلاء اللاجئين من الغذاء و الأدوية ، و اضطر رئيس هذا التنظيم إلى استجداء الدول المانحة و المنظمات الإنسانية و جمعيات المجتمع المدني للإسراع في ضخ مساعدات جديدة بصفة استعجالية لتغطية ما سماه " الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية للفترة المتبقية من سنة 2015 " و تشير المعطيات التي أقلقت القيادة الخالدة لجبهة البوليساريو الانفصالية إلى أن كمية المساعدات التي تقدمها الدول المانحة ، و غالبيتها من الدول الأوربية و المنظمات الدولية و المجتمع المدني ، تراجعت بشكل كبير بعد الكشف قبل شهور قليلة عن تقرير للإتحاد الأوربي جاء فيه أن أشخاصا من قيادة البوليساريو الإنفصالية يقومون بتحويل وجهات المساعدات الإنسانية المخصصة للاجئين إلى حساباتهم الخاصة ، و تفيد هذه المعطيات أن نسبة التراجع تجاوزت العشرين في المائة و أن هذه النسبة مرشحة لارتفاع مهول خلال الأسابيع القليلة القادمة إذا لم يكن هناك أي تدخل . و توضح هذه المصادر إن هذا التراجع في المواد الإستهلاكية تسبب لحد الآن في إصابة 25 بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة بسوء التغذية المزمن و أن أكثر من خمسين بالمائة من النساء الحوامل و النساء المرضعات في هذه المخيمات يعانين من فقر الدم . و أضافت هذه المصادر أن الاحتياجات الإنسانية للاجئين في هذه المخيمات تقدر بالنسبة للفترة المتبقية من سنة 2015 بستة ملايين دولار أمريكي فيما يتعلق بالتغذية فقط بينما تصل بالنسبة إلى مجالات أخرى كالماء و الأدوية و المعدات و الوسائل الدراسية الأساسية و وسائل النظافة إلى خمسة ملايين دولار ، بما يعني أن الوضع يتطلب ضخ و بصفة إستعجالية أكثر من 11 مليون دولار لتمكين اللاجئين هناك من ضمان الحدود االدنيا للعيش . و يمكن القول إن ما كشف عنه المسؤول في الجبهة الإنفصالية في هذا الصدد يؤشر على معطيات أخرى خطيرة ذلك أن الجبهة الإنفصالية لم تعتاد في سابق الأزمنة الإعلان عن إستجداء بسبب الدعم المالي الجزائري السخي ، ذلك أنه كل ما سجلت حالة عجز في السابق كانت تتدخل الحكومة الجزائرية بضخ المبالغ المطلوبة ، و حينما تخرج العلاقة بين البوليساريو و الجزائر عن هذه القاعدة و تضطر قيادة البوليساريو الإنفصالية إلى مد يدها للتسول و الإستجداء فإن ذلك يعني أن الحكومة الجزائرية عجزت هذه المرة - و ربما لأول مرة - عن الوفاء بالغرض و السبب واضح يكمن في الأزمة المالية الخانقة التي يمر منها الإقتصاد الحزائري بسبب التراجع المهول في المداخيل المتحصلة من عائدات تصدير المحروقات التي تعرف أسعارها تراجعات مهولة في الأسواق العالمية ، و قد تكون هذه مجرد بداية في مسلسل تراجيدي إنساني ستعرفه مخيمات الرابوني . كما أن ما كشف عنه المسؤول في الجبهة يفجر فضائح من العيار الثقيل ، ذلك أنه في الوقت الذي تعترف فيه القيادة الخالدة بالتراجع المهول في المساعدات الإنسانية مما ينعكس بشكل مباشر و خطير على أوضاع و أحوال اللاجئين في المخيمات فإن عناصر هذه القيادة يواصلون تبذير الأموال و بسخاء على رزمة من الإنفصاليين في داخل التراب المغربي و في أصقاع كثيرة من المعمور و في التمتع بالسفريات و الإقامة في فنادق الخمسة نجوم على حساب آلام و معاناة لاجئين لا يملكون الحرية في تقرير مصيرهم.